مازنٌ يحلِّقُ في الفضاءِ.. قصة: د.لينة الدسوقي

مازنٌ يحلِّقُ في الفضاءِ.. قصة: د.لينة الدسوقي

رسم: لطيفة أهلي

بينما كانت معلمةُ الفصلِ تتابعُ حكايتها عن صياد السمك والبحر كان مازن غارقاً في أحلامه يتخيل نفسه على سطح القارب وبيده شبكةٌ كبيرةٌ يرميها في البحر وإذ بسمكة قرش هائلة تعلَقُ في الشبكة ويبدأُ بشدها برغم مقاومتها الشديدة وحركتها السريعة وقد فتحت فمها الى آخره وظهرت أنيابُها الشرسة.

فجأة سألت المعلمة مازن: ماذا تريد أن تصبح في المستقبل يامازن؟

أجاب مازن بعفوية: صياد سمك.

ضحكت المعلمة ووقعت له على دفتر الواجبات (بارك الله فيك ياصياد السمك العظيم).

وحين عاد الى البيت ناداه والده:

تعال يا مازن شاهد هذا البرنامج الرائع عن الفضاء.

دهش مازن وهو يراقب رائد الفضاء بثوبه المعدني الضخم وخوذته الكبيرة وسحره منظر الرجل وهو يمشي على سطح القمر كأنه ريشة تطير.

أخبره والدُه أن هذا يحدث بسبب انعدام الجاذبية الأرضية وأن هذا الرجل يدعى (نيل آرمسترونغ) وهو أول رجل مشى على سطح القمر.

شاهد مازن الكواكب الشمسية والنجوم والشهب والمجرات ورأى كيف يبدو كوكب الارض صغيراً مثل كرة البينغ بونغ.

وفي نهاية البرنامج أخبر مازن والده أنه قد غير حلمه وأنه سيكون في المستقبل رائد فضاء.

في الأسبوع التالي ذهب مازن مع المدرسة في رحلة إلى متحف العلوم، وفي قسم (تطور الحيوانات على اليابسة) شاهد مازن مجسماً ضخماً للديناصور وذهلَ لضخامته وطول ذيلهِ وشكل أسنانه.

أخبرهم دليل المتحف أننا في وقتنا الحاضر لا يمكن لنا أن نرى الديناصورات لأن هذا الحيوان قد انقرض منذ زمن وأن العلماء قد استدلوا على وجوده من الحفريات، وهي عبارة عن آثار عظام الديناصور المندثرة بين طبقات الصخور العميقة والقديمة.

أُعجب مازن كثيراً بفكرة دراسة الحفرياتِ وقرر قراره الحاسم: (سوف أكون في المستقبل عالم ديناصورات).

في عطلة نهاية الأسبوع ذهب مازن مع عائلته إلى السينما وشاهد فيلماً عن بطل الساموراي.

انبهر مازن بهذه اللعبة اليابانية التي تعلم الصبر وفنون القتال المسالم الذي يهدف إلى الخير والدفاع عن المظلومين.

سأل مازن والده: ما معنى الساموراي؟

أجاب والده: إنه الشخص الذي وُجد لخدمة الآخرين كي يحفظ الأمن.

وأدهشته حركات البطل وهو يقفز في الهواء ويتشقلب ويحارب الشر ويدافع عن الخير وأغمض عينيه وتخيل نفسه بطلاً للساموراي يرتدي الزي الابيض والحزام الأسود ويصول ويجول ويقفز ويهبط.

فتح مازن عينيه وقد سجل في ذاكرته حلماً جديداً (سأكون في المستقبل بطل الساموراي).

بعد أيام قليلة جاء عمار صديق مازن وأخبره أن السيرك قد حضرَ إلى المدينةِ وعليهما أن يذهبا لمشاهدتهِ.

وفعلاً ذهب الجميع إلى خيمةِ السيرك وكانت أكثر الفقرات روعة فقرة رقصة الأسود.

كانت الأسود تقفز داخل حلقة مشتعلة بالنيران وتدور حول الحلبة وتتوازن على قائمتيها بينما مدرب الأسود يحرك عصاه كالمايسترو الذي يقود فرقة موسيقية لينجز أجمل العروض.

خرج مازن من السيرك وقد اختمرت في ذهنه فكرة ذهبية: (حين أكبر سأكون مدربا للأسود).

وكما اعتاد مازن دائما كان لا ينام إلا على صوت أمه الحنون وهي تحكي له كل يوم حكايات جميلة ومثيرة وها هي اليوم تحكي له حكاية (ثياب الإمبراطور الجديدة) هذه الحكاية الجميلة والممتعة ليحلق في أحلامه ويحلق ويحلق.

وتمضي السنون بسرعة.

وها هو مازن أصبح شاباً ومازال يحلق ولكن هذه المرة ليس في الأحلام بل يحلّق في طائرته الجميلة، لقد كبر مازن وأصبح طياراً يطيرُ في السماء يزور العالم الواسع ويستمتع بجباله وبحاره وجناته.

لقد حلق مازن كثيرا في أحلامه.. حتى قادته أحلامه إلى الفضاء.

 


 

لينة الدسوقي