حكايةُ النظافةِ

حكايةُ النظافةِ

رسم: صفاء نبعة

«سارةٌ» طفلةٌ تحب النظافةَ وتساعد أسرتها في أشغال البيت.. ذات مرةٍ قامت لغسل الأواني بعد العشاءُ، فبدأت الكئوسُ والصحون والملاعق ترتعش، وحين سألتها «سارة» عن السبب، أجابت: إننا نريد أن ننام، فلم أتيت لإزعاجنا وأنت تعرفين أن الماءَ باردٌ ليلاً؟ لم تهتم «سارة» بكلامها لأن النظافةَ ضروريةٌ لإزالة العفنِ والأوساخ.. تناولت «سارة» الأواني وشرعت تصب عليها الماءَ، فأخذت ترتعش مرة أخرى وهي تصرخ: أي أي.. الماءُ باردٌ! استمرت «سارة» تحكها لإزالة ما لصق بها من المرق والفتات، فإذا بها تضحك وتضحك.. قائلة لسارة: تمهلي تمهلي! إنك تدغدغيننا! تمهلي! لكن «سارة» تمادت في عملها وغطستها في جفنة مليئة بالماء لتخلصها من رغوة الصابون، فإذا بالملاعق تستنجد أولا لأنها صغيرة: أنقذوني من الغرق! إنني لا أحسن السباحة.. أنقذوني! فتتبعها صيحات الكئوس والصحون.. وبعد أن أخرجتها «سارة» من الماء أخذت منديلاً لتجففها، وكانت كلما ضغطت عليها بالأصابع لتمسحها جيداً، تصرخ الكئوس في وجهها: أي أي! لم هذا القرصُ الشديدُ؟ فتتبعها الملاعق والصحون صارخةً: أي أي.. أتمت «سارة» عملها وراحت تجلس بين أفراد أسرتها.. وبعد لحظة، سمع الجميعُ طنيناً وقرقعات قادمة من ناحية المطبخ نحو قاعة الجلوس.. إنها الملاعق تقفز والكئوس تزحف والصحون تتدحرج وكلها متتابعة في صف منتظم كالعساكر، إلى أن توسطت الجميع ثم خاطبت «سارة» وقالت: إننا نشكوك إلى أمك كي لا تعودي إلى إزعاجنا مرة أخرى، ونطلب منك أن تتركينا على حالنا لنرتاح!

أمرت الأمُ «سارةَ» بترك الأواني تستريح لترى ما سيحصل.. ولبت «سارة» ما أمرتها به أمها.

وبعد تناول الغداء، بقيت كلُّ الصحون والكئوس والملاعق مهلة حتى تعفنت.. فإذا بجيوش من الذباب وأنواع الحشرات تهجم عليها بالعض واللسع والوخز لشدة جوعها، حتى صارت تتصايح مستنجدة: سارة! أنقذينا! صبي علينا الماء! اغسلينا! الماء البارد لا يؤذي مثل هذه الحشرات القاسية التي لا ترحم.. النظافة تريحنا منها.. فتعالي تعالي! لبت «سارة» نداءها وذهبت إليها، ثم خاطبتها قائلة: أرأيت ما حل بك؟ أرأيت؟ ليتك تدركين أن الكسل لا يجدي!

 

 


 

العربي الرودالي