بينو كيو

بينو كيو

رسوم: وصفي الفضلي

كان النجار الفقير «جيبيتو» يعيش في قرية صغيرة من قرى ايطاليا وحيداً لأنه لم يتزوج وبالتالي لم ينجب أولادا.

وذات يوم قال لنفسه: سوف أصنع دمية للأطفال في القرية, وسوف أسميه «بينو كيو».

بدأ «جيبيتو» في نحت قطعة من الخشب, وفجأة صاحت الخشبة: أوشن.. انتبه, لقد آذيتني.

فكر النجار: كم هو غريب, ثم استمر في نحت قطعة الخشب وفى الحال انتهى من نحت الرأس, ثم الجسد فالساقين, ثم القدمين والذراعين فالكفين, ثم نحت أنفا طويلا ليضعه على وجه الدمية.

فجأة قفز «بينو كيو» بعيدا عن ذراعي «جيبيتو» وجري بعيداً وهو يضحك قائلا: ها ها.. لن تستطيع أن تمسكنى.

طارد «جيبيتو» «بينو كيو» في الشارع ولكن الدمية كانت أسرع منه..

كل ناس القرية راحوا يضحكون وفى النهاية استطاع شرطي ان يمسك «بينو كيو» من أنفه.

كان النجار غاضبا جداً.

قالت فتاة صغيرة للشرطي: اعتقد ان «جيبيتو» سوف يقتل الدمية.. لا تدعه يقتلها.

قال القرويون: نعم.. نعم, أودعه السجن.

عندئذ أودع رجل الشرطة «جيبيتو» السجن.

كان «بينو كيو» جائعا لذا عاد إلى بيت «جيبيتو» وبحث في جميع الصناديق والدواليب حتى وجد بعض الطعام، التهم الطعام, ثم نام بالقرب من النار.

في صباح اليوم التالي استيقظ على صوت ضوضاء فأدرك أن هناك شخصا ما عند الباب.

صاح «جيبيتو» إنه أنا.. دعني أدخل.

حاول «بينو كيو» أن يقف ولكنه لم يستطع وراح يصيح قائلا: ساقي.. ساقي، لقد أحرقت النار ساقي.

تسلق «جيبيتو» داخلا من النافذة.. مازال غاضبا، لكنه عندما رأى ساقي «بينوكيو» شعر بالأسف.

وقال: سوف أعالج لك ساقيك، لكن يجب ان تغدو ولدا طيبا ويجب ايضا أن تذهب إلى المدرسة.

قال بينو كيو: سوف أكون ولدا طيبا.

لذا فقد عالج جيبيتو ساقي بينو كيو، ثم صنع له قميصا وبنطلونا من الورق ثم قال له مودعا: مع السلامة.. كن ولدا طيبا في المدرسة اليوم.

فى طريقه إلى المدرسة سمع بينو كيو صوت موسيقى.. لقد كانت بداية عرض للعرائس.

وقف بينو كيو وشاهد جزءاً من العرض وفي الحال رآه أحد الدمى فقال له: هيه.. انك أيضا دمية.. تعالي هنا إلى خشبة المسرح. صعد بينو كيو إلى خشبة المسرح ولعب دورا معهم.

لقد قضوا وقتا ممتعا، وصاح الناس: هورا.. مرحى وراحوا يصفقون لهم ولكن رئيس العرائس لم يكن سعيداً..كان رجلا ضخما، وكانت له لحيه سوداء هائلة الضخامة، وأمسك بينو كيو وقال له صائحا في غضب: سألقي بك في النار.

خافت الدمى الاخرى خوفا شديداً كما كان بينو كيو خائفا أيضا ولكن بعد أن أحصى رئيس الدمى النقود التي حصلها من مشاهدة العرض وجد أن الناس أحبت العرض جدا فقد دفعوا نقودا أكثر لذلك.

عندئذ قال لبينو كيو: خذ هذا, وأعطاه عُملة ذهبية.

قال بينو كيو: شكرا يا سيدي.

وجرى مبتعدا عنه قبل أن يغير رئيس العرائس رأيه.

ثم فكر قائلا: سوف اذهب إلى البيت الآن وسوف يسعد جيبيتو بي، قابل بينو كيو قطة وثعلبا في طريقه إلى البيت.. قالا عندما رأياه.. مرحبا أيها الصديق.. إنك تبدو سعيدا اليوم.

قال بينوكيو: نعم.. كنت في عرض للعرائس هذا الصباح وقد أعطاني رئيسهم عمله ذهبية.

قالا: عمله ذهبية؟! تعال معنا، وسوف نجعل لك العمله الذهبية مائة عملة ذهبية, فذهب بينوكيو معهما إلى الغابة المظلمة, وعندما أصبحوا في الغابة قفز الثعلب والقط على بينو كيو وحاولا سرقة عملته الذهبية، لكن بينو كيو ركلهما بقدميه الخشبيتين وجرى مبتعدا عنهما، وظل يجري حتى وصل إلى بيت فدق بابه. ففتحت له سيدة جميلة ترتدي ثوبا ازرق.

أهلا بك.. من أنت..؟؟

اسمي بينو كيو... أرجوا مساعدتي.

وأخبرها بقصته، فقالت له السيده: وأين العملة الذهبية الآن...؟

قال: لقد فقدتها.

ولم تكن هذه حقيقة، فقد كانت العملة الذهبية في جيبه، وفجأه بدأ أنفه يكبر ويكبر.

فقال: لقد اخفيتها في الغابة.

ايضا لم تكن هذة حقيقة ما حدث, فكبر انفه أكثر وأكثر.

حتى أنه لم يستطع ان يخرج من المنزل.

ضحكت السيدة الجميلة ذات الثوب الأزرق وقالت: لقد حدث هذا لكذبك، سوف اقصر لك أنفك ليعود كما كان.

صفقت بيدها فطار سرب من طيور نقاري الخشب إلى الحجرة وبدأ في نقر أنفه، وفى الحال عاد انف بينو كيو إلى طبيعته.

قالت السيدة الجميلة: اسمع يا بينوكيو.. أنا جنية.. الجنية الزرقاء.. لو تعدني بأن تكون طيبا سأحولك لتصبح ولدا حقيقيا.

وشعر بينو كيو بالسعادة وقدم للجنيّة وعده - في اليوم التالي غادر البيت ولكن بعد وقت قصير التقى ولدا في الطريق.. ابتدره الولد قائلا: أهلا.. أتريد أن تجيء معي..؟ فانا ذاهب إلى ارض اللعب. نحن نقضي يوما رائعا.. بلا مدرسة، بلا عمل، فقط نلعب طوال اليوم.

قال: نعم.. سوف أذهب معكم.

نسي بينو كيو وعده للجنية الزرقاء.

وفى الحال وصلت مركبة كبيرة محملة بعدد كبير من الأطفال، كانت هذه المركبة يجرها عدد كبير جدا من الحمير.

وجد بينو كيو ارض اللعب رائعة.. فالأطفال فيها يستيقظون عندما يريدون أن يستيقظوا، ويتناولون طعامهم عندما يريدون ان يتناولوه ويجرون ويلعبون طوال اليوم، ويضحكون ويغنون كيف شاءوا.

وفي يوم من الأيام استيقظ بينو كيو ولمس أذنيه ثم قال لنفسه: ان هذا شيء مسلٍ.. ان أذني تبدوان كبيرتين جدا وذهب ليشاهدهما في المرآة.

أووه.. لا.. إنهما كبيرتان مثل أذني حمار.. لماذا..؟

سأله طائر صغير كان يراقبه: ألا تعرف لماذا..؟ إن الأطفال الكسالى يتحولون إلى حمير.. أتذكر الحمير؟ هذه الحمير الكثيرة التي كانت تجر المركبة.. لقد كانوا أطفالا في وقت ما، لكنهم انقلبوا إلى حمير لأنهم كانوا أطفالا غير طيبين، وأنت أيضا سوف تصير مثلهم.

قال بينو كيو: لا.. لا بد أن أبتعد.

كانت أرض الملعب قريبة من البحر.

فكر بينو كيو قليلا ثم قال.. سوف اسبح بعيدا.

ثم ركض إلى الماء وقفز فيه، ولأنه كان مصنوعا من الخشب فقد استطاع ان يسبح بسهولة، لكن فجأة ثارت عاصفة رعدية مدمرة وومضت السماء بالبرق وبدأت الأمواج تعلو وتعلو ثم قفزت سمكة هائلة الضخامة خارج المياه وابتلعت بينو كيو كما ابتعلت كثيرا من الماء.

كان الظلام دامسا في جوف السمكة المهولة الضخامة ولكن بعد وقت قصير رأي بينو كيو ضوءاً خافتاً من بعيد، فسبح تجاهه، وعندما اقترب من مصدر الضوء رأى رجلاً يقرأ في كتاب.

- جيبيتو...؟

- بينوكيو..؟

كان الاثنان مندهشين وسعيدين.

قال جيبيتو: لقد كنت أبحث عنك لقد أخذت مركبا صغيرا، لكن السمكة الهائلة الضخامة ابتلعتني بمركبتي.

قال بينو كيو: دعنا نخرج إن أمكننا ذلك.

راحا يسبحان نحو فم السمكة المهولة، وحينما كانت السمكة نائمة قفزا إلى الخارج وسبحا مبتعدين عنها، وسبحا وسبحا حتى تعبا جدا، لكنهما وصلا إلى الشاطئ، حمل جيبيتو بينو كيو خارج الماء،

فكر جيبيتو قائلا: لقد تعب المسكين.

وعندما صارا في البيت قال بينو كيو: مازالت العملة الذهبية معي، , ها هي.. خذها يا جيبيتو.. إنك لي أب فاضل، إنني أعدك أن أكون ولدا طيبا.

وفجأة تحول بينو كيو إلى ولد حقيقي، وأدرك أن الجنية الزرقاء قد حققت وعدها أخيراً عندما أصبح ولداً طيباً.

جيبيتو كان سعيدا جدا بأن صار له ولد حقيقي، وبالعمله الذهبية اشترى منزلا جديدا، عاش فيه

هو وبينو كيو في سعادة.

 


 

ترجمها عن الإنجليزية: حسن نور