مبدعو الغد.. سرّ الشجرة العجيبة

مبدعو الغد.. سرّ الشجرة العجيبة

في ليلة من ليالي الصيف شديدة الحرارة اكتمل فيها البدر فأنار السماء القاتمة والمحلات بنجوم تناثرت كلآلئ على امتداد النظر وهبّ نسيم حاملا معه عطورا زكية مختلفة من ياسمين وعنبر فرسم بذلك أجواء حالمة تحث على السّمر وتبادل الحكايات فقرّر أطفال الحي الخروج للحديقة العمومية.

هذه الأجواء المنعشة شجّعت الأطفال على تبادل الحكايات الممتعة ومن حكاية لأخرى روى أحدهم قصة خيالية. في سرد هذه القصص خيّل إليهم أنهم رأوا شجرة تهتز وتتمايل فقال أحدهم: «انظروا إلى تلك الشجرة، إنها تقترب منّا!».

فقال آخر وهو يضحك مستهزئا: «إنك اندمجت فيما كنّا نروي فظننت أنها حقيقة».

فصاح ثالث وقال: «إنه عفريت! عفريت! سارعوا بالهرب..».

عندها هبّ الجميع بفزغ متفرقين داخل أرجاء الحي لا يلوون على شيء سوى الهرب والاختباء من هذا العفريت فتراهم تداخلوا الواحد بالآخر ولم يعرفوا إلى أين المفرّ فكلما ظن أحدهم أنه وجد السبيل للخلاص حتى عاد إلى النقطة نفسها كأنه وقع في متاهة لايجد سبيلا للخلاص منها فدب الذعر في نفوسهم وتسارعت دقّات قلوبهم واصفرّت وجوههم وجف ريقهم وتجمّد الدم في عروقهم حتى أنهم أيقنوا أنه الهلاك ولا مفر.

فجأة توقفت الشجرة العجيبة بعد أن حاصرت الأطفال بمكان أرادته أن يكون النقطة الأخيرة التي تكشف فيها عن نفسها.

وتبرز لهم وجه العفريت الذي كان يطاردهم فكانت المفاجأة كبيرة وكان وقعها في نفوسهم غريبا وهو الضحك حتى القهقهة إذ انقلب رعبهم وفزعهم إلى فرح وارتياح!

يا للغرابة لم يكن العفريت سوى أخ أحد المتسامرين متخفيا وراء كرتون على شكل شجرة جعلها تبدو كأنها حقيقة أراد الخروج مع أخيه فمنعه هذا الأخير بصرامة فأراد الانتقام منه بهذه الخدعة التي كانت أحلى طريقة لوداعهم تلك الليلة المقمرة ليلة من ليالي الصيف الحالمة ويا لها من ليلة.

نور ونسيم المعاوي
تونس