قارئ القِصَص.. رئيساً

قارئ القِصَص.. رئيساً
        

          مَنْ كانَ يَظُنُّ أنَّني، أنا أبْراهامْ لِنْكولِنْ، سَأُصْبِحُ رَئيساً لأكْبَرِ دَوْلَةٍ في الْعالَمِ؟..بَلْ مَنْ كانَ يَحْلُمُ أنَّ هَذا الشَّخْصَ الْفَقيرَ، سَيَخْلُدُ اسْمُهُ في التّاريخِ الإنْسانِيِّ؟

          لَكُمْ أنْ تَسْألوني مُتَعَجِّبينَ: وما الَّذي فَعَلْتَهُ، فَيَنْقُشُون اسْمَكَ عَلى الرُّخامُ، ويَنْحِتون ويَنْصِبون لَكَ تِمْثالاً في قِمَّةِ الْجَبَلِ؟..أُجيبُكُمْ بِفَخْرٍ: إنَّني بَذَلْتُ كُلَّ ما في جُهْدي، لَيْلَ نَهارَ، لأَقْضِيَ عَلى الرِّقِّ والْعُبودِيَّةِ، اللَّذَيْنِ كانا سائِدَيْنِ قُروناً طَويلَةً في بِلادي، وجَعَلْتُ كُلَّ الْمُواطِنينَ مُتَساوِِينَ كَأسْنانِ الْمُشْطِ، لا فَرْقَ بَيْنَ أبْيَضِهِمْ وأسْوَدِهِمْ، بَيْنَ غَنِيِّهِمْ وفَقيرِهِمْ.

          وهَذا لَيْسَ بِالأمْرِ السَّهْلِ،كَما يُخَيَّلُ لَكُمْ، فَقَدْ سَبَقَني إلى الرِّئاسَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ رَئيساً، ولَمْ يُحَقِّقوا ما حَقَّقْتُهُ في حَياتي الَّتي لَمْ تَكُنْ طَويلَةً (12 فَبْرايَر 1809 - 15 أبْريل 1865).

          أذْكُرُ أنَّ أبي كانَ نَجّاراً، وفي الْوَقْتِ نَفْسِهِ قَنّاصاً، إذْ لا يَسْتَطيعُ بِمُزاوَلَةِ عَمَلٍ واحِدٍ أنْ يُوَفِّرَ لَنا لُقْمَةَ الْعَيْشِ، وإنْ كانَ عَدَدُ أفْرادِ أُسْرَتي قَليلاً، لايَتَعَدّى أرْبَعَةً؛ أنا وأخْتي ووالِدايَ فَقَطُّ.

          وأذْكُرُ أنَّ في بِدايَةِ حَياتِنا لَمْ نَكُنْ نَمْلِكُ كوخاً صَغيراً، وإنَّما نَحْتَمي بِـ«سَقيفَةٍ» خَشَبِيَّةٍ، يَتَدَلّى مِنْ فَوْقِها سِتارٌ مِنْ جِلْدِ «الْجاموسِ» مِمّا يَجْعَلُنا دائِماً في فَصْلِ الشِّتاءِ عُرْضَةً لِمَوْجَةِ الْبَرْدِ الْقارِسِ، والرِّيحِ الْقَوِيَّةِ، والْمَطَرِ الْغَزيرِ، وفي فَصْلِ الصَّيْفِ لِلْحَرِّ الشَّديدِ، والْحَيَواناتِ الضّارِيَّةِ.

          ومُنْذُ طُفولَتي، أدْرَكْتُ قيمَةَ التَّعاوُنِ بَيْنَ أفْرادِ الأسْرَةِ، فَإذا كانَ أبي يَقْضي أيّاماً ولَيالِيَ في الْغابَةِ، بَحْثاً عَنْ أرانِبَ وأحْجالٍ وحَمائمَ، فَإنَّ أُمِّي الطَّيِّبَةَ كانَتْ تَعْتَني بي وبِأُخْتي والْحَقْلِ، ولَوْلاها لَما حَقَّقْتُ كُلَّ آمالي. فَهِيَ الَّتي أدْخَلَتْنا إلى الْمَدْرَسَةِ، وحَضَّتْنا على الْقِراءَةِ والْكِتابَةِ، ومُطالَعَةِ الْكُتُبِ الْمُتَنَوِّعَةِ «حَتّى إذا كَبِرْتُما، صِرْتُما عاقِلَيْنِ طَيِّبَيْنِ»: تَقولُ أُمِّي.

          ولِسوءِ حَظِّنا، أصابَ بادِيَتَنا مَرَضٌ خَطيرٌ في سَنَةِ 1818 فَقَضى عَلى الْبَشَرِ والشَّجَرِ والْحَيَوانِ. ولَمْ تَسْلَمْ أُمِّي الْحَنونُ مِنْهُ، فَرَحَلَتْ عَنّا، وأنا لَمْ أتَجاوَزِ التَّاسِعَةَ مِنْ عُمْري. فَمَنْ يَحْرُسُنا ويَعْتَني بِنا في هذا الْخَلاءِ الْفَسيحِ الْموحِشِ؟.. لابُدَّ لَنا مِنْ أُمٍّ ثانِيةٍ، تَحِنُّ عَلَيْنا، نَحْنُ الأخَوَيْنِ الْيَتيمَيْنِ الصَّغيرَيْنِ!

          وبِما أنَّ أبي كانَ يَقْصِدُ الْغابَةَ كَثيراً، ويَتْرُكُنا وَحْدَنا، فَقَدْ أحْضَرَ لَنا أمْرَأةً أرْمَلَةً، اسْمُها «سارّةُ» مَعَ وَلَدِها وابْنَتَيْها لِيُشاطِرونا كوخَنا الْخَشَبِيَّ الصَّغيرَ، ويُؤْنِسونا في وَحْدَتِنا، فَأحْسَسْنا، والْحَقيقَةُ تُقالُ، بِالْحَنانِ والدِّفْءِ الْعائِلِيِّ مِنْ جَديدٍ.

          لَمْ أكُنْ أُهْدِرُ وَقْتي كُلَّهُ في اللَّعِبِ، كَما يَفْعَلُ بَعْضُ أطْفالِ الْمُدُنِ. لا لا، يَأَبْنائي. كُنْتُ أشْتَغِلُ أحْياناً في حَقْلِنا، وأنا في التّاسِعَةِ مِنْ عُمْري، مَثَلاً، أُنَظِّفُهُ مِنَ الْحَجَرِ والشَّوْكِ والطُّفَيْلِيّاتِ، وأبْذُرُ تُرْبَتَهُ بِالْبُذورِ، وأسْقيهِ، وأعْتَني بِهِ، وأُكَسِّرُ الأعْوادَ بِالشّاقورِ لأُسَيِّجَ الْحَقْلَ، وأُوَفِّرَ أخْشابَ التَّدْفِئَةِ. وأحْياناً قَليلَةً، أيْ في فَتَراتٍ مُتَقَطِّعَةٍ، أذْهَبُ إلى الْمَدْرَسَةِ، لأتَلَقّى دُروساً.ولَنْ أُبالِغَ إذا قُلْتُ إنَّني أمْضَيْتُ بِها سَنَةً - فَقَطُّ - خِلالَ تِسْعِ سَنَواتٍ!.. وهَكَذا كُنْتُ أجْمَعُ بَيْنَ الدِّراسَةِ والْعَمَلِ، وفي الْمَساءِ، عِنْدَما أعودُ إلى كوخي، أجْلِسُ حَوْلَ الْمِدْفَأةِ، فَأقْرَأُ قِصَصاً ورِواياتٍ، أسْتَعيرُها مِنْ مَكْتَبَةِ الْمَدْرَسَةِ، أوْ مِنْ مَكْتَبَةِ أُمِّي الثّانِيَةِ الَّتي خَلَّفَها لَها والِدُها. ولا أكْتَفي بِقِراءَتِها، وإنَّما أُلَخِّصُها وأكْتُبُها بِالْفَحْمِ في مِطْرَحَةٍ خَشَبِيَّةٍ، كُنّا نُلْقي بالفَحْمَ في أَتونِ النّارِ، ثُمَّ أمْسَحُها بِخِرْقَةٍ. إذْ لَمْ أكُنْ أتَوَفَّرُ عَلى دَفاتِرَ أوْ أوْراقٍ لِلتَّسْويدِ، ومِنْ أيْنَ لطِفْلٍ فَقيرٍ مِثْلي بِالأدَواتِ الْمَدْرَسِيَّةِ الضَّرورِيَّةِ؟!.. وأذْكُرُ أنَّ مِنْ بَيْنِ الْكُتُبِ الَّتي قَرَأْتُها، فَأعْجَبَتْني إعْجاباً قَوِياًّ، وأثَّرَتْ حَسَناً في سُلوكي «ألْفُ لَيْلَةٍ ولَيْلَةٍ» وأنا أسْتَغْرِبُ، يَأَبْنائي، كَيْفَ لا تُبالونَ بِهَذا الْكَنْزِ الْعَرَبِيِّ الْكَبيرِ، وتَتْرُكونَهُ للآخَرينَ يَسْتَفيدونَ مِنْهُ؟..فَهَذِهِ الْقِصَصُ الْعَرَبِيَّةُ لَقَّنَتْني الْقِيَمَ الإنْسانِيَّةَ الْعُلْيا، مِثْلَ التَّسامُحِ، واحْتِرامِ الْغَيْرِ، والاِسْتِقامَةِ، والتَّفْكيرِ السَّليمِ، والتَّعايُشِ والْمَحَبَّةِ.

          ولَعَلَّكُمْ، يَأَبْنائي، سَتَسْألونَني ثانِيَةَ مُسْتَغْرِبينَ: بِماذا أفادَتْكَ قِراءَةُ الْقِصَصِ والرِّواياتِ، وإجْهادُ عَيْنَيْكَ في تَلْخيصِها وكِتابَتِها؟..ألَمْ يَكُنْ مِنَ الأجْدى أنْ تَكْتَفِيَ بِدُروسِكَ وعَمَلِكَ في الْحَقْلِ؟..وأبي يُشاطِرُكُمْ هَذا الرَّأْيَ، فَكَثيراً ماكانَ يُرَدِّدُ على أُذُنَيْ أُمّي سارّةَ قَوْلَهُ:

          - ماذا سيَسْتَفيدُ «آيْبْ» - هَكَذا كانَ يُسَمِّيني - مِنْ هَذِهِ الْقِراءَةِ؟..إنَّهُ يُزْجي وَقْتَهُ لَيْسَ إلاّ!

          لَكِنَّني لَمْ أعْمَلْ بِرَأْيِهِ الْبَتَّةَ، لأنَّني كُنْتُ طَموحاً، والدُّروسُ لاتُشْفي غَليلي، فَكُنْتُ أقْطَعُ بِرِجْلَيَّ كيلومِتْراتٍ لأسْتَعيرَ كِتاباً واحِداً، بَيْنَما أنْتُمْ تَتَوَفَّرونَ على عَشَراتِ الْكُتُبِ والْمَجَلاّتِ في مَكْتَبَتِكُمُ الْمَنْزِلِيَّةِ، ولَيْسَ بَيْنَكُمْ وبَيْنَها سِوى مَدِّ الْيَدِ فَقَط، ولا تَلْتَفِتونَ نَحْوَها حَتّى. ولَوْلا الْمُطالَعَةُ الَّتي يَعْتَبِرُها الْبَعْضُ مُجَرَّدَ مَلْءٍ لِلْفَراغِ، لَما أصْبَحْتُ أكْبَرَ رَئيسٍ لِوَطَني. كَما أنَّ الْمُطالَعَةَ، هِيَ الَّتي أوْحَتْ لِلْكَثيرينَ مِنَ الْعُلَماءِ بِاخْتِراعاتٍ وإبْداعاتٍ، لأنَّها تُنَمّي الْفِكْرَ، وتُفْسِحُ الْخَيالَ، وتُرْهِفُ الشُّعورَ، فَلا تَنْشبُ حُروبٌ، ولا نِزاعاتٌ بَيْنَ الأفْرادِ والأُمَمِ والشُّعوبِ..

          وكُنْتُ، بَيْنَ الْفَيْنَةِ والأُخْرى، ألْتَقِطُ بِعَيْنَيَّ صُوَراً بَشِعَةً لِلْعَبيدِ، وهُمْ يُساقونَ بِالْقُيودِ والسَّلاسِلِ الْحَديدِيَّةِ، لِيُباعوا في السّوقِ، مِثْلَ الْحَيَواناتِ، فَأشْعُرُ بِالْحُزْنِ والألَمِ، وأقولُ في نَفْسي:

          - يالَلْعَجَبِ!..ما الْفَرْقُ بَيْني وبَيْنَ هَؤُلاءِ؟!.. لِماذا هَذا التَّمْييزُ بَيْنَ بَني آدَمَ وحَوّاءَ؟!..نَحْنُ جَميعاً بَشَرٌ، فَلِماذا يُعامِلُ بَعْضُنا بَعْضاً بِهَذِهِ الطَّريقَةِ الْقاسِيَّةِ ؟!

          وهَكَذا، فَفي الثانِيَةِ والْعِشْرينَ رَبيعاً، عَمِلْتُ في مَخْزَنٍ لِلأثاثِ الْمَنْزِلي، والأدَواتِ والْمَوادِّ الْفِلاحِيَّةِ، ثُمَّ في مَرْكَزِ الْبَريدِ. ولَمّا رَآني الزَّبائنُ أتَحَدَّثُ بِأُسْلوبٍ أدَبِيٍّ رَفيعٍ، وأُعامِلُهُمْ بِلَباقَةِ، وأحْكي النَّوادِرَ الْعَجيبَةَ، وأضْرِبُ لَهُمُ الأمْثالَ، وأسْتَعْمِلُ في حَديثي ألْفاظاً وكَلِماتٍ فَصيحَةً، لاتوجَدُ إلاّ في الْقِصَصِ والرِّواياتِ، وأصْدُقُ في كَلامي، لا أكْذِبُ عَلَيْهِمْ، ولا أمْزَحُ مَعَهُمْ، حَتّى أطْلَقوا عَلَيَّ اسْمَ : «أبو الصِّدْقِ»..اِقْتَرَحوا أنْ أتَرَشَّحَ لِمَجْلِسِ الْجِهَةِ، فَعَمِلْتُ بِاقْتِراحِهِمْ، وخُضْتُ الاِنْتِخاباتِ، فَتَكَلَّلَتْ بِنَجاحي ثَلاثَ مَرّاتٍ. لَكِنَّني لَمْ أغْتَرَّ، مِثْلَ الْكَثيرينَ، فَأكْتَفيَ بِالْعُضْوِيَّةِ، وأتَخَلّى عَنِ الدِّراسَةِ، والْقِراءَةِ الشَّخْصِيَّةِ، بَلْ كُنْتُ في فَراغي أدْرُسُ الْقانونَ، وأزورُ الْمَكْتَباتِ، لأُطالِعَ الرَّوائعَ الأدَبِيَّةَ مَعَ الطَّلَبَةِ، ولا أجِدُ في ذَلِكَ حَرَجاً، ولَوْ كانوا يَصْغُرونَني سِناًّ. وحَتّى عِنْدَما أصْبَحْتُ رَئيساً لأمْريكا، لَمْ أسْتَغْنِ عَنِ قِراءَةِ الْقِصَصِ والْكُتُبِ الْقانونِيَّةِ والتّاريخِيَّةِ والْفَلْسَفِيَّةِ،كَما أنَّني كُنْتُ أنْصَحُ ابْني (تادْ) بِقِراءَةِ الْقِصَصِ الْخَيالِيَّةِ والْعِلْمِيَّةِ والاِجْتِماعِيَّةِ، وألاّ يُلْقِيَ رَأْسَهُ على الْوِسادَةِ عِنْدَ النَّوْمِ، حَتّى يَقْرَأَ عَشْرَ صَفَحاتٍ على الأقَلِّ، لأنَّ الَّذي لا يَقْرَأُ، يا أَبْنائي، لايَسْتَطيعُ أنْ يَعيشَ حُراًّ كَريماً، ولا أنْ يُطَوِّرَ نَفْسَهُ ووَطَنَهُ، أوْ يَحْتَرِمَهُ الآخَرونَ. ولاتَكْفي الْقِراءَةُ صاحِبَها، إلاّ إذا لَخَّصَ مايَقْرَأُ، ولَوْ في بِضْعَةِ أسْطُرٍ،كَيْ يَرْسُخَ في ذِهْنِهِ، وهَذا ماكُنْتُ أفْعَلُهُ.

          وفي سَنَةِ 1836 أيْ في السّابِعَةِ والْعِشْرينَ مِنْ عُمْري، فَتَحْتُ مَكْتَباً لِلْمُحاماةِ، لأُدافِعَ عَنِ الْقَضايا الْعادِلَةِ فَقَطُّ. وإذا كانَ أصْحابُها فُقَراءَ، أُعْفيهِمْ مِنْ أتْعابي، وأُؤَدّي عَنْهُمُ الرُّسومَ الْقَضائيَّةَ، أمّا إذا كانوا فَلاّحينَ أوْ حَصّادينَ، فَآخُذُ أتْعابي مِنْهُمْ مَحْصولاً زِراعِياًّ.

          إنَّ الْمُحاماةَ، يَأَبْنائي، مِهْنَةٌ شَريفَةٌ، لايُزاوِلُها إلاّ الْمُحامي الصّادِقُ الصَّريحُ، الَّذي يَرْسُمُ بِدِفاعِهِ الْعادِلِ حَداًّ فاصِلاً بَيْنَ الْحَقِّ والْباطِلِ، ولا يُغْريهِ مالٌ، أوْ يُؤَثِّرُ فيهِ غَرَضٌ شَخْصِيٌّ. ولِصِدْقي في الْقَوْلِ والْعَمَلِ، انْتَخَبَني الْمُواطِنونَ عُضْواً في مَجْلِسِ النُّوابِ، ثُمَّ رَئيساً لِلْوِلاياتِ الْمُتَّحِدَةِ عامَ 1860.

          غَيْرَ أنَّ بَعْضَ الْوِلاياتِ الَّتي تَسْتَغِلُّ الرَّقيقَ والْعَبيدَ في الأعْمالِ الشّاقَّةِ، نَظيرَ لُقَيْماتٍ، لَمْ تُرِدْ أنْ تَنْبُذَ عَنْها هَذا الْوَضْعَ السَّيِّئَ، فَأشْعَلَتْ حَرْباً ضَروساً مابَيْنَ 1861 - 1865 وبِطَبيعَةِ الْحالِ، حاوَلْتُ مِراراً أنْ أُطْفِئَ هَذِهِ النّارَ الأهْلِيَّةَ بَيْنَ بَني قَوْمي، ولا أتَخَلّى عَنْ غايَتي النَّبيلَةِ، ألا وهِيَ نَشْرُ السَّلامِ والْعَدْلِ والْمُساواةِ بَيْنَ الْبيضِ والسّودِ.

          وحَتّى لا تَطولَ الْمَعْرَكَةُ بَيْنَ الشَّمالِ والْجَنوبِ، أعْلَنْتُ عَنْ وَثيقَةِ تَحْريرِ الْعَبيدِ. ولَمْ يَجِدْ أعْدائي بُداًّ مِنَ الاِعْتِرافِ بِخَطَئِهِمْ في إشْعالِ الْحَرْبِ، فَسامَحْتُهُمْ وعَفَوْتُ عَنْهُمْ، وأفْهَمْتُهُمْ أنَّني لا أُضْمِرُ لَهُمْ حِقْداً، وأنَّ الْمُسْتَقْبَلَ الْجَميلَ يُلْزِمُنا، سَواءً كُنّا بيضاً أوْ سوداً، شَمالِيِّينَ أوْ جَنوبِيِّينَ، أنْ نَضَعَ يَداً في يَدٍ، لِنَبْنِيَ الْوَطَنَ الْعَزيزَ.

 


 

العربي بنجلون