فَتاةٌ مِنَ الفَضاءِ

فَتاةٌ مِنَ الفَضاءِ
        

رسم: لجينة الأصيل

          قالتِ المعلمةُ، قبلَ أن تُغادرَ الصفِّ: على كلِّ تلميذٍ وتلميذةٍ قراءة قصةٍ. ومَن يكتبِ الموضوعَ الأجملَ يحصلُ على العلامة الأعلى.

          سالي التي تُحبُّ كثيراً قراءةَ القصصِ أُعجبتْ بقولِ المعلمةِ، وقد قرّرت أن تكتبَ قصّةَ من الخيالِ العلميّ، فهي تحبُّ كثيراً مشاهدةَ الأفلامِ والبرامجِ التي تتحدّثُ عن الفضاءِ والكونِ.

          في طريقِ العودةِ من المدرسةِ، ذهبتُ سالي إلى المكتبةِ، وطلبَتْ منَ البائعِ قصصاً من الخيالِ العلميّ. فقدَّمَ لها البائعُ مجموعةً كبيرةً من الكتبِ المزيّنةِ برسومٍ لرجال الفضاءِ، والمجرّاتِ البعيدةِ والمرَّكباتِ الفضائيّةِ.

          تأمَّلَتْ سالي في الكتبِ، ثم قالت بخيبةٍ: كلُّ القصصِ تتحدّثُ عن رجالِ الفضاءِ، أريدُ قصصاً تتحدّثُ عن نساءِ الفضاء!

          ابتسمَ البائعُ، وبدأَ يبحثُ بينَ الكتبِ الكثيرةِ الموزّعةِ على رفوفِ مكتبتِهِ، ثم قالَ وهو يهزُّ رأسَهُ نافياً: للأسفِ.. ليسَ لديَّ كتبٌ حَسْبَ طَلَبكِ.

          جلسَتْ سالي أمامَ الكمبيوترِ، وأخذَتْ تفكِّرُ فيما ستكتبه للمعلمةِ.

          - سالي.. أنا هنا.

          تلفتَّتْ سالي حولَها باحثةً عن مصدرِ الصوتِ الغريبِ، ولكنّها لم ترَ شيئاً.

          فَجأةً ظهرَتْ أمامَها فتاةٌ غريبةٌ لها عينانِ كبيرتانِ لامعتانِ، وشعْرٌ طويلٌ أحمرُ بطولِ قامَتِها القصيرةِ. حَدَّقَتْ فيها سالي بذُهولٍ، وتساءَلتْ بصوتٍ مُتلعثمٍ:  أنتِ.. أنتِ.. السّاحرةُ الشِّرِّيرةُ؟!

          - كان عليكِ أن تعرفيني مُذْ رأيتني.. أنا زائرةٌ من الفضاءِ.

          قالتْ فتاةُ الفضاءِ، وهي تضحكُ، بينما المفاجأةُ أذهَلَتْ سالي، فأخذَتْ تُحدِّقُ في فتاةِ الفضاءِ بدهشةٍ:

          أردفَتْ فتاةُ الفضاءِ: كنتُ في المكتبةِ أبحثُ عن كتبٍ تتحدَّثُ عن حياةِ البشرِ على الأرضِ، وقد رأيتُكِ هناكَ، وأعجبني حديثُكِ معَ البائعِ، فرغبتُ في التحدُّثِ إليكِ بشأنِنا نحنُ كائناتِ الفضاءِ.

          - لكنّني لم أرَكِ!

          - كنتُ مختفيةً عن الأنظارِ، فأنتُم البشرُ تُثيرونَ ضَجَّةً عندما تَرَوْنَ كائناتٍ منَ الفضاءِ الخارجيِّ. وكائناتِ الفضاءِ تحبُّ الهدوءَ.

          - كيفَ جئتِ إلى الأرضِ؟

          تساءَلَتْ سالي، فأجابتَها فتاةُ الفضاءِ، وهي تُشيرُ منَ النافذةِ: لديَّ مركبةٌ صغيرةٌ، أتجوَّلُ فيها بينَ الكواكبِ.

          هُرِعَتْ سالي إلى نافذةِ غُرفتِها التي تُشرفُ على حديقةِ المنزِلِ، فرأتْ مَرْكَبةً فضائيةً تُشبهُ المركباتِ الفضائيّةَ التي تراها في أفلامِ الصُّوَرِ المتحرِّكةِ.

          قالتِ المعلّمة، بعد أن قرأَتْ ما كتبَتْ سالي في دفترِها:  تستحقُّ سالي العلامةَ الأفضلَ.. فهي لم تقرأْ قِصَّةً، ولكنَّّها كتبتْ بنفسِها القصَّة التي تُريدُ.

          وأردفتِ المعلِّمةُ، بعدما صَفَّقَ الجميعُ تقديراً لسالي.

          لقد تخيَّلَتْ سالي أنَّها التقَتْ زائرةً من الفضاءِ الخارجيّ.

          - لم أتخيَّلْ.. هذا ما حدثَ حَقّا.

          قالتْ سالي مؤكّدةً، ولكنَّ الجميعَ ضحكوا من كلامِ سالي، حتى صديقاتُها وأصدقاؤها، فلم يصدِّقوا أنَّ سالي التقَتْ بزائرةٍ من كوكبٍ خارجَ المجموعةِ الشمسيّةِ.

          قالتْ سالي: قد يكونُ كلُّ ما رأيتُهُ مجرَّد حُلُمٍ، ولكنَّهُ حُلُمٌ رائعٌ يستحقُّ أن أكتُبَ عنه.

          صفّقتِ المعلّمةُ مرّةً أخرى لسالي، لسُرعةِ بديهتِها، وحُسْنِ جَوابِها.

          أمَّا فادي المشاكِسُ، فقد سألَ سالي بصوتٍ مرتفعٍ، كي يُحْرِجُها:

          - لماذا لم تَدعي صديقتكِ الفضائيّةَ إلى زيارةِ المدرسةِ؟

          ردّت سالي:  لم أطْلُبْ منها، ولكنْ سأفعلُ في المرّةِ القادمةِ.

          ضَحِكَ الجميعُ من سؤالِ فادي، ومن جوابِ سالي التي لا تُحْرِجُها حتى الأسئلةُ غيرُ المتوقّعةِ.

 


 

سامر أنور الشمالي