رسم: محمد يونس

صدقوني لا يصيبني أي غضب عندما أسمعهم ينادونني بالخلد العاري، فأنا بالفعل كذلك، فجسدي لا يحتوي على ذلك المعطف الكثيف من الشعر الذي ترتديه بقية الحيوانات صيفا وشتاء، وربما يكون مصدر فخر لي أن أتميز أنا بينهم بذلك، كما أن جسدي في الحقيقة لا يعدم الشعر تماما، فأنا مازلت أملك سالفا من الشعر يكسبني وسامة، ومازال هناك بعض الشعر بين أصابعي أكنس به التراب خارج أنفاقي، إذا نظرت إلي فستلاحظ رأسي الكبير وفكي ذا العضلات القوية وأسناني القاطعة الحادة التي تظهر كأنها لا تريد التوقف عن النمو، ورغم ضعف نظري وعينيّ الضيقتين إلا أن لي حواس أخرى تعوض ذلك الضعف، لقد حبتني الطبيعة بحاسة لمس قوية وجعلتني استشعر طريقي داخل أنفاقي المظلمة بتلك الشعيرات القليلة التي تنتشر فوق جلدي السميك المجعد. هل تريد أن تعرف الآن أين أعيش؟ سوف أقول لك ولكن من فضلك لا تخبر أيا من الصيادين الذين لن يتورعوا عن القبض علي، إنني أعيش في تلك المناطق القاحلة والعشبية في أجزاء من كينيا وإثيوبيا والصومال، ولأنني وبقية نوعي نخشي النهار، فإننا نعيش دوما في تلك الأنفاق التي نقوم بحفرها ليل نهار، والتي قد يبلغ طول الواحد منها أكثر من أربعة كيلومترات، وتقع تحت الأرض على عمق أكثر من مترين، ويبلغ عدد أفراد القطيع الذي أعيش فيه نحو ثلاثمائة فرد، إنني أتكاثر مثل النمل والنحل والدبابير، فالقطيع الواحد يحتوي فقط على أنثى واحدة يمكنها الإنجاب، تسمى أيضا الملكة، ونحن الحيوان الثديي الوحيد الذي يتكاثر بتلك الطريقة، وتعيش تلك الملكة لسنوات طويلة قد تنجب خلالها ما يقرب من تسعمائة فرد، فهي تلد خمس مرات في العام الواحد ويستمر حملها ثمانين يوما، وتضع في المرة الواحدة اثني عشر رضيعا، إن كل أفراد القطيع يتشاركون معا في تربية الصغار، والبحث عن الطعام، والدفاع عن كل أفراد الأسرة، ونقوم معا أيضا بشق الأنفاق، ففي الوقت الذي ينتهي فيه المطر، تكون التربة مبللة وطرية لنعمل سويا فيقوم بعضنا بالحفر ويقوم الآخرون بسحب الطين خارج الأنفاق، لذلك يمكنك الاستدلال علينا من تلك التلال الطينية الصغيرة خارج فتحة كل نفق، أسمعك تسألني، علي أي شيء نتغذى؟ إننا نتغذى على الجذور والدرنات النباتية الموجودة داخل التربة، وليسامحنا المزارعون عندما نفسد محاصيل البطاطا التي لا نتمالك أنفسنا أمام مذاقها اللذيذ.