فاروق شوشة و 16 ألف حلقة من «لغتنا الجميلة»

فاروق شوشة و 16 ألف حلقة من «لغتنا الجميلة»
        

رسوم: محمد حجي

          اشتُهِرَ الشاعر فاروق شوشة من خلال برنامجه الإذاعي اليومي الجميل عن اللغة العربية، «لغتنا الجميلة» الذي يقدمه منذ عشرات السنوات، وبالتحديد منذ عام 1967، وفيه يقرأ بصوته العذب والمتمكن قصائد لكبار الشعراء العرب، ويتحدث عنها في سهولة وعذوبة ويسر، ويتحدث عن جمال اللغة العربية وألفاظها وتراكيبها، وكيف وردت في هذه القصائد، وكيف انتقاها الشاعر في قصيدته، بالإضافة إلى أحاديثه أيضا عن النثر العربي، وكيف تكون اللغة العربية رائعة أيضا من خلال النثر.

          والجميل في هذا البرنامج اليومي الذي أحبه مستمعو إذاعة البرنامج العام بالقاهرة، ووصل عدد حلقاته إلى 16 ألف حلقة، أن الشاعر فاروق شوشة يستعين في مقدمته ببيت شعري رائع لشاعر النيل حافظ إبراهيم عن اللغة العربية، يقول فيه:

          أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كامنٌ
                                        فهل سألوا الغواصَ عن صدفاتي؟

          في هذا البيت يشبِّه الشاعر حافظ إبراهيم اللغة العربية بالبحر الواسع العميق الذي يكمن في داخله، أو يسكن في أحشائه، الدرُّ أو الجواهر واللآلئ. والقصيدة التي جاء فيها هذا البيت لحافظ إبراهيم عنوانها «اللغة العربية تتحدث عن نفسها»، أي أن اللغة العربية هي التي تقول: أنا البحرُ. وهي فعلاً بحر واسع لا قرار له، ولا يستطيع أن يحيط بكل جوانبها وألفاظها وتراكيبها وجمالها أحدٌ من البشر.

          لقد أنجبت قرية الشعراء بمحافظة دمياط المصرية أحد أنجب أبنائها هو فاروق محمد شوشة عام 1936 الذي حفظ القرآن الكريم, وأحب الشعر العربي كثيرا، وقرأ معظمه، وهو صغير في مكتبة والده، وفي مكتبة البلدية بمحافظة دمياط، كما تعلَّق بالشعراء الشعبيين الذين كانوا يجوبون قريته والتي يرجع سبب تسميتها بقرية الشعراء إلى وجود هؤلاء الشعراء الذين يسمون بشعراء الرَّبَابة والذين يتغنون بالأبطال الشعبيين، من أمثال: أبوزيد الهلالي، والزير سالم، والأميرة ذات الهمة، وسيف بن ذي يزن، وعنترة بن شداد، والظاهر بيبرس، وغيرهم.

          أتمَّ فاروق شوشة دراسته في كتِّاب القرية ومدارس دمياط، ثم التحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وتخرج فيها عام 1956, ثم تخرج في كلية التربية جامعة عين شمس عام 1957.

          وقد اتجه فاروق شوشة للكتابة للأطفال عندما أصبح جدًّا، فكتب لأحفاده شعرًا جميلاً. كتب لحفيدته «حبيبة» ديوانَ شعرٍ عنوانه «حبيبة والقمر»، وكتب لحفيدته «ملك» ديوانَ شعرٍ عنوانه «مَلَك تبدأ خطوتها»، ثم كتب «الطائر الصغير» و«الأمير الباسم».

          ومن ديوان «حبيبة والقمر» نختار لقارئ «العربي الصغير» جزءا من قصيدة جميلة بعنوان «حبيبة والماء» يقول فيها:

          حبيبةُ الجميلة
          تودُّ لو تكون مثلَ سمكة
          تعيشُ طولَ عُمْرِها في الماءِ
          مزهوةً بعرشِها الجميلِ
          حينَ تطفو
          سعيدةً بأنَّها مُبتلَّة
          وأنَّ وجهَها الصغير
          يُلامِسُ الموجَ الوثير
          والصغيرَ مثلها
          وأنَّ كَفَّيْها الصغيرتينِ
          تَرْبتانِ وجْهَ الماءِ
          في شقاوةٍ
          وفي انفعالْ
          وتقذفانِ بالرّمال
          حبيبةُ الجميلة
          تركبُ طَوْقًا عائمًا
          يأخذه التيارُ في كلِّ اتجاه
          وحين يُبعدُ المدَى
          ويوشكُ الوجهُ الجميلُ
          أن يغيبَ لحظةً عن العيون
          يندفعُ الكبار
          لكي يعيدوا الطوقَ مُسرعين
          أقربَ ما يكون 
          إلى حِمَى الشطِّ الأمين.

 



إعداد: أحمد فضل شبلول