السمكةُ والحوريةُ

السمكةُ والحوريةُ
        

          في يومٍ صيفي مشمسٍ.. السماءُ فيه صافيةٌ، والنجومُ اختفت مع ذهابِ الليلِ، كانت هناك حوريةُ البحرِ تتشمّسُ بعد ليلٍ طويلٍ من الأرقِ، وتفترشُ الشاطئ، وتمدُّ ذيلَها الذهبيّ الذي أخذت أمواجُ البحرِ بتغطيته كلما اقتربت من الشاطئ، وبينما هي تعبث بخصلاتِ شعرِها المبتلة، سقطت بجوارِها سمكةٌ صغيرةٌ ألقتها أمواجُ البحرِ على الشاطئ وعادت إلى البحرِ من دونِها، بينما بقيت تلك السمكة المسكينة تتخبّط بخوفٍ وذعرٍ على رمالِ الشاطئِ.

          وهنا زحفت الحوريةُ نحو السمكةِ، وأمسكتها بكلتا يديها وقبّلتها وقالت لها: لا تخافي يا صديقتي سأنقذ حياتك، وتقدمت نحوَ البحرِ قليلاً ووضعت السمكةَ فيه، وهي تلوح لها بسعادةٍ وحبٍّ، وعند ذلك سمعت صوتًا من داخلِ البحرِ يقول لها: شكرًا لك أيتها الحورية الحسناء وأنا بالمقابل سأساعدك وأنقذ حياتَك كما فعلت لي، وأنا أحذّرك من البقاءِ على الشاطئِ لوقتٍ طويلٍ لأن هناك سفينةً للقراصنةِ آتيةً من الجنوبِ، وهي تقبضُ على كلِّ مَن يقع بيدِها، وإذا رأوك سوف يصيدونك بحبالِ سهامهم فاحذريهم ولا تجعليهم يرونك، والآن وداعًا.

          وهنا رقصت الحوريةُ قليلاً على الشاطئِ، وداعبت ذيلَها اللامعِ برمالِهِ الساخنةِ، ثم أسرعت ورمت نفسَها في قلبِ الماءِ، وغاصت عميقاً حتى وصلت إلى قصرِها العاجيّ في أعماقِ البحرِ.

 



رؤى يوسف سلمان