الإسلام حضارة.. الطـُّوافة ُ.. أقدم المهن الإسلامية.. فريد أبوسعدة
الإسلام حضارة.. الطـُّوافة ُ.. أقدم المهن الإسلامية.. فريد أبوسعدة
«الطوافة» من المهن القديمة قدم المسجد الحرام، فقد جعلها أهل مكة من أولويات أعمالهم، باعتبارها من الواجبات، فيحسنون رفادة وسقاية ضيوف الله في الحج أو العمرة. وقد اختلفت تسمية المرشدين الذين يقومون بتلقين الحاج مناسكه الصحيحة، فأهالي مكة يسمونهم بـ«المطوِّفين» في حين يسمونهم في المدينة المنورة «الأدلاء». ويرجع تاريخ الطوافة الحديثة إلى العهد العثماني، مع الشراكسة الذين يتحدثون بلغة أعجمية، فكان لابد لهم من دليل يدلهم على المشاعر ويلقنهم أدعيتها فيرددون وراءه. وقد ظهر في هذه الفترة «إبراهيم بن ظهيرة» كأول مطوِّف، وكان أحد القضاة في أواخر الحكم العثماني ، ثم خرجت المهنة من القضاء ليتوالى علي القيام بها أعيانُ مكة، ثم انتقلت إلى كل الشرائح الاجتماعية في البلد الحرام، كان ما يتقاضاه المطوِّف حينها لا يعدو أن يكون شيئا رمزيا من الحاج. كما أوضح التقرير الذي صدر أثناء حكم الأشراف ليقر التعريفة (الرسوم) الخاصة بكل حاج ، بحسب المنطقة القادم منها، وكانت إما بضع روبيات هندية أو جنيهاً عثمانياً أو ريالاً مجيدياً. والمطاف أو «الصحن» كما يسميه أهل مكة، هوالدائرة المحيطة بالكعبة المشرفة، وكان - في الماضي - تحيط به المنازل، حيث جُعل بين كل منزلين طريق ضيق يؤدي إلى الكعبة مباشرة، وذلك قبل أن تجرى فيه عمليات التوسعة منذ أيام الخليفة عمر بن الخطاب، وكانت المصابيحُ توضع فوق أسطح المنازل المحيطة بالحرم لتنير المطاف إلى أن استبدلت بها الأعمدة في عهد عبدالملك بن مروان. كان المطاف في القديم مجلسا عاما، يفترشه الناس للجلوس على التراب والرمل إلا أنه بسبب حرارة الشمس اللاهبة فقد تمت عمارته وفرشه، وكان الفاروق عمر هو أول من فرشه بالحصباء من وادي العقيق. أما أول من فرشه بالبلاط فكان عبدالله بن الزبير عام 64هـ. ثم تعاقب الأمراء والسلاطين على تغيير فرش المطاف، حيث تم فرشه في عهد سنان باشا (عام980 هـ) بالحجارة الجبلية المنحوتة، ثم من المرمر في (1003هـ)، أما في عهد السلطان العثماني محمد خان فقد تم فرشه بالرخام الأبيض في عام (1006هـ). تتميز مدينة دمشق بالخانات الكثيرة الموجودة فيها حيث كانت بوابة لقوافل الحجاج وقوافل التجارة التي كان يستدعي وجودها في دمشق الإقامة فيها لعدة أيام وقد تستمر عدة أشهر احياناً ما يقتضي بناء منازل للمسافرين ومنشآت للنشاط التجاري وأعمال البيع وتبادل السلع. وكان هذا النشاط يتمركز في منشآت خاصة تقام خصيصاً لهذه الأغراض التجارية واستقبال القوافل والمسافرين من حجاج وتجار وغيرهم. كان يطلق على هذه المنشآت فنادق وأحياناً القيسارات وتارة الخانات.. بعضها أقيم في المدينة وبعضها عند أطرافها وازداد في العصر العثماني تشييد هذه المنشآت بسبب تزايد النشاط التجاري وكثرة قوافل الحجاج التي تأتي الى دمشق من كل انحاء العالم. هذه الخانات كانت تقوم مقام الفنادق وتشمل النواحي السكنية والتجارية وتتكون من طابقين. الطابق الأرضي كان مخصصاً لنزول القوافل وللبضائع والخيول.. أما الطابق العلوي فمزود بغرف صغيرة يبيت فيها الحجاج والتجار والمسافرون. وتطورت هذه الخانات في هندستها وبنائها حتى أصبحت في العصر العثماني أشبه بسوق مغلقة اطلق عليها آنذاك اسم وكالة.. والخان في العادة مبني بالحجارة المنحوتة في واجهته وبوابته وجدرانه الداخلية واستخدم الآجر لبناء القباب التي طليت بالكلس الأبيض لتكون ظاهرة وواضحة وذات منظر جميل.
|