العين والرؤية

العين والرؤية
        

رسوم: محمد عبدالله

          تقول الحكمة القديمة: إذا أردت أن تعرف نعمة الله عليك, فأغمض عينيك.

          فلتفكّرْ عزيزي الطفل في الأشياء التي يمكن أن تصنعها بعينيك: تشاهد التلفزيون, وتقرأ الكتب, وتسبح في الإنترنت, وتبقي عينك على الكرة عندما تلعب, وترى أفراد عائلتك وأصدقاءك. باختصار عيناك هما نافذتاك على العالم. وهما تشبهان آلتي تصوير تركّزان على كل ما هو أمامهما. فهما تعملان معًا ومع الدماغ لتكوين صورة العالم التي تبدأ أولى خطواتها عندما تخترق الأشعة ُ الضوئية كرتيك العينيتين أو مقلتيك.

ماذا ترى في مقلتيك؟

          فلتنظرْ عزيزي الطفل إلى إحدى عينيك في المرآة. سترى أن مقلتك دائرية. وفي باطنها مادة شفافة (تمكن الرؤية من خلالها) هلامية القوام, تسمى الخلط الزجاجي, وهو يعطي لمقلتك شكلها. لكننا لا نستطيع أن نرى القسم الأكبر من الخلط الزجاجي, لأنه محاط بجدار خارجي, وهذا الجدار مكوّن من ثلاث طبقات: خارجية, ومتوسطة, وداخلية.

الجدار الخارجي

          الطبقة الخارجية من عينك هي غشاء واق ٍ يسمى الصلبة والقرنية. الصلبة هي الجزء الأبيض من عينك. القرنية شفافة, تغطي الجزء المركزي من عينك, الذي تبصر من خلاله. ويدخل الضوء إلى عينك من خلال القرنية.

الجدار المتوسط

          تتكون الطبقة المتوسطة من الجدار من ثلاثة أجزاء هي: القزحية, والجسم الهدبي, والمشيمية.

          تقع القزحية في مركز العين, وهي التي تعطيها لونها, ويمكن أن تكون ظلالًا من البني أو الأزرق, أما الدائرة السوداء في مركز القزحية فتدعى البؤبؤ, الذي يصبح أكبر أو أصغر للتحكم بمقدار الضوء الذي يدخل العين.

          يتوضع الجسم الهدبي حول القزحية ويرتبط بعدسة العين. تقوم عضلات الجسم الهدبي بشد العدسة لكي تجعلها أكثر تركيزًا للضوء.

          أخيرًا تشكل الأوعية الدموية التي تحضر الدم إلى العين جزءًا من الجدار المتوسط، ويطلق عليها اسم المشيمية.

الجدار الداخلي

          يطلق على الطبقة الداخلية من جدار العين اسم الشبكية. ومثلما تقوم عدسة آلة التصوير بتركيز الأشعة الضوئية على الفيلم, تقوم القرنية والعدسة في العين بتركيز الأشعة الضوئية على الشبكية, بحيث تنحني الأشعة الضوئية الداخلة إلى العين حتى تصل إلى مركز الشبكية الذي يسمى اللطخة الصفراء, وهذا هي النقطة التي تكون فيها الرؤية أحدّ ما يمكن.

العصيّات والمخاريط

          توجد في الشبكية ملايين الخلايا الحساسة للضوء, وتسمى العصيّات والمخاريط. تلتقط هذه الخلايا النقاط البالغة الصغر من الضوء التي تدخل الشبكية. هناك أجزاء من مادة ملونة تسمى الصباغ في العصيات والمخاريط. الصباغ في العصيات يجعلك ترى ظلال الرمادي ويساعدك على الرؤية في الليل. أما الصباغ في المخاريط فيجعلك ترى الألوان.

          تقوم العصيات والمخاريط بتحويل الأشعة الضوئية إلى إشارات كهربائية, تلتقطها الأعصاب, وتنقلها إلى العصب البصري.

العصبان البصريان

          هناك عصبان بصريان, يسير كل منهما من إحدى عينيك إلى دماغك. تلتقط العينان صورًا مختلفة قليلًا فيما بينها. وعندما يتم دمج الصور معًا, فأنت تستطيع أن ترى بالأبعاد الثلاثة. كما أنك عزيزي الطفل تمتلك حاسة عميقة تجعلك تعرف كم هو مقدار بُعد الأشياء عنك. يشبه العصبان البصريان كيبلات ضخمة تنقل جميع الإشارات إلى جزء خاص من الدماغ, يمكن تشبيهه بـ «المركز الإعلامي» الذي يجعلك ترى, ويصنع لك صورة عن العالم الذي أمامك.

حماية العين

          تستقر المقلتان في تجويفين داخل الجمجمة, يسمى كل منهما الحَجَاج socket. فعظام الجمجمة تحمي العين. أما العضلات فتسمح لك بتدوير عينك في تجويفها.

          الأجفان والرموش كذلك تحمي العين. فأنت تستطيع أن تغلق جفنيك لتتجنب الغبار أو الضوء المشع. الرموش هي مجموعة شعرات قصيرة على كل جفن, وهي تحجب الغبار عندما تكون الأجفان مغلقة جزئيًا.

          يوجد داخل الجفن طبقة رقيقة تسمى الملتحمة, وهي تغطي جزءًا من الصلبة. كما أن في كل عين كذلك غدة دمعية تفرز سائلًا مالحًا يسمى الدمع, وهو يغسل الجزيئات الصغيرة من عينيك.

مشكلات الرؤية

          إذا لم تكن عزيزي الطفل ممن يستعملون عدسات لاصقة أو نظارات, فلا بد أنك تعرف شخصًا أو أكثر يفعلون.

          يحتاج العديد من الناس إلى عدسات لاصقة أو نظارات لأنهم مصابون بحَسْر البصر, حيث تبدو الأشياء البعيدة مشوشة وضبابية, لأن الأشعة الضوئية تتركز أمام الشبكية لكون المقلة طويلة أكثر من اللازم.

          بعض الناس لديهم المشكلة المعاكسة. فهم مديدو البصر (مصابون بمد البصر) ولا يستطيعون رؤية الأشياء القريبة بشكل جيد. في مد البصر تتركز الأشعة الضوئية خلف الشبكية لأن المقلة تكون قصيرة أكثر من اللازم.

          حَرَج البصر هو مشكلة بصرية أخرى, تنتج عن كون القرنية منحنية بشكل غير منتظم.

          في بعض الأحيان يحتاج الأشخاص الأكبر سنًا إلى نظارات خاصة للقراءة, لأن العضلات في عيونهم لا تستطيع إجراء ما يسمى المطابقة, أو التركيز على الأشياء القريبة جدًا.

أمراض العين

          تصيب الأمراض أجزاء مختلفة من العين. فالجدجد هو التهاب في الجفن. والتهاب الملتحمة (أو العين الحمراء) هو التهاب في الطبقات الرقيقة التي تغطي الجفن وكرة العين الخارجية.

          العديد من أمراض العين هي أكثر شيوعًا في المسنين. فأحيانًا تصبح عدسات العين عكرة مع الوقت, وهذه الحالة تسمى الساد. يمكن أن تنفصل الشبكية (تصبح رخوة) من القسم الخلفي للعين وتسبب العمى. يحدث الزرق (غلوكوما Glaucoma) عندما يحتبس السائل بين القرنية والعدسات ويضغط على العين. هناك مشكلة تسمى التنكس الجزيئي, وهي تصيب مركز الشبكية, ويمكن أن تسبب العمى عند المسنين.

          طبعًا هناك العديد من العلاجات لأمراض العين. يعالج الأطباء الالتهابات أو الأخماج بالأدوية المناسبة. كما يستخدمون أشعة الليزر لتلحيم الشبكية المنفصلة في مكانها في الخلف. ويستطيع الجراحون استبدال العدسات العكرة بعدسات بلاستيكية صافية. كما يستطيعون أيضًا أن يبدلوا القرنيات المريضة.

نصائح

          من الهام جدًا عزيزي الطفل أن تحمي عينيك وتحافظ عليهما بكل الوسائل الممكنة:

          أجر فحصًا دوريًا للعينين لدى طبيب العيون.

          ارتد واقيات للعينين عندما تقوم بعمل خطير أو عندما تلعب رياضات قاسية.

          ارتد نظارات شمسية تحمي عينيك من أشعة الشمس الضارة.

          عزيزي الطفل

          عيناك هامتان جدًا فإياك أن تفرّط بهما.

 



إعداد: د. عمار سليمان علي