حكايات من التراث الروسي

حكايات من التراث الروسي

رسوم: رضوان الرياحي

النجم الذهبي

كان يا مكان في بلدة صغيرة، تعيش فتاة اسمها آنوشكا. تبلغ من العمر ست سنوات، لكنها كانت فتاة ذكية جداً. تحب النجوم حباً جماً (كثيراً). وفي وقت متأخر من الليل، كانت غالباً ما تستيقظ من فراشها، وتجلس على الأريكة لتمضي وقتا طويلا مستمتعة بجمال السماء المزينة بالنجوم المتلألئة.

وأكثر ما يعجبها هو ذلك النجم الذهبي الصغير. فكانت تتأمله كثيراً حتى راحت تكلمه أحيانا. لكنها في إحدى المرات وبينما كانت تتأمل النجم كعادتها، لاحظت كيف ازداد التماعه، ثم امتدت منه حزمة رقيقة من الضوء، لتكتب على زجاج النافذة عبارة:ما هو اسمك يا فتاتي؟ أنا اسمي - «الشظية». ذكرت آنوشكا اسمها، وقالت إنها حقا تحب «الشظية» كثيراً. عندئذ قال النجم «الشظية» إنه يود دعوتها للزيارة لتكون ضيفة عليه. خافت الفتاة في البداية، ولكنها هدأت بعد ذلك، ثم وافقت. أرسل «الشظية» شعاعاً آخر من الضوء ليأخذ الفتاة برفق، حاملاً إياها عبر السماء الليلية المزينة بالنجوم إلى ربوع النجم الذهبي. لم يستغرق الأمر سوى لحظة، ووصلت آنوشكا بالفعل إلى وجهتها.

تلفتت الفتاة حولها فرأت عالماً رائعاً مليئاً بالأنوار الذهبية. أوراق الأشجار كان لونها ذهبياً، مثلها كأوراق شجر الاسفنديان والبتولا أثناء فصل الخريف في موطننا كوكب الأرض، الأعشاب كانت ذهبية اللون، والثمار الغضة (الطرية) فوق الأشجار تلألأت كذلك بلون ذهبي. وأيضاً غطى أجساد الحيوانات وبَرٌ ذهبي مائل للاحمرار. خرج أناس قصار القامة لاستقبال الفتاة كأطفال في سن السادسة أو السابعة ويلبسون ملابس خفيفة متلألئة بلون ذهبي. كانت وجوههم مبتهجة وودودة. وفي الحال، أخذوا آنوشكا معهم وبدأوا في إطلاعها على كل شيء، وإطعامها بنوع غير عادي من الفاكهة.

سألت الفتاة: «لماذا يسمى نجمكم الشظية؟»

عندها جاء رجل مسن، أجلس الجميع فوق مرج ذهبي ومن ثم بدأ يحكي قصة عن موطنهم الشظية:

- كان ذلك في قديم الزمان، عندما كان نجمنا كبيراً جداً، وأمتنا كانت قوية، وكان سكانها طوال القامة يصلون إلى مترين. في البداية، عشنا معا في سلام ووئام. وكنا نملك كل ما يمكننا من العيش حياة خالية من الهموم. نجمنا قدم لنا الطعام والملبس وغيرهما، بحيث وفِّر لنا كل الاحتياجات دون عناء. لم يجد الرجال الأقوياء مكاناً لاستخدام قواهم. فقاموا بترتيب البطولات والمسابقات لاستعراض قوتهم. ولكن مع مرور الوقت، أصبح هذا لا يجلب السلوى لهم ولا يرضيهم. في السابق، كان الخصم المهزوم في البطولة يُترك على قيد الحياة، ولكن في وقت لاحق أكثر فأكثر أصبح الفائزون أكثر قسوة وبدأوا في قتل خصومهم المهزومين، وهذا كان يعجب المتفرجين ويمتعهم. الناس أصبحوا قساة يحبون الشر. ثم بدأت الحرب الدموية. ارتجف النجم من هول صرخات الناس الذين يموتون. والناس يقتلون بعضهم بعضا. وفجأة، وفيما كان الناس لاهين في جنونهم وعلى شفا تدمير بعضهم البعض دوى هاتف من السماء قائلاً لهم: اجمعوا كل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ست وسبع سنوات وانقلوهم إلى بقعة لم يعش فيها أحد من البشر، واتركوهم هناك، ومدوهم بالخبرة الكافية للبقاء على قيد الحياة، هذا من أجل الحفاظ على حياتهم ولإنقاذ أرواحهم من الضغائن. وكذلك للإبقاء على براءة الطفولة والطيبة.

وهذا ما حدث بالفعل.

بعد ذلك تعرض النجم الذهبي لانفجار رهيب. وتطايرت قطع متفرقة من جسده في الفضاء، بينما سلَم جزء صغير فقط من النجم، حيث عاش الأطفال والحيوانات ونمت الغابات. وهكذا تحول النجم الذهبي الكبير ليصبح نجيماً صغيراً. وبقي الأطفال كما هم ولم ينموا ويكبروا كما هي حال آبائهم. لم يهبهم الله قوة عظيمة ولا طول القامة، ولكنه وهبهم العطف ومحبة الله والعالم المحيط بهم، وحب بعضهم بعضاً. إنهم يعملون بجد ويعتنون غاية العناية بنجيمهم الذهبي. واليوم بإمكانهم أن يضعوا كل شيء بأيديهم وبالعمل والحب. وهم يعيشون الآن معاً بسلام وود وابتهاج، مستمتعين بكل يوم من أيام حياتهم. بينما قطع النجم الذهبي التي تطايرت في الفضاء فيما مضى، بدأت في العودة إلى النجيم لتلتصق به من جديد ولتساهم في زيادة حجمه. وسكان النجيم الذهبي سمّوه الشظية، الأمر الذي يعني أنه شظية من نجم كان فيما مضى كبيرا. ولكنه، سيعود ليكون مرة أخرى كبيراً، لأن الحب والطيبة يجذبان في اتجاههما مثيلاتهما.

والضيفة أنوشكا التي ذهبت في سبات (نوم) عميق وضعها النجيم الذهبي في أرجوحة ضوء حملتها بحذر إلى سريرها هناك على الأرض موطنها الأم.

الثعلب وطائر الغرنوق (أبوقردان)

ربطت صداقة قوية بين الثعلب والغرنوق. وذات مرة رغب الثعلب في استضافة صديقه الغرنوق فذهب اليه يدعوه للغداء في منزله:

- تعال إلي، ياصديقي، تفضل عندي يا عزيزي! شرفني على الغداء في منزلي!

لبى الغرنوق الدعوة للوليمة، في حين قام الثعلب بتحضير وجبة العصيدة الشهية وقدمها ممسوحة في طبق واسع صائحاً:

- الغداء، يا عزيزي! لقد قمت شخصياً بتحضيره لكم.

حرك الغرنوق منقاره الطويل يمينا وشمالا ونقر الأكل وطرق قاع الصحن وطقطق بمنقاره، ولكنه لم يستطع التهام أي شيء من العصيدة. بينما قام الثعلب في الوقت نفسه، بالتهام الأكل وإعادة ملء صحنه مرة تلو الأخرى بالعصيدة اللذيذة حتى شبع بأن أكل العصيدة كلها لوحده وهو يقول:

- المعذرة يا صديقي العزيز ليس هناك شيء آخر أعرضه عليك للأكل!

- شكراً، يا عزيزي، أنت لم تقصر في شيء! تعال أنت لزيارتي غداً.

وفي اليوم التالي حضر الثعلب إلى منزل الغرنوق ملبياً دعوته، في حين قام الغرنوق بإعداد حساء من شوربة العدس وملأ بها جرة كبيرة ذات عنق طويل وضيق، وضعها على الطاولة، وقال:

- كل طعامك ياصديقي العزيز دون حياء!

دار الثعلب حول الجرة من هذا الجانب وحاول من ذلك الجانب لاحسا الجرة تارة وشاما إياها تارة أخرى، لكن دون جدوى أو فائدة. فلم يكن باستطاعته ادخال رأسه في الجرة للوصول إلى الطعام. بينما الغرنوق بكل راحة يلتقط بمنقاره الطويل الطعام ويأكل بيسر حتى شبع. والتفت إلى الثعلب قائلا:

- حسنا، لا تؤاخذني يا صديقي العزيز! لا شيء عندي أكثر أستطيع تقديمه لكم.

تكدّر الثعلب وانزعج من هذا الموقف: أعتقد أنه سوف يأكل بحيث يبقى شبعان لأسبوع كامل، ولكنه عاد إلى منزله جائعاً بخفي حنين. ومنذ ذلك الوقت، والصداقة بين الثعالب والغرانيق مقطوعة.

الفتّوتة

كما تعلمون أن هناك على وجه الأرض أناساً خيرين، وهناك سيئون بعض الشيء، وهناك أيضاً أولئك الذين لا يخشون الله، ولا يخجلون من أشقائهم بني البشر: ومع أمثال هؤلاء عاشت «الفتّوتة». أصبحت يتيمة في سن مبكرة، ثم آلت (تحولت) حضانتها إلى هؤلاء الناس، الذين قاموا بإطعامها وأصرّوا على حرمانها من رؤية دنيا الله، بينما أجبروها على العمل يومياً، أنهكوها، وهي تخدم، وترتب، وتهتم بالجميع وتكون مسئولة عن كل شيء أمام الجميع.

وكان لزوجة أبيها ثلاث بنات. الكبرى تدعى أم عين والوسطى أم عينين والصغرى أم ثلاث عيون، وكل ما كانت تعرفه هؤلاء البنات هو الجلوس على البوابة والتحديق طويلاً عبر الشارع، بينما «الفتوتة» تعمل لهن، تخيط لهن، وتحيك لهن وتنسج، ومطلقا، كلمة طيبة منهن لم تسمع. فهناك من يوخزها بصورة مؤلمة ويدفعها بينما لا يوجد من يحييها أو يشجعها .

يحدث أن، تخرج «الفتّوتة» إلى الحقل، تحتضن بقرتها الرقطاء، ثم تستلقي على رقبتها وتحدثها عن صعوبة العيش وسوء الحال: أيتها البقرة الأم! لقد تعرضت للضرب، والسب والحرمان من الخبز وحتى البكاء قد منعت منه. أعطيت قنطارين من مادة الخيش لكي أنهي بحلول يوم غد غزلها ونسجها وتبييضها ومن ثم طيها ولفها.

فأجابتها البقرة: يا فتاتي الجميلة! ادخلي في إحدى أذنيّ واخرجي من الأذن الأخرى، سوف تنجز كل الأعمال التي أوكلت اليك.

وهكذا تحقق كل شيء. تخرج الفتاة الجميلة من أذن البقرة وكل شيء جاهز: الغزل، النسج، والتبييض، والطي واللف.

تحمل الفتوتة كل هذا إلى زوجة أبيها التي تنظر اليها نظرة قاسية، ثم تخبئ ذلك في الصندوق ومن ثم تطلب منها مزيداً من العمل.

تذهب الفتوتة مرة أخرى إلى البقرة، تدخل في إحدى أذنيها، تخرج من الأخرى، وبعد ذلك تحمل ما تم إنجازه من عمل إلى زوجة أبيها.

تعجبت العجوز فنادت ابنتها الكبرى أم عين:

- بنيّتي الحلوة، ابنتي البارة، انظري من هذا الذي يساعد اليتيمة: الغزل والحياكة، والطي واللف؟

ذهبت أم عين برفقة اليتيمة «الفتوتة» إلى الغابة وصاحبتها إلى الحقل، ولكنها نسيت أوامر أمها، أصابتها دوخة من اللعب تحت أشعة الشمس الحارة، فاستلقت على العشب بينما الفتوتة تكرر وتعيد:

- نامي يا عيني، نامي عيني!

وغفت أم عين في سبات عميق، في حين أتمت البقرة النسج، والتبييض.

وحيث إن زوجة الأب لم تصل إلى معرفة سر الفتوتة، فأرسلت ابنتها الوسطى أم عينين، وهي أيضا مثل أختها الأولى، أصابتها دوخة من اللعب تحت أشعة الشمس الحارة، فاستلقت على العشب ونسيت كذلك وصية أمها فأغلقت عينيها فيما الفتوتة تهدهدها:

- نامي يا عيني، نامي وانت ياالثانية!

وفي هذه الأثناء أتمت البقرة الغزل والحياكة، والطي واللف فيما بقيت أم عينين نائمة.

غضبت زوجة الأب العجوز غضبا شديدا، وفي اليوم الثالث على التوالي أرسلت ابنتها الصغرى أم ثلاث عيون، فيما طلبت من الفتوتة اليتيمة إنجاز المزيد من الطلبات. وأم ثلاث عيون مثلها مثل شقيقتيها الأكبر، قفزت ولعبت ومن ثم انبطحت فوق الحشيش فبادرتها الفتوتة بالغناء:

- نامي يا عيني، نامي وانت ياالثانية!

ونسيت المسكينة ذكر العين الثالثة، فغفت العينان ونامتا فيما ظلت العين الثالثة تشاهد وترى كل شيء بما فيها كيف أن الفتوتة دخلت في أذن البقرة ومن الأخرى خرجت وكيف جمعت منسوج الخيش الجاهز. وكل ما شاهدته أم ثلاث عيون قامت بنقله لوالدتها، ففرحت العجوز فرحاً شديداً، وفي اليوم التالي هرعت إلى زوجها قائلة:

- اذبح البقرة الرقطاء يا عجوز!

العجوز حاول الاعتذار بطريقة أو أخرى:

- ما بالك، زوجتي، هل أنت بكامل قواك العقلية؟ البقرة صغيرة في السن، وصحتها جيدة!

- اذبحها.. وخلاص.

وبدأ الأب في شحذ سكينه ...

جرت الفتوتة مسرعة إلى البقرة وأخبرتها قائلة:

- أيتها البقرة الأم! إنهم يريدون ذبحك.

- وأنت يا فتاتي الجميلة، لا تأكلي من لحمي، بل اجمعي عظامي وفي شالك لفّيها وفي اليستان اغرسيها ولا تنسي كل صباح بالماء أن تسقيها.

عملت الفتوتة كل ما أوصتها به البقرة : جاعت وجاعت، ولكنها لم تذق ولم يدخل شيء من اللحم في فمها، بل كانت كل يوم تعنى بالعظام وبالماء تسقيها، فنمت منها شجرة تفاح رائعة، سبحان الله ربي! التفاح يتدلى منها جاهز للقطف، أوراقها ذهبية لها رنين، واغصانها فضية تتراقص مع الهواء وتميل، يتوقف كل من يمر بجوارها، ويمعن (يدقق) النظر بها طويلا من يطوف بقربها.

حدث ذات مرة والبنات يلعبن في البستان، أن مر مرتحلا بالحقل شاب وسيم وغني ونبيل فرأى التفاح وسأل الفتيات:

- أيتها الفتيات الجميلات! من ستأتيني منكن بتفاحة فستصبح عروسي المختارة؟

وهرعت الشقيقات الثلاث جرياً واحدة تلو الأخرى إلى شجرة التفاح. فلقد كان التفاح معلقاً على ارتفاع منخفض بين الأيادي سهل الوصول، ثم انتفض فجأة ليرتفع عالياً جداً، أعلى بكثير من أن يطال.

ولقد حاولت الشقيقات جاهدات إسقاط بعضه فانهالت الأوراق ذرات تعمي العيون، وحاولن كسر الغصون وخلعها فتفلت ربطات ضفائرهن وتفرقت، وكيفما حاولن وتحركن لم ينجحن بل جرحت أيديهن، ولم يتمكن من الوصول.

وما إن اقتربت «الفنوتة» من الشجرة حتى مالت الأغصان اليها وهبط التفاح بين يديها.

وهكذا تزوج الشاب النبيل من «الفنوتة» وعاشا في سبات ونبات وسعادة لم يعرفا بعدها حزناً ولا سوءاً أبدا.

السيد والفلاح

ذهب الفلاح العجوز ليحرث الحقل فنبش مخبئاً سرياً يحوي مقداراً عظيماً من النقود والكثير من الذهب. فنقل هذا الكنز إلى بيته وقام باخفائه. وطلب من زوجته راجياً:

- أرجوك يا زوجتي العزيزة لا تبوحي بهذا لأي كائن كان!

وبدأ يتابع تحركات زوجته العجوز وتصرفاتها.

ولكن العجوز ذهبت فورا إلى جارتها وأخبرتها قائلة:

- ياجارة، لقد عثر زوجي على كنز عظيم، ولكن رجاء لا تبوحي بهذا لأي كائن كان!

وعندما رأى الفلاح أن زوجته العجوز بدأت تروي الأخبار عن الكنز أمرها بتحضير كمية من الفطائر والكعك. وعندما استيقظ في صباح اليوم التالي، استقل الفلاح وزوجته عربة متجهين إلى الحقل. ولم ينس الرجل العجوز أخذ الفطائر والكعك بينما أجلس زوجته ظهرا لوجه في العربة. ثم أخذ يرمي الفطائر خلفه على الطريق.

وعندما شاهدت الزوجة الفطائر الملقاة على الطريق صاحت:

- انظر يا عجوز، ما أكثر الفطائر الملقاة على الطريق!

فيجيبها قائلا:

- اجمعيها يا عجوزي، إن غيمة فطائر أمطرتها.

فأسرعت الزوجة بجمعها واضعة إياها في كيس من الخيش. تقدما في مشيهما أبعد من ذلك. وفي هذه المرة أخذ الفلاح يرمي الكعك خلفه على الطريق.

وصرخت الزوجة عندما شاهدت الكعك الملقى على الطريق:

- انظر يا عجوز، ما أكثر الكعك الملقى على الطريق!

والرجل العجوز يجيب:

اجمعيها يا عجوزي، إن غيمة كعك أمطرتها.

وبالمثل، قامت المرأة العجوز بجمع الكعك.

وبعد ذلك تابعا سيرهما إلى الغابة.

- انتظري هنا يا عجوزتي قليلا - قال الرجل العجوز.

- سأذهب لأرى: لدي شبكة منصوبة هنا.

ومن ثم ذهب وجلب بعض السمك. وعندما وصلا النهر ذهب الفلاح وأحضر فخاً صاد أرنباً.

عمل الفلاح وزوجته نهارا وفي المساء غادرا الحقل. وفي طريق العودة، تعمد الزوج السير بزوجته مرورا بقصرالوالي. وفي تلك الأثناء كان لدى الوالي حفلة صاخبة. حينئذ التفت العجوز إلى زوجته قائلا:

- انظري كيف يصرخون، فيما يبدو أن الشياطين تصارع الوالي.

وبعد بضعة أيام وصل إلى اسماع الوالي ما كان يفترض أن يكون سرا : الفلاح العجوز وجد كنزا. وبالطبع، انتابت الوالي رغبة عارمة في حرمان الفلاح من ذلك الكنز المزعوم. وفي الحال يدعو الفلاح العجوز ويسأله:

- أنت، يا عجوز، وجدت كنزا؟

- ماذا؟ كنز؟ أنا لا أعرف أي كنز.

- كيف لا تعرف؟ لكن عجوزتك تقول إنك وجدته.

أحضروا الزوجة العجوز وبدأوا في التحقيق معها:

- أليس ذلك صحيحا يا جدة؟

والفلاح يقول:

- لا، لا، أنا لا أعرف عن أي كنز تتحدثون.

بينما الزوجة تؤكد ذلك قائلة للزوج :

- كيف لم تجد؟ وجدت كنزا اليس كذلك ياعجوز ؟ أتذكر، أيها الجد، عندما ذهبنا وإياك إلى الحقل حين أمطرت الغيمة فطائر؟

- لا أعرف، قال الفلاح العجوز.

- كيف لا تعرف؟ حين أمطرت الغيمة كعكا؟ نسيت يا عجوز؟

ولكن الزوج يهز رأسه نافيا كل ذلك.

- وهل تذكر عندما اصطدنا السمك في الغابة، وبالفخ اصطدنا أرنبا في النهر؟

- لا أعرف.

تزداد حدة الزوجة فتصرخ :

- كيف ..

- لا أدري؟

- أتذكر، عندما مررنا في طريق العودة مرورا بقصر حضرة الوالي.

حيث خاض حضرة الوالي صراعا مع الشياطين؟

غضب الوالي غضباً شديداً، ثم نادى حراسه قائلا :

- ارموا بهذه العجوز المجنونة إلى الخارج في الحال!

وهكذا نجا الفلاح العجوز وماله.

 


 

تعريب: د. محمد عيسى الأنصاري

 




غلاف هدية العدد