القطة والزهرية

القطة والزهرية
        

رسوم: عفراء اليوسف

          كانت القطةُ تركض وراء الفراشة من غرفة لأخرى، لمجرد اللهو، بينما الفراشةُ تفر منها مذعورةً.

          عندما رأت الفراشة زهورًا، طارت نحوها، واختبأت فيها.

          رأت القطةُ الفراشةَ تختبئ بين الزهور، فقفزت نحوها، وأخذت تضرب الزهور بيدها، باحثة عن الفراشة المختبئة. ولم تنتبه إلى أن الزهرية الزجاجية أخذت تهتز.

          وقعت الزهرية عن الطاولة، فانكسرت، فطارت الفراشة هاربة، ولكن القطة لم تتبعها، فقد أدركت أنها قامت بعمل سيئ، فأسرعت بالاختباء تحت السرير، وهي تترقب بخوف عواقب فعلتها.

          عادت لميس من مدرستها، وشهقت عندما رأت الزهرية محطمة إلى شظايا صغيرة، والزهور ذبلت بعدما جف الماء عنها. وتأكد لها أن هذا من عمل القطة، فليس في البيت سواها.

          جمعت لميس قطع الزجاج المكسورة بحذر، ورمتها في سلة المهملات، وجففت الأرض من بقايا الماء بالممسحة، ووضعت الزهور على الطاولة بعدما رشتها بالماء كيلا تيبس.

          ثم جلست لميس تفكر في ردة فعل والديها على ما حدث، فقد خشيت أن يطردا القطة من البيت.

          عندئذ تخيلت لميس قطتها ذات الفرو الناعم الأبيض النظيف، تبحث في حاويات القمامة القذرة عن فضلات الطعام، وقد أصبح فروها أجعد، قذرًا. وتخيلت قطتها المدللة التي تحب النوم قرب المدفأة، ترتعش بردًا تحت المطر، دون أن تجد مأوى آمنا من الكلاب الشاردة. وإن هذا قد يحدث مع قطتها.

          أشفقت لميس على قطتها مما قد يقع لها، فبكت بحزن. ثم نادت قطتها، لكنها لم تُلَبِّ نداءها كعادتها. فخمنت ميس أن القطة أدركت سوء فعلتها، فاختبأت.

          شرعت لميس تبحث عن قطتها المختبئة، حتى وجدتها تحت السرير. فابتسمت لها، وضمتها إلى صدرها وقد دمعت عيناها شفقة عليها.

          خطرت للميس فكرة أعجبتها، فركضت إلى حصالتها، والقطة خلفها. ثم كسرت الحصالة، وأخذت ما فيها من نقود، وذهبت إلى البائع، واشترت زهرية جديدة، تشبه الزهرية التي انكسرت، وعادت بها إلى البيت، ووضعت فيها الماء، وأعادت إليها الزهور، ثم وضعتها على الطاولة مكان الزهرية المكسورة.

          بعدما عاد أبواها أخبرتهما لميس بالأمر، ثم قالت برجاء: أرجوكما لا تطردا قطتي.

          قالت الأم:  اطمئني.. لن نطرد قطتك فهي حيوان.. ولا تعرف عواقب ما تفعل.

          وقال الأب: لكنك كنت تنوين شراء دمية بنقود حصالتك.

          قالت لميس: قطتي أهم من الدمية.. فالقطة بحاجة إلى من يرعاها.. أما الدمية فتستطيع الانتظار لدى البائع.

          أعجب الأب بكلام ابنته، وتحملها المسئولية في قول الحقيقة، فقال مشجعًا: لأنك فتاة طيبة.. سأشتري لك غدًا الدمية من نقودي.

          ما إن سمعت لميس ما قال والدها، حتى قفزت فرحًا، وكانت القطة في حجرها، فجفلت، ونطت، ولسوء الحظ اصطدمت بالطاولة، فوقعت الزهرية الجديدة، وانكسرت، فهرعت القطة المذعورة لتختبئ تحت السرير مرة ثانية.

          قالت لميس، بخيبة: لا داعي لشراء اللعبة.. نحن الآن بحاجة إلى زهرية جديدة.

          فضحك الأب كثيرًا من قول ابنته، وقال: شيء غريب أن تنكسر هذا اليوم زهريتان بالطريقة ذاتها.

          ثم قبلت الأم لميس، وهمست بأذنها: حسنًا.. سيشتري والدك اللعبة كما وعدك.. وأنا سأشتري الزهرية.

          قفزت لميس فرحًا، وركضت خلف القطة لتطمئنها، ولكن هذه المرة لميس هي من تعثر بالطاولة، وليس القطة. المهم.. أنه لم يكن على الطاولة زهرية جديدة من الزجاج.

 



سامر أنور الشمالي