أجملُ بيوتِ العالمِ

أجملُ بيوتِ العالمِ

رسوم: رانيا أبو المعاطي

ذات يوم، عاد شادي من المدرسة حزيناً. عندما نزل من الباص الذي يوصله الى المنزل، نسي أن يودّع رفاقه. كذلك لم يركض الى أمّه فاتحاً ذراعيه كما كان يفعل دائماً. اغتسل وبدّل ملابسه وتوجّه فوراً الى غرفته بدل أن يجلس الى جانب إخوته لتناول الغذاء.احتارت أمّه بأمره فدخلت الى غرفته وسألته:

- ما بك يا شادي، هل وبّختك المعلمة؟

- لا يا أمي، لم يوبخني أحد.

- إذن، نلت علامة سيئة أو تشاجرت مع أحد رفاقك.

- لا يا أمّي ولا هذا أيضاً.

- إذن، لم أنت حزين؟

- أنا حزين يا أمّي لأن بيتي ليس جميلاً كبيت رفاقي. لقد أنزل الباص سامر أمام بيت تحيطه حديقة كبيرة، أمّا حسن فقد أنزله الباص أمام بيت من طابقين مسقوف بقرميد أحمر أمّا ريما فبيتها كالبيوت التي نراها على شاشة التلفاز: حديقة وبركة سباحة وحيوانات.

تعجّبت أمّ شادي بما يقول ولدها فقالت له: «إذن تعال، يجب أن أريك شيئاً».

استغرب شادي ونزل مع أمّه الى السيارة. بعد عشر دقائق من القيادة، وصل شادي إلى مكان لم يره قطّ من قبل. كان حيّاً كاملاً مليئاً ببيوت هي أشبه بعلب التنك الكبيرة، النفايات متناثرة في كلّ مكان، ومياه الصرف الصحي تملأ الشوارع الضيّقة. وكان الأطفال على الشرفات يرتدون ثياباً خفيفة بعضها ممزّق وبعضها مرتّب بالرغم من برودة الطقس الشديدة.

أمّا أمّ شادي فلم تنطق بكلمة طوال رحلتهما القصيرة.

عاد شادي الى المنزل مذهولاً فهو لم يتخيّل يوماً أن يرى بيوتاً بهذه البشاعة فتوجّه الى أمّه واحتضنها قائلاً: «أتعلمين يا أمّي ليس بيتنا بشعاً، بل هو حتى أجمل بيوت العالم»، ابتسمت أمّه وسألته: «لماذا؟» أجاب شادي: «لأنّ أجمل أمّ في العالم تسكن فيه، هل لي بقبلة يا أمّي؟».

 


 

زينب غازي منعم