لمْ يصبْ الهدفَ!

لمْ يصبْ الهدفَ!

كان هناك أميرٌ ذكيٌّ جداً، ويحب العلمَ والدراسةَ، أحضر له والدُه الملك أستاذاً عظيم العلمِ، واسع المعرفةِ كي يعلّمه كل ما يعلم. وحقاً بدأ المعلمُ بتعليمه وتثقيفِه وتلقينِه كل شيٍء من الرياضياتِ والعلومِ والآدابِ، والتشريحِ واللغاتِ والفنونِ والفروسيةِ والإبحارِ والصيدِ، وحتى أسرار نكهات (الرائحة والطعم) الطعامِ، وطرق إعدادِ الوجبات الصحيةِ واللذيذةِ.

بعد أن أنهى فترةَ التدريبِ الطويلةِ والشاقةِ جداً، أرادَ المعلمُ أن يتباهى بما صنعت يداه، وما أنجز تلميذه المجتهد، فقد صار الأميرُ بنظرِ أستاذه أذكى وأمهر ولد بين ممالك ذلك الزمانِ.

لذلك طلب المعلمُ من الملك دعوةَ أولاد الملوكِ إلى امتحانٍ عظيمٍ يتسابق فيه الأمراءُ في كل الميادينِ والمهاراتِ.

وهكذا كان، وحقاً كان الأميرُ المذكورُ هو الأفهم والأذكى، فقد فازَ بجدارةٍ في كل المسابقاتِ، إلى أن جاء دور الرمايةِ، حيث نُصبَ الهدفُ الخشبي عند طرفِ السهلِ المحاذي للغاباتِ.

شدّ الأميرُ قوسه وسدد على منتصفِ الهدفِ، لكن فجأةً قفز غزالٌ من الغابةِ المجاورةِ جافلاً (خائفاً) ومذعوراً من الحشودِ المجتمعةِ، ومن شدّة رعبِهِ، اصطدم بالهدفِ الخشبي في اللحظةِ التي كان الأميرُ فيها قد أطلق سهمَه!

هكذا ولحسنِ الحظِّ لم يصبْ الغزال المسكين المذعور، لكن لسوء حظِّ الأميرِ، فإنه لم يصبْ هدفَه، وفشل في امتحان الرمايةِ.

ومع أن الأمر برمتِهِ لم يكن خطأ الأمير أو قلّة مهارته، إلا أن الأمير غضب غضباً شديداً، وفقد السيطرةِ على أعصابِهِ، فقام بتكسير الرماحِ، وكل ما وقعت عليه يده، وهو يصيح ويتوعّد، ثم أخيراً، انفجر باكياً وسط دهشة المجتمعين ودهشة معلّمه على الأخصِ الذي أحسّ بخيبةٍ عظيمةٍ، فقام وأمسك بيد الأمير قائلاً:

علّمتك كلَّ شيءٍ ونسيتُ أن أعلمك كيف تتصرف وقت الخسارةِ، فكأني لم أعلّمك ولم أهذّبك، تعال يا ولدي ولنبدأ من جديدٍ.

 


 

بقلم ورسم: عفراء اليوسف