قسمةُ حقّ

قسمةُ حقّ
        

قصة
رسم: حلمي التوني

          ورثَ فريد وسعيد عن والِدِهما مزرعةً كبيرةً ومنزلين متجاورين، وورثا كذلك دماثةَ الأخلاقِ والتربيةَ الصالحةَ، والتعاون والاحترام. تزوّجَ فريد ورزقه اللهُ عائلةً مباركةً. أما سعيد فظلَّ عازباً.

          كان فريد وسعيد يعملان معاً في المزرعةِ كلَّ يوم، وكانا يجتمعان كلَّ مساءٍ يتقاسمان بالتساوي الغلالَ والأرباحَ. وكلٌّ منهما قانعٌ بما رزقه اللهُ، راضٍ وشاكرٌ نعمةَ ربِّهِ الكريمِ.

          وبعد مضيّ بعض السنوات، فكَّرَ سعيدٌ في قلبِهِ: «ليس من العدلِ أن أنالَ نصف غلالِ المزرعةِ ونصف أرباحها بالتساوي مع أخي فريد. فأنا عازبٌ لا زوجةَ لي ولا أولاد. واحتياجاتي بسيطةٌ ويكفيني القليلُ». وقرر أن يعيد سِراً قسماً من الغلالِ إلى مخزنِ أخيهِ ليرضي ضميرَه.

          وكان فريد يفكّر في قلبِه «كيف لي أن آخذَ نصف الغلالِ والأرباحِ، فأنا لي أولادٌ هم ضمانة مستقبلي، فلا حاجةَ بي لتكديسِ الغلال والأرباح. بينما أخي سعيد عازبٌ ولا معين له في شيخوخته». وقرر أن يودع سراً قسماً من غلالِهِ في مخرنِ أخيه ليرضي ضميرَه.

          وعلى مرِّ السنينِ لم تنقص غلالُ أيِّ منهما. وَكلاهما جاهلٌ السبب ويتجنب سؤال أخيهِ عن الأمرِ.

          وفي إحدى الليالي، بينما كلٌّ منهما ينقلُ بعضَ الغلالِ إلى مخزنِ أخيهِ التقيا صدفةً في منتصفِ الطريقِ، وعَرفا معًا حقيقة ما يجري.

          فما كان منهما إلا أن ألقيا غلالهما على الأرضِ وفتحا أذرعهما وعانقَ واحدهما الآخر، وأعطاه قبلةَ الرضى والمحبة والأخوّةَ.

 


 

يوحنا جحا