العالم يتقدم.. سر.. «عين الفضاء» الغامضة.. رءوف وصفي

العالم يتقدم.. سر.. «عين الفضاء» الغامضة.. رءوف وصفي
        

          على بُعد سبعمائة سنة ضوئية من كوكب الأرض (السنة الضوئية ما يقطعه الضوء في سنة كاملة، مع العلم بأن سرعته في الثانية الواحدة نحو 300.000 كيلو متر) اكتشف العلماء نجماً ميتاً، أطلقوا عليه «القزم الأبيض» بسبب حجمه الصغير ولونه الأبيض.

          وقد مات هذا النجم بعد أن استهلك كل وقوده النووي خلال ملايين السنين أي طوال حياته، وسوف تصبح شمسنا أيضاً بعد آلاف الملايين من السنين قزماً أبيض. 

  • القزم الأبيض.. والسديم الحلزوني

          والغريب أن هذا النجم الميت يرفض أن يتلاشى من الوجود! وحتى بعد موته فإنه يلفظ إلى الخارج كميات هائلة من الغازات الساخنة والإشعاعات، مكوناً سحابة هائلة تشبه الضباب لأنها تتكون من جزيئات غازية قليلة الكثافة جداً. ويطلق على هذه السحابة

          «السديم الحلزوني»، لأن شكلها يشبه الحلزون.

  • عين فضائية عملاقة!

          وفي وسط هذا السديم الحلزوني، ظاهرة فلكية مثيرة رصدها علماء الفلك أخيراً ليس لها مِثيل في الكون كله. إنها عين هائلة تبدو كأنها تحدق في كوكب الأرض!

          ويرى بعض الباحثين أن القزم الأبيض في أثناء فترة احتضاره (موته)، انفجر وحطم معظم طبقاته الخارجية. ويمكن رؤية معظم الغازات المطرودة والأنقاض كما التقطتها التلسكوبات الفضائية كهالة من الخطوط الزرقاء والخضراء وكذلك شكل مستدير أحمر يشبه العين الجبارة! 

  • المذنّبات.. وعين الفضاء

          وحول هذه العين الفضائية الهائلة، هناك آلاف من الخيوط الغازية التي تشبه بشكل غريب الشعيرات الدموية الموجودة في العين البشرية. وهذه العين العملاقة كبيرة جداً، إلى الدرجة التي يحتاج فيها الضوء إلى سنتين ونصف، لكي يعبر من أحد طرفيها إلى الطرف الآخر.

  • ولكن ما الذي كّون هذه العين الفضائية؟

          تسألني فأجيبك. هناك أجسام فضائية يطلق عليها «المذنّبات» عبارة عن أجزاء صخرية ينطلق منها ذيلان وتشاهد في السماء وكأنه سيف في الفضاء. كانت تدور حول القزم الأبيض في فترة احتضاره (موته)، قد أصابها حالة من «الفوضى» عندما انفجر النجم ومات، وذلك بسبب ما صاحب هذا الموت من تقلص وإنبعاث الغازات والإشعاعات منه.

          وكنتيجة لهذه الفوضى، فقد اصطدمت المذنبات بعضها ببعض ومن أنقاضها ظهرت «عين الفضاء».

  • «السديم الحلزوني» لوحة رائعة الجمال!

          إن تكون السديم الحلزوني، كان بسبب موت نجم في حجم الشمس وقذفه بطبقاته الخارجية إلى الفضاء، بالإضافة إلى قيام الإشعاعات المنطلقة من القلب الساخن للنجم الميت القزم الأبيض بتسخين المادة المقذوفة منه، مما يؤدي إلى توهجها بألوان زاهية، وهو ما يميز السديم الحلزوني.

          وهذا المشهد من الجمال الكوني، لن يستمر إلى الأبد. إذ بعد حوالي عشرة آلاف سنة، سوف تتلاشى سحبه المضيئة تاركة وراءها عين الفضاء والقزم الأبيض وخيوط الغازات والإشعاعات، لكي تبرد وحدها في الفضاء.

 


 

رءوف وصفي