العالم يتقدم: ابن الشمس.. كوكب عجيب: إعداد: رؤوف وصفي

العالم يتقدم: ابن الشمس.. كوكب عجيب: إعداد: رؤوف وصفي
        

أشعة حارقة.. وأعاصير مدمرة!

          «عطارد» أقرب الكواكب للشمس، ولهذا يطلق عليه «ابن الشمس». وكلما اقتربت منه إحدى المركبات الفضائية المخصصة لدراسته، اكتشفت أسرارًا غامضة ومذهلة عن هذا الكوكب العجيب، الذي تصل درجة حرارته إلى 450 درجة مئوية. و«عطارد» كوكب صغير يزيد حجمه قليلًا عن حجم قمر الأرض، وتغطي سطحه فوهات وحفر كثيرة. ولأنه الأقرب للشمس (المسافة بينهما نحو 58 مليون كيلو متر) فإنها تلهبه بأشعتها الحارقة، وتثور فوق سطحه أعاصير جبارة مدمرة تدور كالدوامة الهائلة، وتختلف عن أي أعاصير في المجموعة الشمسية.

أعاصير عطارد.. جبارة!

          والسبب في أن أعاصير «عطارد» مختلفة، هو أنها خفيّة! فهي تتكون عندما يلتف جزء من المجال المغناطيسي للكوكب، ويتخذ شكلًا حلزونيًا ينشئ ارتباطًا بين سطح الكوكب والفضاء الخارجي. وهذه الأعاصير جبارة حقًا، وتغطي أحيانًا كوكب «عطارد» بأكمله، كما أنها تظهر وتختفي في دقائق معدودة!

          وفوق كوكب الأرض، تنشأ الأعاصير الدوّامية، عندما تصطدم كتلتان جويتان كل منهما بالأخرى، ولكن على عطارد تتكون الأعاصير الدوامية، عندما تصطدم قوى مروعة تسمى «المجالات المغناطيسية» بعنف هائل بعضها ببعض. وربما تتساءل: ما المقصود بالمجالات المغناطيسية؟

المجالات المغناطيسية.. دروع خفيّة

          تحيط  بالمغناطيسات  وتعمل كدروع خفية. والمغناطيس له عادة قطبان، وتمتد خيوط المجال المغناطيسي من أحد القطبين إلى الآخر. وكوكب الأرض مغناطيسي هائل يحيط به مجال رهيب، يحمينا من الإشعاعات الضارة المنطلقة عبر الفضاء. و«عطارد» مثل الأرض له مجال مغناطيسي، ولكنه صغير جدًا بمقارنته بالمجال المغناطيسي للأرض، وهذا ما اكتشفته المركبة الفضائية الأمريكية «ماسينجر» التي أطلقت لدراسة كوكب عطارد، وسوف تستمر في مهمتها حتى آخر عام 2011.

          وباستخدام المعلومات الواردة من المركبة «ماسينجر» اتضح أن كوكب «عطارد» يتعرض للرياح الشمسية بشكل جبار. (الرياح الشمسية: تيار من الجسيمات المشحونة عالية الطاقة التى تندفع بعيدًا عن الشمس في جميع الاتجاهات بسرعة تبلغ أكثر من مليون كيلو متر في الساعة).

          وعندما تصطدم الرياح الشمسية بكوكب الأرض، فإننا لا نكاد نلحظها لأن المجال المغناطيسي الأرضي القوي، يحمي كل شيء على سطح كوكبنا. غير أن المجال المغناطيسي لعطارد ضعيف، ولهذا يمكن للرياح الشمسية إحداث بعض الضرر به.

          والمعروف أن الشحنات الكهربائية المتحركة تخلق حولها مجالًا مغناطيسيًا. وعندما تهب الجسيمات المشحونة في الرياح الشمسية على عطارد، فإنها تحمل معها أيضًا مجالًا مغناطيسيًا جبارًا، يضغط على المجال المغناطيسي لعطارد، فيرفعه إلى أعلى. وعندما يشتبك هذان المجالان المغناطيسيان عاليًا فوق سطح كوكب عطارد، فإن كلاً منهما يلتف حول الآخر، ويتضخم حجماهما، وحينئذ يتولد إعصار دوّامي.

 



رؤوف وصفي   












من المهم إطلاق المزيد من البعثات الفضائية إلى عطارد قبل حل كل ألغاز هذا الكوكب العجيب