سيزان في ضيافة بوشكين بموسكو.. أحمد واحمان

سيزان في ضيافة بوشكين بموسكو.. أحمد واحمان
        

          صديقي العزيز أنور.

          لك مني أزكى التحيات أنت وأفراد أسرتك الكريمة.

          أبعث لك بهذه الرسالة من مدينة «موسكو» حيث أقضي إجازتي الصيفية في ضيافة عمي مصطفى الذي يشتغل في العاصمة الروسية، لم تكن هذه الرحلة منتظرة بل شكلت لي مفاجأة سارة أراد عمي أن يكافأني من خلالها على المجهودات التي بذلت خلال السنة الدراسية والرتبة العالية التي أحرزتها في الثانوية، وقد تكفل بترتيب كل إجراءات السفر، وأعد لي برنامجا سياحيا ممتعاً ومفيداً سيمكنني من التعرف على المعالم التاريخية لهذا البلد والاطلاع على بعض من جوانب حضارته العريقة وتراثه الغني وعادات وثقافة أهله، وعلى ما وصل إليه من رقي وتقدم خصوصاً أن روسيا تعد من الدول العظمى حاليا.

          لقد تمكنت من زيارة بعض المعالم بهذه المدينة الكبيرة العاصمة موسكو التي وصل تعداد سكانها إلى نحو 14 مليون نسمة، ومن جملة ما زرت: «الساحة الحمراء» التي يوجد بها مقر الحكومة الروسية وكانت سابقا تسمى «الكرملين» (Kremelin) التي يرجع بناؤها إلى القرن الخامس عشر، وكانت مكان إقامة القياصرة الروس، وضريح «لينين» قائد الثورة الروسية البلشفية، ومكتبة «لينين» التي تعتبر من أكبر مكتبات العالم.. وبالأمس زرت أحد أشهر المتاحف الروسية وأكبر متاحف الفن الأوربي بها الذي يحمل اسم أحد أعلام الأدب الروسي المعاصر «ألكسندر بوشكين» (Alexandre Bouchkine)

          (1799 - 1837)، وهو في الواقع معهد للفنون الجميلة، وازدادت أهميته عندما تم نقل مجموعة من اللوحات الغربية إليه، وخصوصا الفرنسية، ويضم 54 لوحة لأشهر الرسامين الفرنسيين: موني - رونوار- ماني - كوكان - دنيس وسيزان... إلا أن أجمل اللوحات التي أعجبتني وأثارتني هي لوحة لـ «بول سيزان» (Paul Cézanne): «المهرجان» التي أنجزها سنة 1888، زيت على قماش (100 × 81 سنتيمتراً) التي أبعث لك صورة لها ابتعتها من كشك في بوابة المتحف مع كتيب يحمل سير حياة الرسامين الذين تعرض لوحاتهم في هذا المعرض بالإضافة إلى ملصق لتخليد الذكرى المئوية لوفاة «بول سيزان».

          ولأشبع فضولك، أعطيك نبذة من حياة هذا الفنان الذي تعرفت عليه من خلال هذه الزيارة، إذ ولد في 19 يناير 1839 (جنوب فرنسا)، ويعتبر أكبر أبناء والده «لويس أوكيست» الذي كان مديرا للبنك الوحيد المحلي بهذه المدينة، وكان أمله أن يحذو ولده حذوه في دخول عالم المال والأعمال. دخل إعدادية «بوربون» وعلى كراسي الدراسة بها تعرف على الأديب الفرنسي «إميل زولا» (Emile Zola)، وتوطدت منذ ذلك الحين صداقتهما.

          توفي في 22 من أكتوبر سنة 1906 بعدما باغتته عاصفة وهو يرسم في الهواء الطلق وأصيب إثرها بالتهاب في الرئة.

          وسأعود بك للوحة التي أهديك صورة لها، فمن بين الإفادات التي حصلت عليها في هذا الكتيب أن هذه اللوحة تمثل ابن الرسام «السيزان» «بول» برفقة صديقه «لويز كيوم» (Louis Guillaume) بلباس البهلوان، وأعجب بأدائهما في عرض مسرحي حضره، وطلب منهما أن يمكناه من رسمهما بهذا الزي، وكاد الإغماء أن يستولي على «لويز كيوم» أثناء رسم معالم هذه اللوحة لأن «سيزان» طلب منه الوقوف دون حراك لساعات على الهيئة التي هو عليها في اللوحة دون أن يحرك ساكناً لكي يتمكن من رسمه.. وأنا أبعث لك بصورة لها لأذكرك بأنشطتنا المسرحية أيضا وأدوار البلهوان التي كنا نقوم بها عند زيارتنا لنزلاء مستشفيات الأطفال لإدخال البهجة عليهم.

          ختاما ستصلك رسالتي عبر البريد، وتعمدت ألا أبعثها لك إلكترونية عبر الإنترنت، إذ وجدت طابعًا بريديًا يحمل صورة «بوشكين» أهديه لك في أول يوم إصداره مادمت من هواة جمع الطوابع.

وإلى اللقاء
صديقك أمجد

 


 

أحمد واحمان