رأى رامي جنود الاحتلالِ يدقون الشارعَ بأقدامِهم وهم يحملون
أسلحَتهم.
أشار جنديٌ بيدِه وقال:
- ماذا يحملُ هذا الولد؟
ركض رامي فركض الجنودُ خلفَه وهم يصرخون فيه:
- أنت هيه.. قف وإلا أطلقنا النارَ.
توقف رامي متعجبًا وألقى نظرةً على الجنودِ.
سأل واحدٌ منهم:
- ماذا في يدِك يا ولد؟
قال رامي:
- هذه حقيبتي المدرسيةِ.
- ماذا تحوي؟
- كتبي.. دفاتري وأقلامي.
مدّ الجنديُّ يدَه ليأخذَ الحقيبةَ فشدّها الصغيرُ إلى صدرِهِ، أخذها
الجنديُّ بقسوةٍ وفتحها، فتشها جيدًا فلم يعثر على سلاحٍ.
صرخ الآخرون:
- سنفتش الكتبَ والدفاترَ أيضًا.
انحنى جنديٌّ على الحقيبةِ يخرج ما في داخلِها. قلّب الدفاترَ: أمام
عينيه لمعت لوحةٌ رائعةٌ فيها حقولُ تفاحٍ وتحتها كلمة: «وطني الأخضر».
غضبَ الجنديُّ المحتلُّ، غلى الحقدُ في نفسِهِ وقال:
- الكتبُ والدفاترُ أسلحةُ هؤلاء الأطفالِ.
اقترب جنودُ الاحتلالِ وهم يحدّقون في الرسمِ. مزّقه أحدُهم وألقى
بالمحفظةِ. أطلق آخر النارَ عليها فنفذت رصاصاتٌ فيها.
اقترب رامي من المحفظةِ حزينًا، مسح جراحَها العميقةَ بمنديلٍ أبيضٍ
أزال الترابَ عن جلدِها، فمه الصغيرُ مطبقٌّ كزهرةٍ لم تتفتّح أكمامُها.
أحسَّ رامي بظلمِ الاحتلالِ، جمعَ كتبَه ودفاترَه بهدوءٍ وانتصبَ
كشجرةِ تفاحٍ اشتدَّ عودُها وصوت الجندي المحتل يملأ أذنَيه: «الكتبُ والدفاترُ
أسلحةُ هؤلاء الأطفالِ».