أميّة والفقير

أميّة والفقير
        

ريشة: أمين الباشا

          أميّة ابنةٌ نبيهةٌ جدًا ومجتهدةٌ، تذهبُ إلى المدرسةِ مع شقيقتِها فائزة برفقةِ والدتهما التي كانت معلّمةً في تلك المدرسةِ.

          أمية ترجو أمها وأباها كلَّ صباح لأخذ بعض الدراهم، عكس فائزة التي لا تطلب منهما أيّ درهم. وكانت الأمُّ وفي بعض الأيامِ تسأل أميّةَ ماذا اشترت، فكانت أمية تبتسمُ ولا تقول شيئًا.

          عندما يعودان مع أمهما من المدرسةِ كلَّ يومٍ، كانت أميّة تبتعدُ عن أمِها وأختِها ثم تعودُ راكضةً إليهما ويدخلن المنزلَ، تسألها أمُّها لماذا تتأخرين؟ وأين تذهبين كلَّ يوم عندما نعود إلى البيتِ؟ فكانت أمية تبتسمُ ولا تقول شيئًا.

          قرّرت الأمُّ أن تراقبَ ابنتَها عندما يعدن إلى المنزلِ وتتأخر أمية، لترى أين تذهب بضع دقائق ثم تعود راكضةً وعلى شفتيها ابتسامةٌ، أخبرت الأمُّ ابنتَها الكبرى فائزة بما ستفعل عند وصولهن إلى البيتِ.

          في اليومِ التالي، وكالعادةِ، تأخرت أميّة بالدخولِ إلى المنزلِ، تبعتها أمُّها ورأت أنها تعطي فقيرًا عجوزًا منزويًا بالقربِ من المنزِل شيئًا تأخذه من محفظتِها، وشيئًا آخر من جيبها، تفاجأت الأمُّ وفرحت وحاولت ألا تراها أميّة ثم عادت إلى البابِ حيث تنتظرها ابنتُها الكبرى فائزة والابتسامة تملأ وجهها، وفي لحظاتٍ كانت أمية مع أمِها وأختِها ودخلن إلى المنزلِ، وكالعادةِ لم تقل الأمُّ شيئًا، إلا أنها وضعت على خدّ أميّة قبلتين، وعلى خدِّ فائزة قبلةً واحدةً.

          اعترضت فائزة وسألت أمَّها: أنا قبلةً واحدةً ولأمية قبلتان؟

          أجابت الأمُّ: فائزة هل تعلمين ماذا تفعل أمية بالدراهمِ التي تأخذها مني ومن أبيها؟

          فائزة أجابت: لا.. تشتري.. لست أدري ماذا تشتري.

          قالت الأمُّ: إنها لا تشتري شيئًا، أخبرينا يا أميّة ماذا تفعلين بالدراهمِ كلَّ يومٍ؟

          ضحكت أميّةُ وقالت متلعثمةً: آ.. أشتري.. لا.. هل تلاحظين الفقير الجالس على الرصيفِ قربَ المنزلِ؟

          أجابت الأمُّ: نعم.

          قالت أميّة: إني أعطيه ما آخذه منك يا أمي ومن أبي أيضًا.

          قالت الأمُّ: رأيتك تعطينه أيضًا شيئًا من محفظةِ كتبك، تجيبها أمية:

          آ.. لاشيء.. بلى.. آخذ بعضَ الفاكهةِ من الثلاجةِ له، ولكن ليس كل يومٍ، أمّي كيف علمت بكل هذا؟ أخبرتها أمُّها ما فعلت وكيف تبعتها لترى أين تذهب يوميًا وتغيب بضع لحظاتٍ.

          فرحت الأمُّ والأخت الكبرى أيضًا التي قرّرت أن تفعل مثل ما تفعل أختُها لعلّها تكسب من أمِها قبلتين بدل القبلةَ الواحدةَ التي خصّتها بها.

 



أمين الباشا