الأطفال الفلسطينيون يعزفون رغم الحصار!

الأطفال الفلسطينيون يعزفون رغم الحصار!

كانت البداية منذ عقد من السنوات، الذي بذرت فيه البذور الأولى بين وزارة التربية والتعليم العالي ومؤسسة صابرين للتطوير الفني التي نعرفها من فرقة صابرين الفنية ذات المستوى المتقدم والوطني في الموسيقى والغناء.

ومن يومها ونحن نلاحظ ونتابع هذه الشراكة الفاعلة، بين التربية والموسيقى، التي كانت تؤتي نتاجاتها في كل ربيع، حيث لم يكن الزهر هو الذي يتفتح في الحقل فقط، بل والمواهب الفنية أيضا عزفا وغناء ورقصا.

وقد شهدنا تطويرا في التعاون، وذلك بتدريب معلمي الموسيقى على تشكيل وقيادة الجوقات الغنائية، تدريب معلمي الموسيقى على إخراج العروض الفنية، في حين كان دليل التربية الموسيقية خطة عمل واضحة المعالم، فعند تطبيق معلمي الفن في المدارس الفلسطينية هذا الدليل المرفق مع شريط كاسيت تعليمي يوضحه يمكن الحصول على مخرجات تعليمية فنية تملك المهارات الأولية اللازمة للتعامل مع الموسيقى إبداعاً وعزفاً وتلقياً وثقافة. كما عمدت مؤسسة صابرين بالتعاون مع شركائها التربويين إلى تطوير مهارات الاستماع والتعرف على الآلات الموسيقية لدى النشء، من خلال كاسيت تعليمي موسيقي بعنوان «اسمعوني بتعرفوني».

كل هذه النشاطات كانت تؤدى من قبل معلمي المدارس، بعد أن يتم تدريبهم ومتابعتهم وتزويدهم بالمصادر الموسيقية وببعض الآلات أيضا.

غناء الأطفال عن آلام الوطن!

«ما اقدرت أوصل زيتون الجبل.. أرض الجبل صارت علينا محرمة».

مقطع غنائي يحاكي قالبا لحنيا من التراث الغنائي الفلسطيني غناه أحد أطفال نابلس، في سياق توظيف الفلكلور الفلسطيني للتعبير عن حال الشعب الفلسطيني تحت الحصار.

وقد بدأ العرض بمقدمة عزف إيقاعات موسيقية ممتعة لفتت نظر الجمهور للأسلوب الذي يتم التعامل به مع تعليم الإيقاعات، من حيث الخفة والرشاقة واستخدام مواد بيئية من براميل وغيرها، إضافة لأدوات الإيقاع المعروفة، وقد نالت استحسان الصغار والكبار، كونها قامت على الإيقاع الجماعي، والفردي، وما يشبه القيادة الموسيقية، وتبادل أدوار القيادة، بأن يسلم طفل إشارة البدء لزميله، إضافة لوجود ألحان معينة، تم تنفيذها عبر التوزيع الموسيقي الذي أشرك المشاركين معا، أو كل مجموعة على حدة داخل الإطار الموسيقي الواحد.

بعد ذلك بدأ عرض اللوحات الموسيقية والغنائية بمصاحبة الدبكة الشعبية، حيث بدا أن هناك خيطا دراميا رفيعا يشد العرض، على مستوى الموسيقى، وعلى مستوى وحدة مكان الوطن وتاريخه النضالي وارتباطه القومي.

فقد ظهرت عريفة الحفل كأنها تروي قصة الوطن جماليا، من خلال مخاطبتها طفلة عن قصة شجرة التوت في إشارة رمزية لحكاية الوطن. ثم تتالت اللوحات القادمة من محافظات فلسطين، كأن كل لوحة تسرد عن مكانها، فهذه جنين وتراثها الشعبي واليرغول، والدبكة، وأغنية «اسمك فلسطين» التي أبدعت الجوقة في أدائها خصوصا في الغناء الفردي لطالبة تجلت موهبتها ليس في الغناء، بل في الحضور على خشبة المسرح بثقة.

ثم ها هو فلكلور نابلس الذي ينتصر لشجر الزيتون والغناء المتمكن للقوالب اللحنية، وجذبها للجمهور في استخدامها للتعبير عن قضايانا المعاصرة، تعبيرا عن معاناتنا تحت الاحتلال:

«يا زيتون يا مزين ديرتنا قطعوك الأعادي يا زيتون».

ثم راح الشاعر يسخر من الاحتلال الذي ينتسب الى عالم الحضارة.

وقد سرد أطفال بيت لحم معاناة الأسر الفلسطيني الذي يشكل مفصلا مهما من حكاية فلسطين المحتلة، من خلال أغنية «أنا إنسان» والتي تعد من أهم أغاني فرقة صابرين، حيث استلهم نادي الموسيقى هذه الأغنية من تراث فلسطين الموسيقي المعاصر.

أما القدس فقد ظهرت هنا من خلال لوحة شجن، تم استخدام العزف الشرقي، مثل القانون، تعبيرا عن حالة القدس، كمركز الشرق، ومكان شجن ومعاناة، وقد نجح مخرج العرض في جعلها تروي عن معاناتها من جهة، وعن ارتباطها العربي والشرقي عبر الموسيقى الشرقية كوسيلة مقاومة للتهويد.

ثم كانت لوحة غنائية تستخدم الكمنجات التي أضفت بعدا جادا، لما أظهرته من مهارة عزف الطلبة لهذه الآلة الموسيقية، فلوحة الموشحات الأروع التي كانت الإطار التراثي العربي الذي تنتمي له فلسطين:

«الأغاني أغانينا والليالي ليالينا ومكان لنا عند كرم الهوى».

وقد تتالت لوحات العرض المتنوعة ما بين الوطني والفلكلوري والشرقي والتعبيري، حيث عكست اللوحات في تنوعها الموسيقي هوية مؤسسة صابرين للتطوير الفني، التي تعرف الطلبة على الموسيقى الوطنية والعربية والشرقية، بشكل عام؛ فقد ابتدأ العرض بلوحة إيقاعات، فلوحة محبة للوطن تعانقت فيها الموسيقى والدبكة، فدبكة طيارة، ثم لوحة شرقية من الموشحات (اه يا زين العابدين) فعودة إلى الموسيقى الفولكلورية في عدد من اللوحات.

 

 


 

إعداد: تحسين يقين