جيراننا العالم.. حكايةُ نهرٍ إندونيسي!

جيراننا العالم.. حكايةُ نهرٍ إندونيسي!

الصور بعدسة: جعفر إصلاح

أين تقع إندونيسيا؟

انظر إلى خريطة العالم، واقترب من قارة آسيا، أكبر القارات، في المسافة بين ماليزيا وغينيا الجديدة وأستراليا، ستجد هناك أرخبيلاً (مجموعة) من الجزر الكبيرة والصغيرة يبلغ عددها 17 ألفا و508 جزر، مجموع مساحتها نحو مليوني كيلو متر مربع!

سكان إندونيسيا يزيدون 3 ملايين سنويا، وهم أكثر من 226 مليون نسمة، مما يجعل إندونيسا رابع بلدان العالم الأكثر سكانا بعد الصين والهند والولايات المتحدة الأمريكية.

الأطفال في إندونيسيا، مثلُ الأطفال في دول العالم. لهم هواياتٌ. ويمارسون ألعاباً. يتعلمون عادات آبائهم. يدرسون ويجتهدون لينجحوا في صفوفهم التعليمية. وقد حكى لي صديقٌ زار إحدى مدارسهم أن التلاميذ يحملون مكانس لتنظيف فصولهم مشاركة منهم في حماية البيئة من حولهم.

وللأطفال أيضا في إندونيسيا قصص شعبية. أي قصة لا يعرف أحدٌ من كتبها أو حكاها، رغم أنها قصة قديمة يعرفها الكثير. والقصص الشعبية هي سر تسمية كثير من الأماكن، مثل القصة التي أحكيها لكم من مقاطعة رياو (في إندونيسيا 33 مقاطعة، وكل مقاطعة تشبه المحافظة أو الولاية في بلادنا العربية).

المناطق في مقاطعة (رياو) لها أسماءٌ عجيبة على السمع، لكن لها معاني في إندونيسيا: ليبات كاين (معناها الثوب المطوي)، بحيرة لانكانج (معناها: البحيرة الشريرة)!

كانت هناك سيدة مسكينة اسم ابنها لانكانج. يعيش الاثنان معًا في كوخ ببلدٍ اسمه كامبر. بعد رحيل والد لانكانج عملت الأم في الحقول لتستطيع الإنفاق على ابنها. أما لانكانج نفسه فقد اشتغل برعاية الأغنام.

ملَّ لانكانج من حياة الفقر، فاستأذن من أمه أن ينطلق للبحث عن مهنة جديدة تجعله ثرياً، وحين وافقت أمه، أخذ يقفز من السعادة، بينما الحزن يتملك عقل الأم، التي رحل زوجها، ويريد الآن ابنها أن يتركها وحيدة. لكنها أعدت له طعامه المفضل، ووضعته في جراب، لينطلق في الصباح التالي بمحازاة الشاطئ.

بعد سنوات، كانت الأم في بلدتها على حالها من الفقر، لكن لانكانج كان قد أصبح تاجراً غنياً، وتزوج، وأخذ يبحر بسفينة ملأى بالكنوز، من حرير وحلي وطعام وثياب وأدوات من المعادن النفيسة. أقام لانكانج حفلة موسيقية على ظهر السفينة التي قادها الربَّان لترسو في بلدة لانكانج التي تركها منذ سنوات بعيدة. اجتمع أهل البلدة على الشاطئ ليشاهدوا تلك السفينة التي ترسل صوت الموسيقى والغناء، ويلوح على شكل أهلها الثراء.

الأم المريضة في فراشها، سمعت بأنباء عودة الابن، فذهب التعب، ونهضت لترحب بالعائد إلى بلاده. وحين واجهته قال لانكانج في نفسه وهو يقف في وسط سفينة الكنوز «كيف تكون لي أم بائسة مثل هذه السيدة العجوز؟» ثم أمر البحارة بإبعادها وهي لاتزال تبكي غير مصدقة!

عادت الأم تطلب الرحمة من الله، وتدعوه سبحانه وتعالى أن يلقن الابن الجاحد درساً، الذي نسي أماً أنجبته، وأرضعته، وربته، واعتنت به، حتى يوم سفره. أرسل الله ريحاً حطمت السفينة بعد إبحارها، وغرقت كل الأشياء الثمينة، وعاد الابن وزوجته إلى بلدة الأم من دون شيء بعد أن ضاع كل ما يمتلكان. وأخذ لانكانج يبكي وهو يرجو أمه أن تسامحه.

البحيرة تسمى اليوم باسم الابن، لانكانج. أما نهر كامبار فهو يفيض سنوياً، ويقول أهل رياو إن تلك المياه هي دموع لانكانج التي أخذ يبكي ويذرفها ندماً على ما فعله مع أمه.

 


 

أشرف أبو اليزيد










طفلة مع أمها في معرض لبيع الرسوم في إندونيسيا .. أم تطعم طفلها، مع خالته، في محل بمدينة بالي الإندونيسية تباع فيه المشغولات الشعبية