ابن سيناء.. كتاب بلا عنوان

ابن سيناء.. كتاب بلا عنوان
        

رسوم: أشرف الاسدي

          أغلق صفحات الكتاب في يأس وحدث نفسه قائلًا في غضب (لا فائدة هذه المرة الأربعين التي أقرأ فيها هذا الكتاب حتى حفظته وفي كل مرة تزداد حيرتي وأتأكد أنني لن أفهمه..  لقد فقدت ثقتي بنفسي وبعقلي الذي عجز عن استيعاب علم الطبيعة والفلسفة).

          كانت تلك كلمات الشاب الفارسي أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا وكان الكتاب الذي جعله يشعر باليأس والحيرة هو كتاب (ما بعد الطبيعة ) للفيلسوف اليونانى أرسطو والذي اجتهد في الحصول عليه وكله أمل أنه سيفتح أمامه أبواب العلم والمعرفة.

          وذات يوم وبينما هو يسير في سوق الوراقين بمدينة بخارى - وهو السوق التي كانت تباع فيه الكتب قديمًا بعد نسخها بواسطة الوراقين - في هذا السوق قابل ابن سينا بائع صغير السن بيده مجلد قديم تمزق غلافه , وأخذ البائع يلح عليه في شراء المجلد بثلاثة دراهم وهو ثمن زهيد.

          أشفق ابن سينا على البائع الصغير وقال في نفسه: (لابد أن الصبي في حاجة للمال سأشتري منه الكتاب حتى لو لم أكن بحاجة إليه).

          ودفع إبن سينا للبائع ثلاثة دراهم وأخذ الكتاب القديم من دون أن يعرف عنوانه أو محتواه, وفي المساء بينما ابن سينا يجلس في حديقة منزله يمسك بالكتاب الذي اشتراه يقلب صفحاته إذا به يقفز من الفرح فالكتاب كان للفيلسوف العربي الفارابي في شرح كتاب ما بعد الطبيعة لأرسطو, ولم ينم ابن سينا حتى الصباح إذ قرأ الكتاب ووجد نفسه يفهم ما حفظه وكم كان مستمتعًا بشرح الفارابي لفلسفة العالم اليوناني أرسطو.

          وعندما أشرقت الشمس وبعد أن صلى الفجر في مسجد بخاري تصدق إبن سينا بمال كثير على المحتاجين شاكرًا الله على نعمته

          إذ يسر له فهم ما لم يكن يفهم وهمس لنفسه قائلًا:

          (صدق الله العظيم ففوق كل ذي علم عليم).

          برع إبن سينا في مختلف مجالات العلوم خاصة الطب الذي بدأ دراسته وهو في السادسة عشرة من عمره بعد دراسته للفلسفة والطبيعة والرياضيات فكان واحدًا من أعظم الأطباء الذين أنجبتهم البشرية وكان له الفضل في اكتشاف وعلاج الكثير من الأمراض عالج إبن سينا الأمراض النفسية بالوسائل الحديثة كما عالج أمراض المعدة وعرف أسبابها واكتشف أن ألم المعدة يمكن أن يكون ناتجًا عن سبب نفسي أو عضوي وهو من أحدث الآراء الطبية.

          عالج إبن سينا الكثير من الأمراض من دون دواء خاصة إذا كان سببها نفسيًا وليس عضويًا ولعل من أروع إنجازات العالم العربي

          إبن سينا في مجال الطب كتابه الخالد (القانون في الطب) وهو أكبر موسوعة طبية عرفها التاريخ ففيه كل ما يتعلق بالطب أو يتصل بالمرض وطرق العلاج .

          ويتكون كتاب (القانون في الطب) لإبن سينا من خمسة أجزاء كتبها إبن سينا بأسلوب فلسفي لذا فقد لقب بفيلسوف الطب

          ترجم كتاب القانون لعدة لغات منها اللاتينية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية.

          وبالإضافة لموسوعته الشاملة (القانون في الطب) كتب إبن سينا كتاب (الشفاء) الذي شرح فيه علم الصيدلة والنبات وكتاب (النجاة) الذي تناول فيه طرق العلاج لمختلف الأمراض.

          ومثل الكثير من العلماء العرب نبغ إبن سينا في العديد من العلوم كالكيمياء ووضع نظريات في تكوين الصخور والجبال تعتبر أساسًا لعلوم الجيولوجيا , أما إبن سينا الفيلسوف فقد كان أحد أئمة الفلاسفة في عصره وبالرغم من انه كان طبيب الملوك والأمراء إلا إنه كان متواضعًا زاهدًا وكان شاعرًا وعالمًا في اللغة والموسيقى.

          وصفه علماء الغرب بأنه أشهر علماء المسلمين والعالم أجمع ولقبه بالشيخ الرئيس.

          ثمانية وخمسون عامًا عاشها العالم العربي ابن سينا ما بين مولده عام 370 هجرية ورحيله عام 428 هجرية والعمر لا يقاس بالأعوام التي عاشها الإنسان وإنما بعطائه وعلمه وإبن سينا مازال يعيش بيننا بما تركه لنا من كتب صارت مرجعًا للطب والفلسفة والطبيعة.

          وكانت البداية مع كتاب فتح له آفاق العلم وطريق الأمل والخلود.

أرشميدس الماء ولغز تاج الملك

          بالرغم من أنه لا طعم له ولا لون ولا رائحة إلا إنه يجعل لحياتنا طعمًا ويلونها بكل الألوان وينشر أريج الزهور من حولنا في كل مكان..

          إنه الماء الذي منح الإنسان سر الحياة ومنح البشرية أعظم القوانين التي أفادت الناس في الكثير من شئون الحياة..

          فترى ما هي هذه القوانين وما هو دور الماء في إكتشافها؟

          في عام 3 قبل الميلاد ولد العالم اليونانى أرشميدس, وفي نفس العام كان ميلاد مدينة جميلة تطل على البحر المتوسط, مدينة الإسكندرية التي تطل على البحر المتوسط والتي شيدها الإسكندر الأكبر وأنشأ بها أقدم جامعة ومكتبة في التاريخ يفد اليها طلاب العلم من جميع أنحاء العالم.

          وكان أرشميدس أحد هؤلاء الطلاب الذين جاءوا من اليونان لينهل من العلم بمصر حتى أتم دراسته بجامعة الإسكندرية وشهد له زملاؤه وأساتذته بالنبوغ.

          وبعد عودته لبلده اليونان لم يكتف أرشميدس بما تعلمه فأخذ يبحث في العلوم الرياضية والطبيعية ويجري التجارب على أبحاثه إذ كان يؤمن بأنه ليس بالقراءة والدراسة فقط يصل العالم إلى هدفه ولكن لابد من التجربة العملية فإذا فشلت التجربة الأولى قام بالتجربة الثانية والثالثة وبالصبر والإرادة القوية يوفقه الله تعالى حتى يصل للنتيجة السليمة ويحقق هدفه.

          ومن حبه للعلم وصبره على التجارب نجح أرشميدس في ابتكار قانون جديد هو قانون الروافع الذي بواسطته يستطيع الإنسان أن يحرك أثقل الأشياء بواسطة كرة صغيرة لا يزيد حجمها عن كف اليد وكان دائمًا يقول (أعطني مكانًا أقف فيه وأنا أحرك الدنيا).

          ذاع صيت العالم اليونانى أرشميدس واستدعاه الملك (هيرو) وطلب منه أن يبين له كيف يمكنه أن يرفع ثقلًا كبيرًا بواسطة قوة صغيرة, فأعد أرشميدس آلة خاصة عبارة عن مجموعة من الروافع والبكرات وركبها على سفينة كبيرة محملة بأشياء ثقيلة

          وطلب من الملك أن يحرك السفينة بيده بعد أن يجذب حبلًا صغيرًا متصلًا بالروافع والبكرات, وفعل الملك واندهش الحاضرون وهللوا إعجابًا بإختراع أرشميدس.

          ومن شدة إعجاب الملك بالعالم أرشميدس عينه مستشارًا علميًا في القصر , وذات يوم أمر الملك (هيرو) بصنع تاج من الذهب الخالص وأعطى الصائغ كمية من الذهب وبعد صنع التاج شك الملك في أمره وأراد أن يتأكد من أنه من الذهب الخالص, استدعى الملك مستشاره العلمي أرشميدس للتأكد من هذا الأمر من دون أن يتلف التاج كيف إذن؟

          فكر أرشميدس وكان أبسط حل هو صهر التاج ووزنه ولكن كان هذا مستحيلًا, وفي حديقة القصر تجول أرشميدس بين الطبيعة الخلابة ربما يجد حلًا لمشكلة التاج وأنهكه التعب ففكر أن يستلقي في حوض السباحة وهو مايزال يفكر في أمر التاج وكلما انغمس أكثر في حوض الماء لاحظ أن الماء يفيض من جوانبه وهنا أدرك أرشميدس أنه وجد ما يبحث عنه.

          وصل أرشميدس بسرعة إلى منزله وأخذ قطعة من الذهب مساوية في الوزن للتاج وقطعة أخرى من الفضة تساوي وزن التاج أيضًا

          وغمر قطعة الذهب في الماء فأزاحت قدرًا معينًا منه ثم غمر قطعة الفضة في الماء فأزاحت قدرًا أقل منه فلما وضع التاج في الماء وجد أنه أزاح مقدارًا متوسطًا بين ما أزاحه الذهب وما أزاحته الفضة فاكتشف أن التاج لم يصنع من الذهب الخالص وكان الفضل

          في اكتشافه يرجع للماء الذي منحه شهادة ميلاد قانونه الشهير

          (قانون الطفو ) الذي ساعد على إقامة الكبارى وسير السفن الكبيرة في البحار وغوص الغواصات في قاع البحار.

          و كان الماء دائمًا ملهمًا للعالم اليوناني أرشميدس فاخترع آلة لرفع الماء تشبه الطنبور الذي كان يستعمله الفلاحون في عصر قدماء المصريين .

          كلمة وجدتها.. وجدتها .. التي هتف بها العالم اليوناني أرشميدس حين اكتشف قانون الطفو.. أصبحت دستورًا للعلم والعلماء بعد ذلك ولكن قبل أن يهتف العالم وجدتها لابد أن يسأل فالسؤال هو بداية المعرفة..

أبو الريحان الحطب ونار المعرفة

          كيف يمكن لهذه الأعواد الباردة الجافة الذابلة أن تكون مصدرًا للدفء والنماء؟

          سؤال كان يتردد دائمًا في عقل الصبي الصغير أبو الريحان وهو يجمع أعواد الحطب من البستان.

          وفي يوم من الأيام وبينما أبو الريحان يتأمل الزهور ويجري وراء الفراشات ويغنى مع الطيور في البستان نظر إلى السماء فوجد الشمس قاربت على الرحيل وهو لم يجمع بعد الحطب فجرى مسرعًا نحو كومة من الحطب حملها بكلتا يديه وفجأة إنزلقت قدمه، فوقع على الأرض وتناثرت أعواد الحطب التي جمعها.

          بكى أبو الريحان ولكنه وجد يدًا تمسح دموعه وتساعده في جمع الحطب, ابتسم أبو الريحان واطمئن فقد حل الظلام ولن يكون وحده في البستان وعرف الرجل بنفسه قائلًا. 

          أنا أبو الريحان من بيرون قال الرجل.. رأيتك هنا من قبل يا أبا الريحان وفي كل مرة كنت أتأملك وأراك تجمع الريحان والحطب من البستان واليوم سمعتك وأنت تسأل كيف لهذا الحطب أن يكون مصدراً للحياة.

          بلهفة قال أبو الريحان.. وهل عندك يا سيدى إجابة لهذا السؤال ابتسم الرجل وقال النبات يشعر ويحس مثل البشر با أبا الريحان وأعواد الحطب التي تراها جافة وذابلة ربما كانت يومًا جذع لشجرة وارفة الظلال غنية بالثمار في يوم من الأيام, وبمرور الوقت ذبلت أوراقها وتكسرت أغصانها ولم يبق منها إلا هذه الأعواد التي نشعلها فتمنحنا أعظم إكتشاف عرفه الإنسان وهو النار.. فبالنار نطهو طعامنا ومن حرارتها نشعر بالدفء يسري في أجسادنا.. فالشجر مثل البشر تمضي حياته ولكنه يترك لنا الذكرى التي يجب أن نحافظ عليها لتعيش في نفوسنا على الدوام.

          انبهر أبو الريحان بكلام الرجل وسأله.. كيف عرفت كل هذا يا سيدي؟ ربت الرجل على كتفه قائلًا.. لقد قضيت سنوات عمري كلها بين الطبيعة أدرس مختلف أنواع الزهور والنباتات لأصنع منها العقاقير والأدوية التي تشفي الناس من الأمراض سافرت كثيرًا بحثًا عن العلم وتركت بلدى اليونان.

          قال أبو الريحان بلهفة.. أنت إذن يا سيدي عالم نبات رد العالم ما رأيك أن تعمل معي يا أبا الريحان تجمع الزهور من البستان, قال أبو الريحان.. أتمنى يا سيدي ولكن من سيجمع الحطب لوالدتى لتبيعه في السوق فالحطب هو مصدر رزقنا الوحيد ابتسم العالم وقال .. سأدفع لك أجرًا يكفيك أنت ووالدتك ويريحك من جمع الحطب وستكون من اليوم تلميذى الذي يلاحظ ويسأل ولن أبخل عليك بما تعلمته فأنت مثلى تحب الطبيعة وإسمك هو إسم أحد أبنائها نبات الريحان وإن شاء ستكون عالمًا يشار له بالبنان..

          ومرت ثلاث سنوات عمل فيها أبا الريحان مع أستاذه وفي أحد الأيام قال له.. آن لى أن أعود لبلدى اليونان يا أبا الريحان  وأنا على يقين إنك بإذن الله ستكون عالما يعرفه الناس بلقب البيروني... غدًا سأقدمك لعالم الفلك والرياضيات الأمير (أبو النصر بن عراق), وبالفعل رحب الأمير أبو النصر بأبي الريحان وعلمه أسرار ما يعرفه من علوم الفلك والرياضيات حتى بلغ تسعة عشرة عام وصار متميزًا في علم الفلك والنبات.

          رحل البيروني من بلدته بيرون إلى بخاري ليتردد على مكتبتها العامرة بشتى أنواع الكتب وهناك كان على موعد مع الطبيب الفيلسوف إبن سينا وأصبح العالمان الشابان أصدقاء ولم يبخل كل منهما بعلمه على الآخر وكم من المناظرات والمحاورات العلمية كانت بينهما.

          العلم هو وحدة متصلة الحلقات يؤدى بعضها إلى بعض ومن تفوق في علم وتعمق فيه يمكنه أن يتفوق في بقية العلوم.. 

          كان هذا هو ما يؤمن به البيرونى ولهذا برع في علم النبات والفلك والطبيعة وكان أول من إكتشف أن سرعة الضوء أكبر من سرعة الصوت كما حدد الفرق بدقة بالغة بين درجة حرارة الماءالساخن والبارد وشرح أسباب تمدد المعادن بالحرارة وانكماشها بالبرودة كما وصف الجواهر والمعادن وطرق إستخراجها من المناجم كل هذا وضحه في كتابه (الجماهر في معرفة الجواهر).

          وضع البيروني طريقة رياضية لتحديد الجهات الأربع الأصلية الشرق والغرب والشمال والجنوب كما شرح كسوف الشمس وخسوف القمر, أثبت البيروني كروية الأرض وشرح كيفية دورانها حول الشمس ودوران القمر حول الأرض فسبق علماء الفلك الغربيين بستة قرون ووضح كل هذا في كتابه (القانون في علوم الهيئة والنجوم) وفي مجال الصيدلة تحدث البيروني عن خصائص النبات والعقاقير وكيفية صناعة العقاقير منها. 

          عاش البيروني حياة علمية حافلة في أكثر من وطن وكان يؤمن بأن العلم طائر حر ينتقل في الفضاء لا وطن له ولا جنسية، لذلك فإن الكثير من الدول إتخذت البيرونى إبنًا لها وأنشئت الجامعات بإسمه في موسكو أما الهند التي زارها وكتب فيها كتابه الشهير (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة للعقل أو مرزولة) فقد أصدرت عنه مجلدًا كبيرًا.

          ولد أبو الريحان البيروني في عام 362 هجرية وبعد حياة حافلة نبغ فيها في الرياضة والفلك والصيدلة واللغات رحل وعمره 75 عام.

          رحل البيروني وترك علمه الغزير تتناقله الأجيال وكانت البداية أعواد الحطب الجافة التي أشعلت نار المعرفة في حياته ونور العلم والإيمان في قلبه.

نيوتن سر التفاحة

          عندما نمسك بشيء ونلقى به إلى أعلى لماذا يهبط هذا الشيء سريعًا إلى الأرض مع إننا نقذف به نحو السماء؟

          سؤال طالما فكر فيه وهو يلعب بطائرته الورقية التي صنعها بنفسه لم تمنحه الطائرة الإجابة عن سؤاله وإنما منحتها له التفاحة...

          إنه العالم إلإنجليزى إسحاق نيوتن مكتشف قانون الجاذبية..

          فترى من هو نيوتن وما هو سر التفاحة التي ألمهته أعظم إكتشاف خدم به البشرية في مختلف المجالات..

          فى 25 ديسمبر1642م جاء نيوتن إلى الدنيا بعد أن رحل عنها في نفس العام العالم الفلكي الإيطالي الشهير جاليليو, وكأن العبقرية أرادت ألا يذهب واحد من أبنائها من دون أن تعوضه بابن آخر بارًا بها وبالعلم.

          برع نيوتن في علم الرياضيات في سنوات دراسته الأولى وتنبأ له أساتذته بمستقبل باهر وتحققت نبؤتهم مع الأيام.

          ففي أحد أيام عام 1665م وبينما نيوتن يجلس تحت شجرة تفاح في أحد الحدائق سقطت تفاحة أمامه.. فكر نيوتن وسأل نفسه

          ما هو السر الذي يجعل التفاحة أو أي شيء آخر يسقط نحو الأرض.

          ولا يرتفع للسماء لابد أن هناك قوة ما تجذب الأشياء لتسقط مندفعة بقوة نحو الأرض فإذا ألقينا بحجر من فوق أعلى الأبراج أو من أعلى قمة الجبل سقط بسرعة إلى الأرض.

          لابد أن تكون هذه القوة تمتد إلى القمر وإلى سائر الكواكب كما تمتد إلى أعالى الجبال وبهذه القوة يدور القمر حول الأرض وإلا فإنه يظل في حالة ثبات مثل سائر الأشياء لو انقطعت عنها جاذبية الأرض.

          أخذ نيوتن في إجراء دراساته وتوصل إلى أن جميع الأجسام ابتداء من أرق وأصغر الزهور إلى أضخم النجوم لابد أنها تجذب بعضها البعض بنفس الطريقة, ومن هنا بحث نيوتن ووضع القوانين التي تحكم تلك القوة وأطلق عليها (قانون الجاذبية) والذي أصبح أساسا لعلم الفلك.

          وكان لنيوتن أسلوبًا متفردًا في عمله فهو يضع نظرياته في هدوء ولا يعلن عنها إلا بعد أن تكتمل تمامًا ويجربها ويتأكد من صحتها.

          وكانت أولى نظرياته خاصة بالضوء فهو أول من اهتدى إلى أن الضوء يتكون من سبعة ألوان هي ألوان الطيف وعارض الكثير نظرية نيوتن ولكنه كان واثقًا من أبحاثه ولم ييأس وواصل دراساته في قوانين انعكاس الضوء وانكساره ليصنع أول تلسكوب عاكس عام 1668م وهو نفس التلسكوب الذي كان يستخدم في المراصد الفلكية حتى وقت قريب.

          اكتشف نيوتن حساب التفاضل والتكامل والذي هو أساس لكل العلوم النظرية الحديثة فاستطاع أن يغير حياة البشر وأن يؤثر في حياتهم وفي فكرهم.

          في عام 1669م تم تعيين نيوتن أستاذًا للرياضيات في جامعة كمبردج وتم اختياره رئيسًا للجمعية الملكية البريطانية عام 1703م تقديرًا لمجهوداته العلمية ومنحته ملكة إنجلترا لقب (سير) وهو من أعلى وأرفع الألقاب ليصبح السير إسحاق نيوتن .

          كان نيوتن برغم علمه الغزير رجلًا شديد التواضع يعترف بفضل أساتذته فقد كان يقول (إذا كان بصري قد امتد إلى أبعد مما رأى غيري فما رأيت بعيدًا إلا لأنني كنت أقف على أكتاف الآخرين).

          في مارس 1727م رحل نيوتن ودفن في مقابر العظماء بلندن ونقشت على قبره هذه العبارة (هنا يرقد السير نيوتن الفارس الذي كان مفسرًا بارعًا حكيمًا للطبيعة والتاريخ وأكد في فلسفته جلال الله وكشف في سلوكه عن بساطة الحياة).

          رحل نيوتن وبقيت إنجازاته حية تشهد له بالعبقرية كما شهدت بها تفاحة سقطت أمامه ولكنه وحده الذي اندهش وفكر وبحث في سبب سقوطها وهذه هي بداية العبقرية.

 



إعداد: سماح أبو بكر عزت   






غلاف هدية العدد