الصبي الطائر

الصبي الطائر

رسوم: حلمي التوني

لم يكن في نية جلال أن يخفي الأمر عن أصدقائه مع أن الأمر كان يخصه هو وحده ... لقد كان اختراعه الذي تعب عليه تعبًا شديداً، لكنه في نفس الوقت يجب أن يشاركه أصدقاؤه في «جمعية المخترعين» الفرحة، فقرر أن يجمع أصدقاءه ويحكي لهم القصة من البداية وبدأ جلال الحديث:

«كنت دائما أقرأ قصة عباس بن فرناس وأحلم بالطيران وأن أنجح فيما لم يستطع ابن فرناس في تحقيقه».

قاطعه صديقه عماد: «لكن الطيران أصبح شيئا شائعا ولم يعد صعبا نحن نسافر بالطائرات بل وتمكن البشر من ارتياد الفضاء بالسفن الفضائية التي نسمع عن رحلاتها المختلفة».

قال جلال مبتسما: «لكن اختراعي هو جهاز طائر شخصي يمكنك من الطيران بمفردك كأنك تمتلك جناحين ويسهل عليك التحرك والتنقل وسط المدينة أثناء ذروة الازدحام المروري».

تشوّق كل الأصدقاء لرؤية هذا الابتكار المدهش وسأل البعض في دهشة عن وزن الاختراع، وعن الوقود المستخدم فيه، وعن سرعة الجهاز.

قال جلال : مهلا.. مهلا يا أصدقاء سأقول لكم كل شيء أنا أدرك أنكم كأعضاء في جمعية المخترعين لديكم أسئلة واستفسارات كثيرة لكن قبل كل شيء دعونا نلتقي بالأستاذ خالد حتى أعرض أمامه وأمامكم ما توصلت إليه ونفتح باب المناقشة، واتفق الجميع على أن يكون اللقاء بعد ساعتين في فناء جمعية المخترعين.

توجه جلال إلى منزله ليجهز اختراعه ليراه الجميع بمن فيهم الأستاذ خالد فلا شك أن رأي الأستاذ خالد سيكون له أهميته، كان جلال قد وضع اختراعه في غرفته، بحث جلال عن الجهاز ولم يعثر عليه، بحث كثيرا رغم أن الغرفة ليست كبيرة ولكنه اندهش وغضب وفجأة سمع صوت أخيه يضحك في شرفة المنزل أسرع إلى الشرفة ليجد أخاه الصغير جاسر يرتدي الجهاز ويربط أحزمته استعدادا ليضغط على الزر الأحمر المكتوب عليه «تشغيل»، اندفع جلال بسرعة ليوقف أخيه الصغير بل ليوقف كارثة كانت على وشك الحدوث، وقال لأخيه: «هل هذا تصرف صحيح يا جاسر؟ كيف تدخل غرفتي وتعبث في أشياء تخصني؟ لقد كنت على وشك أن تسبب كارثة لا يعلم عواقبها إلا الله»!

قال جاسر: «لا تخف يا أخي لقد قرأت المذكرة التي وضعتها بجانب الاختراع وكنت على وشك تجربة هذا الابتكار.. قال جلال: «كيف ذلك؟ حتى لو افترضنا أنك نجحت في تشغيل الجهاز كيف سيمكنك إيقافه؟ ليكن ذلك سلوكك فيما بعد يا جاسر لا تستخدم شيئا لا يخصك قبل أن تستأذن من صاحبه»..

اعتذر جاسر من أخيه جلال وذهب الاثنان لتقديم الاختراع الجديد في ساحة جمعية المخترعين حيث كان الجميع محتشدين وفيهم الأستاذ خالد الذي كانوا يطلقون عليه «أبو المخترعين».

لم يضيع جلال الوقت بل توسط الساحة وفتح حقيبة صغيرة أخرج منها جهازا لا يزيد حجمه على حجم الحقيبة المدرسية الصغيرة وثبت أحزمته على كتفيه وثبت الأزرار وضغط على زر التشغيل ليرتفع من على الأرض طائرا حتى صار محاذيا لأعلى البناية ثم بدأ النزول التدريجي وسط تصفيق وتهليل الجميع وتوجه جلال ناحية أستاذه الذي هنأه وقال:

«أنا لا أهنئك على فكرة الاختراع فقد تمت اختراعات كثيرة تعتمد على فكرة الدفع الصاروخي لكن أنا سعيد بما أضفته!».

اندهش الجميع وطلبوا من الأستاذ خالد أن يوضح لهم الجانب الذي أثار إعجابه فقال الأستاذ خالد:

«إن الاختراع يحاول حل مشكلتين : الازدحام المروري والأخرى أنه لم يعتمد على الوقود العادي بل على الطاقة الشمسية وبالتالي يضمن استمرار طاقة الشمس هذه الطاقة النظيفة التي وهبها الله سبحانه وتعالى للبشر حتى يستفيدوا بها».

وسط سعادة الجميع شعر جلال بالفخر وصمم على الاستمرار في التفكير في مخترعات جديدة.

 


 

أحمد عبدالعزيز