العالم يتقدم.. أحدث تلسكوب يكتشف أعماق الكون: رؤوف وصفي

العالم يتقدم.. أحدث تلسكوب يكتشف أعماق الكون: رؤوف وصفي
        

          إن أي شخص على كوكب الأرض، يمكنه أن ينظر إلى الفضاء فى ليلة صافية، ويشاهد القمر والنجوم، ولكن يلزم استخدام تلسكوب لرؤية الكواكب والأجسام الأخرى اللامعة، التي تشاركنا كوننا هذا. ويحرص الفلكيون باستمرار على اكتشاف طرق جديدة لمراقبة المجرات البعيدة عنا، ودراسة أسرار الفضاء السحيق المحيط بنا.

          لهذا السبب أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» في 14 ديسمبر 2009، تلسكوباً صغيراً (قطره نحو أربعين سنتيمتراً فقط) ولكنه هائل القدرة في الفضاء.

          يسمى التلسكوب «وايز» Wise أي «العاقل». ولكن لا تدع حجمه الصغير يخدعك، فإن به كاميرا رقمية بالغة الكفاءة، وقد التقطت حتى الوقت الحاضر صوراً لبعض أعجب الأجسام التي في كوننا المعروف، تشمل الكويكبات والمذنبات والنجوم الخافتة والمجرات المتوهجة والسدم (سحب غبار عملاقة)، حيث تولد الكواكب والنجوم. ويتوقع علماء الفلك أن تلتقط كاميرا «وايز»، أجزاء من الكون لم تشاهد من قبل على الإطلاق.

الكون.. بالأشعة تحت الحمراء

          وبمجرد وصول التلسكوب «وايز» إلى مداره على بعد 525 كيلو مترا من سطح الأرض، بدأ في الدوران حول الأرض، حيث يدور في مدار قطبي بسبب جاذبية كوكب الأرض له، ويعني ذلك أنه يقترب من القطبين الشمالي والجنوبي في كل دورة له. وكاميرا التلسكوب موجهة إلى الخارج بعيداً عن كوكب الأرض. ويلتقط «وايز» صورة خاطفة لجزء من السماء كل 11 ثانية.

          ويتوقع العلماء أن يتم التقاط مليون وخمسمائة ألف صورة، تغطي السماء بأكملها.

          وحتى أكتوبر 2010، استطاع «وايز» أن يكتشف نحو 33500 من الكويكبات والمذنبات والأجسام الفضائية الأخرى، التي لم تكن معروفة من قبل.

          ومن بين مهمات التلسكوب الفضائي «وايز» تعقب الكويكبات التي تدور قريبة من كوكب الأرض. وتهدد بالارتطام به وإحداث كارثة مروّعة.

          لكن الصور التي يلتقطها «وايز»، لن تكون مثل أي صورة رقمية نلتقطها كل يوم، ذلك أن التلسكوب الفضائي «وايز» يلتقط صوراً للأجسام الفضائية التى تطلق الأشعة تحت الحمراء. فما هي؟ تسألنى فأجبك.

          الأشعة تحت الحمراء غير مرئية وأهم خصائصها نقل الطاقة الحرارية، وهي من الإشعاعات الكهربية والمغنطيسية (الكهرومغنطيسية).

          وموجات الأشعة تحت الحمراء أطول من موجات الضوء المرئي، ولذلك فإن الكاميرا العادية لا تراها، ولا تراها أيضاً عين الإنسان. غير أننا نستطيع أن نشعر بنوع ما من الأشعة تحت الحمراء في شكل حرارة. ولأن الأشعة تحت الحمراء «حرارية» فقد تم تبريد أجهزة «وايز» الحساسة بالهيدروجين الصلب إلى درجة 258 مئوية تحت الصفر، حتى لا تتلف.

كويكبات وأقزام سمراء.. خفيّة

          الأشعة تحت الحمراء هي الفكرة الأساسية التي تجعل التلسكوب «وايز» قادراً على رؤية الأجسام الفضائية التي لا تستطيع التلسكوبات الأخرى رؤيتها. إذ ليس كل شيء في الكون يظهر في الضوء المرئي. فعلى سبيل المثال، إن الكويكبات عبارة عن صخور عملاقة تجوب أرجاء الفضاء، إلا أنها تمتص معظم الضوء الساقط عليها، وهي لا تعكس الضوء، ولذلك فمن الصعب رؤيتها. ولكن لأنها تطلق أشعة تحت حمراء، فإن أي تلسكوب يعمل بالأشعة تحت الحمراء مثل «وايز» سوف يكون قادراً على إنتاج صورة لها.

          وهناك نوع آخر من الأجسام الفضائية الموجودة في أعماق الكون، يطلق عليها «الأقزام السمراء»، وهي نجوم كتلتها ليست كبيرة، بما يكفي لبدء ذلك النوع من التفاعلات النووية التي تزوّد النجوم مثل الشمس بالطاقة، وبدلاً من ذلك فإن «الأقزام السمراء» تتقلص وتبرد باستمرار. وهي في الحقيقة معتمة للغاية، لدرجة أنه يكاد يكون من المستحيل رؤيتها بالضوء المرئي، ولكن لأنها تصدر أشعة تحت حمراء، فهي تتألق بوضوح أمام كاميرا التلسكوب «وايز».

          هذه مجرد أمثلة قليلة من العجائب التي تظهر فى معرض الصور هائلة العدد التي التقطها «وايز»، أحدث تلسكوب فضائي، عن أعماق الكون.

 



رؤوف وصفي