مغامرات عُرف الديك.. اللؤلؤة المسروقة

مغامرات عُرف الديك.. اللؤلؤة المسروقة
        

          كان «عرفُ الديك» متعبًا حين وصلَ إلى إحدى المدن، فجأةً اندفع نحوه مجموعةٌ من الرجال المسلحين وأحاطوا به من كل جانب. فصاح: مهلًا! لماذا تقبضونَ عليَّ؟ أنا لم أفعل شيئا سيئا..!

          رَدَّ أحدُ الرجالِ: بأمرِ الملك سنُسرع بكَ إلى القصر!

          وبدهشةٍ سألَ: وماذا يريدُ الملكُ من فتًى جوَّال؟!

          غرقَ الرجالُ في الضحكِ وقالوا وهم يدفعونه أمامهم: - كم أنت متواضع أيها العراف! هيا بسرعة إلى القصر، فالملكُ في غايةِ الاستعجالِ لمعرفةِ مَنْ سرقَ لؤلؤتَه الثمينة!

          حدّث «عرفُ الديك» نفسه: يبدو أن هنالك خطأً في الأمرِ!

          في القصرِ كان الملكُ وزوجتُه وأبناؤه وحاشيتهُ من الخدمِ والحرسِ يقفونَ لاستقبال العرّاف الذي أحضرَه الرجالُ بسرعةٍ غير متوقعة!

          قال الملكُ: أيها العرافُ! أخبرني: من سرقَ اللؤلؤةَ الثمينةَ من بين هؤلاءِ الخدمِ؟

          ردَّ «عرف الديك» وهو يحاول أن يتلطفَ في كلامِه: يا مولاي الملك لست عرافًا، يمكنك أن تستعينَ برجالِ الشرطةِ ليحققوا في السرقةِ ويتوصلوا إلى اللصِ.

          رد الملكُ مستاءً: لم تستطع الشرطةُ معرفةَ السارقِ، وبالأمسِ دعوت اللهَ أن يرسلَ إلى مدينتي عرافًا يخبرني عن اللصِّ..

          رد وهو يخفي سخريتَه من تفكيرِ الملكِ: لست العراف الذي تنتظره يا مولاي!

          ارتفع صوتُ الملك غاضبًا: رأيتُ في منامي أن العرافَ سيكون أول الداخلين إلى المدينةِ، لقد راقبَ رجالي البوابةَ جيدًا وكنت أنت أول الداخلين، وإذا لم تعرف اللصَّ فسأحبسك!

          - يا إلهي! يبدو أن هذا الملك ضعيف التفكير حقًا!..أنا في مأزقٍ كبيرٍ! علي أن أفكر وأتصرف جيدًا..

          نظر إلى جميعِ الواقفين أمامَه، كانت علامة الرجاء ترتسم على وجوهِ الخدمِ وكأنهم يقولون له: أنقذنا أيها العراف أو أيًا من تكون، أنقذنا من المصيرِ الذي ينتظرنا، واعرف حالًا من سرق اللؤلؤة!

          اقتربَ من الملكِ وقال: ليس الخدم فقط! بل إن أمر معرفة من سرق اللؤلؤة سيشملك أيها الملك أنت وزوجتك وأبناءك..

          ضحكَ الملكُ ساخرًا: وهل يسرق أفراد الأسرةِ بعضهم بعضًا!

          رد «عرف الديك» : هذا هو شرطي الأول، وإذا لم ترض به فسأغادر القصر حالًا!

          سأل الملك: وهل هنالك شرط آخر؟!

          - أن تعدني بالعفو عن السارق ومسامحته!

          جلس الملك على كرسيه وقال: جِدْ لي اللؤلؤة، فهذا ما يهمني الآن!

          طلب «عرف الديك» أن يحضروا له أجراسًا صغيرة جدًا، وسلاسلَ ناعمةً ورفيعةً تشبه خيوط الحريرِ في دقتِها ورقتِها. وفي الحالِ أحضرَ الحرسُ الطلبَ وقدموه في طبقٍ إليه.

          صنع من السلاسلِ والأجراسِ قلائد وطلب من الجميعِ أن يضعوها حولَ أعناقِهم ثم قامَ بمراقبتهم جيدًا.

          بعد أن مرّت بضع دقائق همسَ في أذنِ الملكِ قائلًا: اذهب يا مولاي إلى حديقةِ القصرِ، أحضر قبضةً من الترابِ وضعها في غرفةِ نومِك وعد مرة أخرى إلى القاعةِ..

          امتثلَ الملكُ لما طلبه «عرف الديك» الذي همسَ إلى الخدمِ بمثلِ ذلك الطلب وإلى الملكةِ والأميرةِ الصغيرةِ، أما عندما اقترب من الأميرِ الصغيرِ فهمسَ له: أعرفُ أنك السارق لأنك الوحيد الذي يهتز الجرسُ على صدرِه؛ بسبب الخوفِ الشديدِ من أن يكشف أمرك! اذهب إلى الحديقةِ واحضر قبضةً من الترابِ، خبئ اللؤلؤةَ فيها وضعها في حجرةِ الملكِ وعد إلى هنا حالًا!

          نظر الأميرُ إليه نظرات رجاءٍ وتوسلٍ ألا يفضحه فيلقى الغضبَ من والدِه، طمأن «عرف الديك» الأميرَ بنظرةٍ من عينيهِ، فأسرعَ إلى الحديقةِ وفعلَ كما طلب منه وعاد للوقوف مع الآخرين في قاعةِ القصرِ.

          قال «عرفُ الديكِ»: أطلب منك يا مولاي أن تذهبَ إلى حجرتك، وتبحثَ في أكوامِ الترابِ عن لؤلؤتك!

          أسرع الملكُ إلى حجرتِهِ وهو لا يكاد يمسكُ نفسَه من شدَّةِ الفرحِ. بحثَ بين أكوام الترابِ فوجدَ لؤلؤتَه الثمينةَ، ابتهج وعادَ بكيسٍ يمتلئ نقودًا ألقاه إلى «عرف الديك» شاكرًا إياه على المساعدِة..

          رد «عرف الديك» : لست بحاجةٍ إلى المالِ، أنا أتنازل عنه إلى خدم القصرِ! ارتسمت علامات الفرحِ والسرورِ على وجوه الخدمِ وشكروه، وما كاد يغادرُ القاعةَ حتى صاحت الأميرةُ الصغيرةُ: أيها العراف!.. انتظر!

          - يا إلهي! ماذا بعد؟!

          قالت الأميرة: أنا أحبُّ الاستيقاظَ مبكرا جدًا على صوتِ صياحِ الديكة، لكن الخدمَ في كل مرة يخبرونني أن القططَ المتوحشةَ افترست الديكةَ، ثم يحضرون لي ريشَها المدمى المنتوف!

          (تذكَّر الديكة التي كان يعتني بها في مزرعتِهِ فشعر بالتأثر). أكملت الأميرة: أشعرُ أن الخدمَ الكسالى هم من يفعلون ذلك حتى لا يستيقظوا مبكرين! أعدك أيها العراف أنني لن أعاقبَ الفاعلَ، فقط سأطردَه من العملِ في القصرِ، عليك أن تعرفَ مَن هو، وإلا طلبت من والدي الملك أن يحبسك!

          هل سيعرف «عرف الديك» الفاعل! وهل سينجو من الحبسِ؟!

 



قصة: لطيفة بطي