جيراننا العالم.. أولادٌ وفراشاتٌ
جيراننا العالم.. أولادٌ وفراشاتٌ
يرسمها: عبدالعال ذاتَ صباح مشمس، من أيَّام الصَّيْفِ، مَرَّ رجلٌ حكيمٌ عجوزٌ بحديقةٍ جميلةٍ، يلهو فيها أطفالٌ ويمرحُون. جلسَ الحكيمُ تحتَ ظلِّ شجرةٍ، وأخذ يستمتعُ بمشاهدة الأطفال الفرحين، وهو يستمعُ إلى ضحكاتِهم تصعدُ في الفضاءِ مثلَ غناءِ الطيور المُغرِّدة. من بعيدٍ لمحَ الحكيمُ في السماءِ سحابة تقتربُ. علمَ أن الصيفَ سينتهي قريبًا، وأن الخريفَ سيأتي فتسقط أوراقُ الأشجار. وحين يعمُّ الشتاءُ، ستهبط الثلوجُ، وتختفي الشمسُ، وتذبل الأزهارُ، وتغادر الحديقةَ الطيورُ المنشدة والفراشات الملونة، ويختفي الأولاد والبنات في بيوتهم، يتدثرون بالملابس الثقيلةِ خوفا من المطر والثلج والبردِ. فكَّر الحكيمُ بحزن شديدٍ: «بعد شهور يأتي الشتاءُ الأول، وبعد عام يأتي شتاءٌ ثان، وتمر السنوات فيكبر الأطفال، وينسون المرح. وتكون الأرضُ قد أصبحتْ جرداء، والحدائقُ أصبحت صحراء!» قال الحكيمُ إلى عصفور يجلس إلى جواره ويغني: «ليتني أستطيعُ أيها العصفور أن أحتفظ باليوم كما هو إلى الأبد؛ بشمسِهِ السَّاطعةِ، وألوانه الرائعِةِ!». فتح الحكيمُ كتابه السحري، وتصفحه حتى وصل إلى صفحة الاحتفاظ بالألوان، ثم قال لصديقهِ العصفور: «يجب أن أصنع شيئًا يسرُّ العين، ويفرح هؤلاء الأطفال». أخذ الحكيم خصلة من شعر أسود، وقطرة ماء عذبة من بئر حلوة، وبقعة لون زرقاء من سماء صافيةٍ، وملمس قطن أبيض من السحابة العابرة، وملعقة عسل من بيت ملكة النحل، وغصناً من شجرةٍ خضراء، وعصيرًا من ثمرةِ برتقال، ثم صنع من كل شيء جناحين أعطاهما للأطفال ليصبحوا مثل الفراشات، يحلقون بفرح، كما أخذ من صديقه الطائر أغانيه، ليغنيها الأطفالُ مع الفراشات - صديقاتهم الجديدات - للأبد. قال الطائرُ للحكيم: «لقد حرمتني من صوتي، ولن أستطيع أن أغني ثانية. كما أن الأطفال لن يستطيعوا الطيران دائمًا بأجنحةِ الفراشات!». أدرك الحكيمُ صدق كلام الطائر، فأعاد الغناء إليه. وبقيت الفراشات صامتة حتى يومنا هذا. لكن الأطفال يستمتعون دائمًا، بلون الفراشات، وغناء الطيور. هذه حكاية شعبية، سمعتها من صديق مكسيكي، وقد عدلتها قليلا لتناسب قراء (العربي الصغير). القصة الشعبية يُمكن أن نرويها بلغتنا، وبطريقتنا، ولكن يجب أن نتذكر من أين استمعنا إليها للمرة الأولى. هل تعلمون أين يسكن صديقي الذي أخبرني بتلك القصة الخرافية الجميلة؟ هل تعلمون أين توجد المكسيك؟ في العالم الجديد، وهي التسمية التي أطلقها الجغرافيون على قارتي أمريكا الشمالية، وأمريكا الجنوبية، تقع المكسيك في المنتصف تمامًا، فيحدها شمالا الولايات المتحدة الأمريكية ويجاورها جنوبا دولة جواتيمالا، وتطل في الشرق على خليج المكسيك، وفي الغرب لها ساحلٌ على المحيط الهادي، وأشهر مدنها العاصمة مكسيكو سيتي. ابحثوا عن قصص شعبية أخرى من المكسيك. ابحثوا عن مدنها الأخرى، وأشهر حضاراتها. الناس في أرجاء العالم جيرانٌ لنا، حتى ولو كانوا في قارة أخرى.
|