أصلُ الحكايةِ .. في حقلِ الطماطمِ.. كتبتها: أميرة غريب

أصلُ الحكايةِ .. في حقلِ الطماطمِ.. كتبتها: أميرة غريب

رسمها: عمرو أمين

يعيش فلاحٌ اسمُه شوقي في قرية نائية. كان شوقي يوفر كلَّ ما يستطيع ليتمكن ابنه الوحيد مجدي من اكمال دراسته. وكلما تكاسل مجدي عن الذهاب للمدرسةِ، قال له والده:

«الدراسة قد تكون صعبة يا ولدي مجدي، لكن الأصعب أن تمارس الفلاحة معي وأنت غير مستعد لها. أنا أعملُ ليلاً ونهارًا كي أوفِّر مالاً لتكون أنت قادرًا على إكمال دراستك. أريدُك أن تصبح مهندسًا زراعياً، لتعالج الأرض إذا مرضت، أو أن تكون طبيبًا لتداوي أهل قريتك إذا أصابهم السقم. ذاكر يا ولدي، فمن جدَّ وجد».

ذات نهار، نام الفلاح شوقي، ونسي أن يقطع المياه عن حقل الطماطم. وحين استيقظ اكتشف أن الثمار الحمراء الناضجة التي وجب قطفها ووضعها في الأقفاص، لم تكُن كلها صالحة..

قال شوقي لنفسه: «لن يضير المشتري أن يجد ثمرتين أو ثلاث ثمار من الطماطم وقد أصبحت طرية. سأضعها في أسفل القفص، ولن يراها أحد!».

في سوق الخضار استطاع الفلاح شوقي أن يبيع الأقفاص كلها. وقد عاد فرحًا بما حصل عليه من نقود. في الصباح أيقظ ابنه مجدي، وأعطاه مصروفه، وتمنى له النجاح، قبل أن ينطلق مجدي في طريقه المعتادة إلى المدرسة.

كان منصور أحد المشترين لأقفاص الطماطم التي باعها شوقي. يمتلك منصور مصنعًا صغيرًا لتحويل الطماطم إلى عجينة خاصة يضعها في علب الصلصة وزجاجات الكاتشب، بعد أن يضيف إليها الملح والتوابل الخاصة.

رأى منصور أن بعض الطماطم قد فسدت. كانت الطماطم الطرية قد أثرت بالسوء على الطماطم الأخرى. وكان يجب على منصور أن يرمي الطماطم، لكنه رأى أنه سيخسر مالا كثيرًا. فقال لنفسه:

«لن يحدث شيء لو كانت بعض الطماطم طرية أكثر من اللازم. سيضيع طعمها الفاسد وسط طعم الطماطم السليمة الأكثر. سأصنع بضاعتي وأذهب بها إلى مخبز فطائر البيتزا. البيتزا تستهلك بسرعة».

بعد أيام، كان صاحبُ مصنع البيزا قد اكتشف أن طعم الصلصة والكاتشب أقل جودة مما تعود عليه الزبائن. ولخشيته أن تفسد الفطائر، أرسل العمال عنده ليبيعوا الفطائر في المطاعم والمدارس والملاعب المجاورة. لم يستطع الفتى مجدي ابن الفلاح شوقي أن يقاوم رغبته في التهام فطيرة بيتزا...

ولكن! بعد نصف ساعة من تناول البيتزا، سقط مجدي متألماً ممسكاً ببطنه. كانت معدته قد تأثرت بالكاتشب الفاسد والصلصة المعطوبة. وقد استطاع طبيب المدرسة أن يقوم بغسل معدته ويطهرها من آثار البيتزا الفاسدة.

جاء المحقق للمدرسة، وقد أمسكوا ببائع البيتزا الذي قادهم إلى صاحب مصنع الصلصة والكاتشب. وقال منصور صاحب المصنع إن الفلاح شوقي هو السبب لأنه باعه الطماطم الفاسدة. وحين تم التحقيق مع الفلاح اعترف بخطئه وقال للمحقق:

«لقد عاقبني الله، سبحانه وتعالى، فقد أصاب التسمم ولدي الوحيد مجدي. سامحوني أيها الإخوة».

أفرج المحقق عن الفلاح بعد تعهده بألا يكرر جريمته ببيع طماطم فاسدة. وقال المحقق لخباز البيتزا وصاحب مصنع الكاتشب والفلاح زارع الطماطم:

«اذكروا قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، من غشنا فليس منا».

 


 

أميرة غريب