أنا اسمي شبل!

أنا اسمي شبل!
        

          في مكان ما في أحد الجبال الأمريكية ولدتني أمي، أنا وأخي، فأصبحنا عائلة صغيرة من عائلات أسود الجبال التي أحياناً ما يسمينا الناس «بوما»، ونحن بالطبع نختلف عن الأسود الإفريقية التي يحيط اللبد برقاب ذكورها.

          تنفسنا أول أنفاس الحياة حينما أخذت أمي تلعقنا بلسانها لتنظفنا بعد ولادتنا مباشرة، وكانت تصدر أصوات الهرير في حنان كبير، فنحن كما تعلمون من فصيلة القطط البرية الكبيرة، ونصدر هريراً مثل القطط.

          بعد أن نظفتنا أمي أخذتنا في دفء فرائها، فنحن نولد في حالة ضعف شديد وعيوننا مغمضة لا نرى، ولكن لا توجد مشكلة، فنحن نعرف طريقنا للحصول على وجبة من الحليب الدافئ كما ترى في الصورة رقم (1). 

          بعد عدة أيام بدأت أمي تشعر بالجوع، ولذلك كان لابد أن تتركنا وحدنا وتذهب للصيد، ولكن.. ما هذه الرائحة!؟ أخذت أمي تتشمم الهواء، إنها رائحة ذئب، ولذلك لا يمكن أن تتركنا أمي وحدنا هنا وإلا وجدنا الذئب وجعلنا وجبة من وجباته، ولذلك أمسكتني أمي بأسنانها من مؤخرة عنقي كما ترى في الصورة رقم (2)، لا تنزعجوا، فأمي تعرف كيف تمسكني بحنان شديد دون أن تؤذيني أنيابها، ونقلتني أمي إلى مكان آخر أكثر أماناً، ثم عادت وحملت أخي بالطريقة نفسها ووضعته بجانبي.

          الآن أصبحنا في مكان آمن بعيداً عن الذئب، وبالتالي يمكن لأمي أن تنصرف للبحث عن فريسة تتغذى عليها.

          إن أمي تعرف أننا لانزال صغاراً، ولذلك فهي تعود إلينا بسرعة لتعطينا كل ما نحتاج إليه من حليب وتلعقنا في حنان، ونقضي باقي وقتنا في النوم، وعندما صار عمرنا أسبوعين، كان يوماً سعيداً النسبة لنا، إذ بدأت أعيننا تتفتح وبدأنا نرى ما حولنا.

          في البداية أخذنا نخرج من العرين بأرجل مرتعشة، ولكن سرعان ما أخذنا نركض خلف بعضنا ونلعب لعبة «هيا نهاجم أمي!». لقد اكتشفنا كيف نستمتع بوقتنا، وعندما ننتهي من اللعب، نحاول أن نستكشف العالم الغريب من حولنا كما ترى في الصورة رقم (3).

          ذات يوم عادت أمي من الصيد ومعها مفاجأة لنا، قطعة من شيء ناعم دافئ، وألقته أمامنا.. أخذنا نتشممه ونلعقه في استغراب، ثم بدأنا نقضم قطعاً صغيرة ونمضغها، وبهذا أحسسنا لأول مرة بطعم اللحم الذي سنتغذى عليه باقي حياتنا.. لقد كان لذيذاً!

          كلما كبرت أنا وأخي زادت حاجتنا إلى الطعام، واضطرت أمي إلى أن تتحرك بعيداً للبحث عنه، فالنباتات التي تنمو فوق الجبال هنا ليست كثيرة، وهذا معناه أنه ليس هناك كثير من الغزلان والأرانب وغيرها من الحيوانات آكلة النباتات التي تصطادها أمي.

          إن أمي تعرف المكان جيداً، وهي تبحث في كل مكان عن أدنى حركة، فهي مثل باقي القطط تعتمد على قوة بصرها أكثر من اعتمادها على السمع أو الشم،والغزلان هي الوجبة المفضلة عند أمي، ولكن أي حيوان يمكن أن يكون وجبة لها ولنا.

          أخيراً، أتى اليوم المشهود في حياة الشبل، عادت أمي من الصيد وليس معها طعام لنا، ولكنها صحبتنا خارج العرين حيث يوجد غزال قد قتلته وتركته هناك، وعندما رأينا الغزال أخذنا نركض حوله ونهاجمه، فنحن نعرف أننا سوف نأكله، ولكن على أمي أن تساعدنا في البداية.

          أولاً نزعتْ بعض شعر الغزال بأسنانها الأمامية، ثم مزّقت جلد الغزال القوي، وهنا رأينا اللحم فبدأنا الأكل فوراً.

          بدأت أنا وأخي نتحرك هنا وهناك كما ترى في الصورة رقم (4)، فهناك كثير من الأشياء يجب أن نراها ونشمها، وهناك كثير من الأمور يجب تعلمها، فقريباً سوف نعتمد على أنفسنا في الصيد، لذلك يجب أن نعرف ماذا سنصطاد وكيف سنصطاده، وهذه مهارات لازمة لكل شبل من أشبال الأسود.

 

 

 


 

مصطفى غنيم   

 




الصورة رقم 1





الصورة رقم 2





الصورة رقم 3





الصورة رقم 4