السمكة البالون

السمكة البالون

سوف تغير رأيك تماماً عندما ترى وجهي الآخرَ، فالوجه الذي أعيش به حياتي الطبيعية وجهٌ مسالمٌ، رأسي مثلث وعيناي واسعتان، ويوجد على جسدي الباهت بعض البقع الداكنة التي تكسبه زركشة محببة، لا يتعدى طولي خمسين سنتيمتراً، يسمونني سمكةَ البالون، ولذلك سببٌ بالطبع سوف تعرفه عند انتهائك من قراءة تلك السيرة الذاتية التي كتبتها لك بنفسي، أعيشُ بين الصخور والشعاب المرجانية في المياه الاستوائية في أماكنَ كثيرةٍ حول العالم، ففي المحيطِ الأطلنطي قد أصل حتى غرب البرازيل، وفي المحيط الهادي أعيش بالقرب من العديد من جزره، وأنا من الكائناتِ السطحية، أي التي تعيش بالقرب من سطح المياه، ونادراً ما أغوص إلى أعماق أكثر من مائة متر. كما أنني سمكة ليلية، أفضّل أن أقضي يومي مختبئة بين الصخور وداخل الكهوف المظلمة، وعندما يحل الليلُ أترك مخبئي لأتجول بحرية حذرة داخل المياه المفتوحة، أصطاد أطعمتي الشهية من قواقع البحر وقنافذ وسرطان البحر، والتي لا تستهلك وقتاً معي عندما أهضمهما سريعاً بعظام فكي القوية، ولا يضايقني سوى تلك الإمكانات الضعيفة لزعانفي ورئتي الصغيرة التي تعطيني قدرة قليلة على السباحة بسرعة أو لمسافات طويلة، لكن ذلك لا يمثل لي مشكلة تقلقني، فلدي من الأسلحة ما يجعلني قوية أمام أعدائي، والذين ينشطون ليلاً كما أنشط أنا، وكأنهم ينتظرون خروجي ليضعوني طبقاً شهياً على مائدة عشائهم، عندما يحدث مثل ذلك الهجوم علي، فإنني أخلع ذلك الرداء الضعيف الباهت، وأتأهب كما كل حيوان آخر للدفاع عن نفسي، بسرعة تتمدد معدتي المرنة لتسع أكبر قدر من المياه، عندها أظهر منفوخة كما البالونة بالضبط، وكأن جسدي هو في الأصل معدة، تخرج أشواكي من مكمنها وتستعد بنهاياتها الحادة لكي تؤلم من يقترب مني، إن كل ذلك لا يحتاج إلى وقت طويل، لكن ماذا لو سارع أحدهم وابتلعني قبل أن أضع أسلحتي موضع التفعيل، وقتها سوف أقف له في بلعومه، فأشواكي - حفظها الله لي - لا تجعلني فقط صعبة البلع ولكنها قد تقتل المعتدي نفسه، هل غيرت رأيك الآن عندما رأيت وجهي الآخر؟

 


 

أحمد عزمي