الإسلام حضارة.. إعداد: فريد أبوسعدة

الإسلام حضارة.. إعداد: فريد أبوسعدة

رسم: ممدوح طلعت

حسابُ العربِ.. ومعجزةُ الصفرِ

كان لدى الهنود أشكال عديدة للأرقام ، فاختار العرب بعضها وهذبّوها وكوّنوا منها سلسلتين، عرفت السلسلة الأولى بالأرقام الهندية، وهي المستعملة حتى الآن في الهند وأكثر الدول الإسلامية والعربية مثل (1، 2، 3، 4،....)، وعرفت الثانية بالأرقام الغبارية (إذ كان الهنود يضعون غبارا خفيفا على لوح من الخشب ويرسمون عليه الأرقام في عملياتهم الحسابية) وقد انتشرت الأرقام الغبارية فى بلاد المغرب والأندلس ومنها دخلت إلى أوربا وتعرف حتى الآن بالأرقام العربية وهي: (1 2 3 4 5 6 7 8 9) لأن أوربا في ذلك الوقت كانت تستخدم الأرقام اللاتينية وهي: (I,II,III...).

قدم العرب للعالم هذه الأرقام الهندية بعد أن طوّروها، والأهم هو تقديمهم لطريقة جديدة فى الإحصاء، هي الإحصاء العشري المكون من الأرقام التسعة السابقة زائد الصفر (0) الذي اخترعوه، إذ من هذه الأشكال العشرة يمكن تركيب أي عدد مهما كان كبيرا, فالنظام الذي أوجده العرب يجعل قيمة الرقم تتغير بتغير منزلته، فالرقم الذي على اليمين يدل على الآحاد، والذي يليه على العشرات، والذي يليه على المئات، ثم الألوف وهكذا، فإذا أردنا أن نكتب العدد (46) مثلا فإننا نضع الستة فى منزلة الآحاد والأربعة في منزلة العشرات، وهنا نجد أن الستة رفعت الأربعة وأعطتها قيمة الأربعين، ولكن إذا أردنا أن نكتب الرقم (40) فمعنى ذلك أنه علينا أن نجد رقما يدفع الأربعة إلى منزلة العشرات، وفي نفس الوقت لا يزيد في المجموع شيئا، ومن هنا كانت أهمية اختراع رقم الصفر (0) العربي.

رقم الصفر.. العجيب!

وللصفر فوائد كثيرة لا تتوقف على تسهيل الترقيم ، وتسهيل العمليات الحسابية من جمع وضرب وقسمة، بل ومن دونه ما استطعنا حل المعادلات الرياضية، ولا تقدمت فروع الرياضيات، وبالتالي ما تقدمت المدنية هذا التقدم العجيب.ومن الغريب أن الأوربيين لم يتمكنوا من استعمال هذه الأرقام العربية، إلا بعد انقضاء قرون عديدة من إطلاعهم عليها، فلم يعمم استعمالها فى أوربا إلا في أواخر القرن السادس عشر الميلادي!

ويقول حاجي خليفة عن الحساب الهوائي في كتابه «كشف الظنون»: «هو علم نعرف به كيفية حساب الأموال العظيمة في الخيال بلا كتابة، وله طرق وقوانين مذكورة في بعض الكتب الحسابية، وهذا العلم عظيم النفع للتجار وأهل السوق من العوام الذين لا يعرفون الكتابة، وللخواص إذا عجزوا عن إحضار آلات الكتابة».

 


 

فريد أبوسعدة