مبدعو الغد: السَمَكةُ الملوّنةُ

مبدعو الغد: السَمَكةُ الملوّنةُ
        

قصة ورسم: نور جمال بهبهاني - الكويت

          ألوانٌ كثيرةٌ، فرشاةٌ هنا وفرشاةٌ هناك، وماءٌ غيّر لونُ الأصباغِ التي استخدمتها.. كانت الصورةُ في البدايةِ غير واضحة، ذيلُ سمكة ورأسُ فتاة جميلة ترتدي ثوبًا ذهبيَّ اللونِ، أضفت إلى عينيها لونًا أزرقَ كلونِ البحرِ الذي خرجت منه...

          خفّضتُ رأسي لكي أضعَ الفرشاةَ في اللونِ الأخضرِ، ففاجأني صوتٌ آتٍ من اللوحةِ ناعمٍ كأمواجِ البحرِ في الصيفِ، ساحرٍ كلونِ السماء الصافيةِ، رفعتُ رأسي وإذا بي أمامَ عروس البحرِ، لقد خرجت لكنّها ابتسمت لي ومدّت يديها نحوي قائلةً: لا تخافي أنا صديقتك جئتُ إليك فلا تخافي مني، شعرتُ بالراحةِ وتأملتها طويلاً، وقتلتُ: أهذا ما رسمته يداي؟ ما أجملك!

          ردّت عليّ: رسمتني يداك ولكن الله مَن خلقني وخلقك، لماذا أنت وحيدةً حزينة؟ أشياؤك مبعثرةٌ وألوانك لا لونَ فيها.

          رددتُ عليها: أنا؟ حزينة!! وحيدة!! ماذا تقولين: أنا سعيدة، ألواني تؤنسني وفرشاتي تسعدني وصوري صديقاتي.

          ردّت: ولكن الحياةَ جميلةٌ خلفَ أبوابِ هذه الغرفةِ. فقط افتحي النافذةَ يا أمل وانظري إلى الشمسِ. استمعي إلى البحرِ! تأمّلي الحمَامَ وتذكّري أنَ لك أمًا تسهرُ حين تنامين، وأبًا يشقى ويتعب لتسعدي، تذكّري أنك لست وحيدةً مثلي، أهلُها في أعماقِ البحرِ لا تستطيع أن تحيا على الأرضِ ولا تستطيع أن تكونَ مجرد سمكةً في قلبِ البحارِ، أنا الحزينةُ التي لا هويةَ لها، وجهي وجه إنسانٌ وذيلي ذيلُ حيوانٍ، أرأيت كم أنا تعيسةً! ليس لديّ رجلان لكي ألعب وألهو.

          فاخرجي إذن يا عزيزتي ولا تحزني وتعالي معي نزور أهلي إذا شئتِ.

          رددتُ: أتقولين الحقَ، هيا.. قومي من النومِ.

          أجابني صوتٌ: هيا.. هيا يا أمل حان وقت الذهابِ إلى المدرسةِ.