المغامرة

المغامرة

رسم: صفاء نبعة

صنعَ ماهرٌ زورقاً من ورق، ووضعه على سطحِ الماء، عندما كان يلهو على الشاطئ.. أخذ يتأملهُ لحظةً وهو يتمايل سابحاً.. تخيل ماهرٌ نفسه قد ركبه وكأنه مركبٌ حقيقيٌ... وسافر ماهر بعيدا.. فقد اندفع مركبه في اتجاهٍ مجهولٍ لا يرى فيه سوى السماء ملتقية بالماء.. وبينما المركب هكذا سائراً في هدوء وسط البحر، أخذت الدلافين تعدو خلفه لتحرسه، وعلى الجانبين أسماكٌ مختلفةُ الأشكالِ والألوانِ، وفي الأمام مجموعةٌ من عروسات البحر، وجميعها ترافقه مبتهجة به.. وفجأة ظهر طائرٌ غريبٌ، حط على المركب وخاطب ماهراً قائلاً: إلى أين أنت ذاهب أيها الطفل الشجاع؟ فأجابه ماهر: إنني في رحلة لأكتشف ما لا أعرفه..فزاد الطائر قائلا: إنني سأخبرك بجزيرة توجد في طريقك، بها جَبَلٌ على قمّتِه تراكمت كُويرات مختلفة الألوان: حمراء، وصفراء وخضراء وزرقاء... فإذا وصلت إلى الجزيرةِ قبل الليل لأن في الظلام لا تظهر الألوان، وجمعت من كل لون كرتين ثم رجعت بها إلى بيتك فإنك إذا حككت واحدة بأختها تحصل على كل ما تريد وترغب فيه.. غير انك ستجد جحشاً عنيداً، إذا ركبته لن يحملك إلى الجبل، بل يرجعك إلى حيث كنت، فيلقي بك في الماء.. لكنك إذا عرفت كيف تروضه فإنه يوصلك إلى الحصانِ الذي ينتظر على سفحِ الجبل ليصعد بك إلى القمة.. حصان جميل على ظهره جناحان يستعين بهما عند الطيران.. تقدم ماهرٌ في سيره حتى وصل إلى الجزيرة.. نزل من مركبه وركب الجحش، فإذا بهذا الأخير يقفز به محاولاً إسقاطه وهو متجه نحو الماء ليرمي به.. فكر ماهر في حيلة.. أخذ حزمة من الأعشاب وربطها بطرف عصا ثم مدها أمام عيني الجحش الذي أخذ يجري إلى الأمام ظانا أنه سيلحق بها ويأكلها.. واستمر الجحش يجري ويجري وحزمة الأعشاب أمامه، فلم يصل إليها.. لكن ماهراً وصل إلى سفح الجبل.. فنزل من فوق ظهر الجحش وتركه، ثم قفز على ظهر الحصان المنتظر.. همز ماهرٌ الحصان فصعد يحمله إلى قمة الجبل.. أخذ ماهرٌ ما استطاع من الكويرات المختلفة الألوان بسرعة حتى لا يبطئ.. ثم ركب مرة أخرى الحصان المنتظر الذي رجع إلى السفح فوجد الجحش مازال لاهيا مع حزمة الأعشاب.. ولما ركبه ماهر انطلق قاصدا شاطئ البحر حتى وصل، فألقى به قرب مركبه الذي مازال راسياً.. وعاد المركب في موكبه الجميل وسط عروسات البحر والأسماك الملونة والدلافين التي تعدو خلفه، إلى الشاطئ الآخر الذي انطلق منه.. وهنا صحا ماهر من خياله وكأنه كان يحلم فوجد نفسه جالساً وزورقه الورقي قد دفعت به الأمواجُ إلى الرمالِ خارجَ الماء.. تناوله ماهر بين يديه ثم نظر إليه قائلا: يا لها من رحلة ممتعة.. آه لو كانت حقيقية!

 


 

العربي الرودالي