الغيلم* والذئب.. من الأذكى؟!
الغيلم* والذئب.. من الأذكى؟!
رسوم: نتاليا شمس الدين تاهت عائلة السلاحف في الصحراء، في طريقها إلى واحة أوفر ماء وأكثر اخضراراً، فقررت أن تستريح تحت شجرة صبّار تقيها (تحميها) حرارة الشمس اللاذعة (القاسية والحادة)لتكمل المسير بعد الغروب بحثاً عن فيء يظللها وماء يطفئ ظمأها. لكن السلحفاة الصغيرة «فوفة» ملّت الانتظار وأرادت أن تساعد جماعتها، استأذنت أمها وطلبت السماح لها بأن تلقي نظرة خلف التل الرملي القريب. وافقت الأم على طلب صغيرتها قائلة: اذهبي مع أخيك الكبير برهان، فالصحراء غدّارة، يوجد فيها كثبان رملية متحركة وعقارب سامة. احذرا! وهكذا كان.. ذهب برهان وفوفة ليستكشفا المكان وراء التل. وهناك سألت فوفة أخاها: كيف سنعرف طريقنا إلى الواحة وسط هذا الامتداد الشاسع من الرمل؟ - لا أعرف.. لكن انظري، أرى قافلة من الجِمال والنوق آتية من جهة الغرب. - الغرب؟ كيف عرفت الاتجاه؟! - لأن الشمس تشارف على الغروب فهي لجهة الغرب، أمامنا. وانتظرت السلحفاتان القافلة تمر أمامها. واقترب مع قدومها صوت حُداء (صوت سائق الإبل) السائق وبغام النوق وهدير (صوت الجمل) الجمال. استوقفتاها بتحية رقيقة منهما. قالت ناقة حمراء: ماذا تفعل سلحفاتان صغيرتان في الصحراء؟ أجاب برهان وفوفة: نحن تائهان، عائلتنا تنتظر أسفل التل لنتابع معاً طريقنا للبحث عن واحة قريبة. رد الجمّال سائق القافلة المحملة بالتمور الشهية: سيرا بالاتجاه الذي أتينا منه. وسار الصغيران دون أن يتذكرا وصية أمهما بعدم الابتعاد، يدفعهما حب الاستكشاف وفضول المعرفة. خلال السير، بعد ساعة تقريبا، شعرا بالخوف، الصحراء مازالت تمتد واسعة أمامهما. فقالت فوقه: والآن كيف نتابع، ماذا تفعل؟ رد برهان واثقا: لا تخافي، لابد من وجود إشارة أو دليل يدلنا إلى الطريق! توقفا قليلا يلتقطان أنفاسهما من التعب، وإذا بهما يسمعان زمار (صوت النعامة) نعام يتردد في الفضاء. هتف برهان: وجدتها! لنتتبع مصدر الصوت لابد من وجود مياه قريبة. واصلا السير إلى أن شاهدا النعامات العملاقة بالنسبة إلى حجمهما الصغير. اقتربت نعامة رشيقة منهما سائلة: إلى أين يذهب الصغيران؟ وبصوت مضطرب أجابا: إننا نبحث عن واحة قريبة. ردت النعامة: تابعا إلى جهة الشمال من هنا. وركضت مسرعة إلى رفاقها. احتارا في أمرهما: كيف سيعرفان اتجاه الشمال في هذه الصحراء؟! لكن برهان سرعان ما قال: سمعت يوماً أبي يقول إن الرحالة كانوا يعرفون الشمال من «الدب القطبي الشمالي» وهو مجموعة مؤلفة من سبعة نجوم على شكل طيارة ورقية تظهر في السماء ليلاً، أو يستعملون البوصلة لتحديد الاتجاهات وإبرتها تشير دائماً إلى الشمال. أما نحن فلا نملك بوصلة والوقت في العشية. عندها تذكّرا بحزن أن الليل آت، وهما بعيدان عن عائلتهما. في هذا الوقت مرّ بهما ذئب يعوي، وسألهما عن وجهتهما. تجمّد برهان وفوفة من الخوف والمفاجأة، بماذا يجيبان؟! تابع الذئب: ما بالكما! أين الأهل والأقارب؟ فأسرع برهان مجيباً: في الواحة، نعم في الواحة. أتريد أن نرشدك إليها؟ - لا، أعرف مكانها فهي قريبة. تعالا معي! ردّ الذئب والشر يبدو عليه. وبما أن الذئب أسرع في المشي من السلحفاتين، قال لهما سأسبقكما إلى الواحة، مظهراً الغضب والملل من مشيتهما الكسولة. وكانوا قد وصلوا إلى مشارفها وبانت (ظهرت) لهم أشجار النخيل الباسقة (العالية)، عندها همس برهان في أذن أخته: والآن عرفنا موقع الواحة، لنختبئ في الرمل والقوقعة تحمينا، فلن يكتشف مكاننا هذا المكّار مهما بحث عنّا. ردت فوفة خائفة: وماذا بعد؟ - عندما يحل الظلام نعود إلى أهلنا ونرشدهم إلى المكان. وهكذا كان، لم يسرالصغيران طويلا حتى سمعا صوت جماعة السلاحف تقترب منهما فرحة بعودتهما سالمين. سأل برهان أباه الغاضب: كيف عرفتم الطريق؟ - تماماً كما وصلتما أنتما إلى هنا! خجل الصغيران من عدم طاعة أمّهما واعتذرا قائلين: أردنا أن نختبر ذكاءنا ونساعد، لكن هناك ذئبا بانتظارنا في الواحة. - لا عليكما! أنتما في عهدة العائلة. وبقي الذئب يبحث تائها في الواحة، ويندب حظه كيف ترك السلاحف تخدعه وتسخر منه.
|