أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء
        

          لكلِّ إنسان مجتهد هواية يمارسها أثناء وقتِ فراغه من العمل. تتنوع الهوايات بتعدد البشر. فهناك من يهوى المراسلة مع أصدقاء من خارج بلاده، يعرف من خلال رسائلهم عادات وتقاليد وجغرافيا وتاريخ بلادهم. وهناك من يحب جمع طوابع البريد، بما تضم من مجموعات الصور والرسوم الخاصة بأقطار العالم وما بها من كائنات حية، وآثار عريقة. ومن الأصدقاء من يعشق القراءة فيسعى إلى أن يتم كتابًا جديدًا كل يومين أو أكثر، فيزيد من علومه، وينمي مهاراته. وبيننا من يجمع المقتنيات على أنواعها، سواء كانت عملات نقدية ورقية، أو صور بطاقات بريدية، أو مجلات أطفال قديمة، أو علباً ملونة فارغة. وهذه كلها هوايات مشهورة يمارسها ملايين البشر من كل الأعمار في الشرق والغرب.

          وتبقى الهواية مع الإنسان زمنا طويلا، حتى تصبح لا غنى عنها في حياته. ومازلت أذكر حبي للتصوير منذ نعومة أظفاري، حتى أنني ـ وكنت في مثل سنكم ـ حصلت على جائزة في التصوير الفوتوغرافي. وقد كرمتني مؤسسات كثيرة بعد ذلك حينما كبرتُ، ولكن بقيت لجائزة التصوير التي أخذتها في صباي مكانة في حياتي وذكرياتي. وماأزال أعشق التصوير حتى اليوم، ولا أسافر إلى مكان دون أن أحمل معي ما يعزز هوايتي: آلة تصوير.

          رغم ذلك كله، يبقى أمرٌ أود أن أتحدث إليكم حوله ـ بناتي وأبنائي الأعزاء- فقد رأيت أن أصدقاء كثيرين ـ في مثل أعماركم ـ تفسد الهواية حياتهم. فمن يحب لعب كرة القدم يمارسها في خارج المكان المخصص للعب، ومن ثم أرى كثيرين يصابون بكسور في أجسامهم تعطلهم عن الحياة. وهناك من يهوى اللعب بالآلات الرقمية، فإذا به ينفق كل وقته مضيعا الفرصة لأداء الصلاة، ومراجعة الواجبات المدرسية، بل ووجبات الطعام! وهناك أيضا مَن يشدّه التلفزيون، وبرامجه ومسلسلاته المصورة، فلا يكاد ينام، أو يدرس، أو يأكل.

          إن الذنب ليس في الهواية، فكرة القدم رياضة جميلة تعتمد على اللعب الجماعي وتعلم التخطيط وتربي الجسم. والألعاب الرقمية تنمي الذكاء وتشد الانتباه. وبرامج التلفزيون فيها المفيد والمسلي. ولكن الهواية الأفضل والأصح هي التي نمارسها بشروط، وأهم شرط ألا تؤذينا.

          انظروا إلى هواياتكم اليوم، واسألوا أنفسكم: هل تفيدنا هواياتنا؟ ليت الجواب يكون نعم، فنهنأ بهواياتنا ونسعد بأوقاتنا وتطيب حياتنا.

 


 

سليمان العسكري   

 




صورة الغلاف