كاسو وكلبه... حكاية يابانية

كاسو وكلبه... حكاية يابانية
        

ترجمة: ابتهال سالم
رسم: حلمي التوني

          عاش «كاسو» العجوز وزوجته «ماكو» في قرية صغيرة في اليابان، كانا فقيرين ولديهما كلب صغير أسود ماكر يحبانه كثيراً.

          في يوم من الأيام، حفر الكلب في حديقة كاسو، حفر سريعا.. سريعاً بقدميه، وكاسو مندهش جداً.

          قال كاسو:

          - ماذا يحدث يا كلبي، أتشعر بشيء ما تحت الأرض؟

          أحضر كاسو معوله، وضرب الأرض ضربتين أو ثلاثا، واكتشف قطعا ذهبية كثيرة براقة.

          سعيد جدا، نادى كاسو على امرأته ماكو:

          - أسرعي ما امرأتي.. وجدت كنزًا.

          حضرت ماكو مسرعة.

          قالت فرحة:

          - آه.. يا له من كلب طيب لدينا.

          وعلى الجانب الآخر من الحديقة، سمع جارهما «سابا» كل ما دار بينهما.

          أحدث ثقباً في السور، نظر إلى القطع الذهبية قائلاً:

          - يمكنني أنا أيضاً بواسطة هذا الكلب أن أحظى بكنز مثلهما.

          ثم ذهب سابا ليرى العجوز كاسو.

          صرخ فيه:

          - أريد كلبك، أعطني إياه فورا وإلا سآخذ كنزك وأحرق منزلك، وستكون أفقر حالاً مما كنت عليه.

          كاسو وماكو، يعرفان منذ زمن طويل أن جارهما غيور وغضبه مرعب وهما مسنان جدا ولا يمكنهما مقاومته، لذا، ربتا على كلبهما في حزن وتركاه يرحل مع سابا.

          مشى الكلب، منكس الرأس، بطيئاً، وسابا يصرخ فيه دون توقف:

          - هيا.. أيها الكلب، احفر في الأرض، احفر وإلا الويل لك.

          ثم رفع عصاه الكبيرة، فارتعش الكلب وحفر.

          ولكن سابا النافذ الصبر صاح:

          - تحرك، إنني أعمل أسرع منك أيها الكسول.

          أحضر سابا مجرفته وحفر حفرة ضخمة ولكن لم يجد غير أوراق شجر متعفنة.

          جنّ سابا من الغضب، وبضربة واحدة من عصاه.. قتل الكلب ودفنه في الليل، سراً، تحت شجرة أرز صغيرة في حديقة العجوز كاسو.

          وفي صباح اليوم التالي، أصبحت شجرة الأرز كبيرة جدا وحجبت الشمس.

          لم يفهم كاسو ما الذي حدث للشجرة ولكنه قال:

          - هذه الشجرة تزعجنا، لا بد من قطعها، سوف نحصل منها على حطب كثير ولن يصيبنا البرد أبدا، وسوف أبني من فرعها الضخم جرنا لدرس الحبوب.

          أخذ يعمل سريعاً.

          وفي الليلة نفسها، درست ماكو الحب في الجرن الجديد وفاض الدقيق.

          ملأ كاسو أكياسا وأكياسا منها.

          صاح العجوزان فرحين:

          - لن نكون أبداً جائعين.

          سمع سابا ما دار بينهما، نظر من ثقب السور قائلا:

          - سوف أحصل أنا أيضاً من هذا الجرن على الكثير من المؤونة.

          أحضر سابا كيساً كبيراً، مِلأه بالحبوب وأسرع إلى كاسو وماكو، دفعهما بقوة. وضع الحبوب داخل الجرن ودرسها.

          عصيدة فظيعة رمادية، عفنة، سالت في كل مكان محدثة رائحة بشعة.

          أحمرّ سابا غضبا، حطم الجرن مئة قطعة وأحرقه تمامًا.

          حزينة. جمعت ماكو الرماد، ونثره كاسو بعناية تحت سيقان الأشجار الميتة منذ زمن بعيد.

          وفي الحال.. أزهرت الأشجار.

          اندهش أهل القرية وحكوا في كل مكان عما فعله كاسو مع الأشجار الميتة وكيف جعلها تثمر.

          الأمير نفسه أعجبه ما فعله كاسو بالأشجار وأهدى كلاً من كاسو وماكو أثواباً من حرير أحمر زاه ليصنعا ملابس جميلة للحفل وحين رأى سابا كل ما حدث، جمع حفنة من الرماد وألقاها تحت سيقان الأشجار الميتة، ولكن لا شيء أثمر، بل على العكس، جرف الهواء الرماد في عيني الأمير، وعيون أهل القرية الذين صاوا ساخطين على سابا، وجروا خلفه ليضربوه بالعصي.

          هرب سابا ولم يعد أبداً.

          وكاسو وماكو، أصبحا من أثرياء القوم، لديهما الذهب والدقيق والملابس الحريرية، وعادا إلى منزلهما آمنين، وتذكرا كلبهما الصغير الأسود.

 


 

إعداد: برناديت جارثيا