يوميات طفل مُشاغب.. الضيف القادِم: بقلم: علاء عبدالمنعم

يوميات طفل مُشاغب.. الضيف القادِم: بقلم: علاء عبدالمنعم
        

رسوم: شكيب العلمي

          عاد أبي وأمي إلى البيت من مشوارهما الغامض الذي لم يخبراني عنه، على الرغم من سؤالي لهما، كانا يضحكان وبمجرد رؤيتهما لي تبادلا العلامات السرية، وهما يظنان أنني لا أعرف أن هذه العلامات تعني أنهما يخفيان عني شيئًا. عندما عدتُ من المدرسة لاحظتُ أن حركة غريبة تدب في البيت، وهنا تساءلت: تُرى من هذا القادم الذي جعل جدتي تزورنا وهي التي لم تفعل هذا منذ ما يقرب من شهرين بسبب مرضها؟ ولماذا لم تقم أمي بإعداد الغداء لي كالمعتاد وتركت هذه المهمة لجدتي؟ ولماذا تنام أمي إلى الآن وهي النشيطة التي تستيقظ مبكرًا دائمًا؟ انتظرت على هذه الحال لمدة ثلاثة أيام حتى جاء ابن عمي «خالد» لزيارتي، وهنا أدركت أن «خالدًا» هو الذي سيخبرني بالحقيقة، وهم لا يدركون أنه يخبرني بكل ما يقولونه دون أن أسأله، وهو ما حدث، إذ بمجرد أن رآني «خالد» أخذ يضحك بسخرية وهو يقول لي: «مبروك لن تكون وحيدًا بعد اليوم» فقلتُ له متسائلاً: «لماذا هل ستأتي للعيش معنا؟» فقال بلهجة أكثر سخرية: «لا بل سيأتي والداك لك بأخ...» «أخ»! أصابتني الكلمة بالصدمة، فطالما سمعتُ من صديقي «عادل» كيف أنه كان يعيش سعيدًا قبل أن تلد أمه طفلاً صغيرًا، ومن يومها وأمه لا تهتم به وإنما بالصغير، وكيف أن والده يلعب مع الصغير أكثر من لعبه معه، تخيلتُ نفسي وقد قام أبي وأمي بطردي من الغرفة لأنها ستكون غرفة أخي القادم، تخيّلتهما وهما يأخذان مني «لعبي» لكي يعطياها لهذا الضيف القادم، أصابتني هذه التخيلات بالخوف.. فأسرعتُ إلى حجرة أمي وقلتُ بصوت عالٍ «أنا لا أريد أن يكون لي أخ»، وهنا لاحظتُ أن علامات الحزن قد أصابت أمي وأبي وكذلك جدتي.

          وفي اليوم التالي ذهبتُ إلى المدرسة كالمعتاد، فقابلتُ صديقي «عادل» الذي كان يبكي بشدة، فسألته: «ما الذي يبكيك يا عادل؟ هل أخوك أخذ منك لعبك وملابسك ؟» فنظر إليَّ «عادل» بدهشة وقال: «أنا أبكي لأن أخي الصغير مريض»، وهنا ازدادتْ دهشتي فقلتُ لعادل «ألم تقل لي إن وجود أخيك في حياتك كان يسبب لك المتاعب؟» ففوجئت بعادل يقول: «هذا ما كنتُ أظنه في البداية والحقيقة أن كل هذه الأمور لم تكن حقيقية، فأبي وأمي يحباننا نحن الاثنين ولا يفرقان بيننا، واهتمامهما الزائد بأخي له ما يبرره فهو كائن صغير وضعيف، لهذا فهو يحتاج إلى رعاية أكبر منهما، لا لأنهما يحبانه أكثر مني ولكن لأنني الآن كبير ويمكن أن أعتمد على نفسي في العديد من الأمور التي كانا يقومان بها عندما كنتُ في سن أخي، وماذا بخصوص ملابسك ولِعبك؟ سألتُ صديقي عادل الذي رد قائلاً إن الملابس التي يرتديها أخي لم أعد أرتديها لأنني كبرتُ وهي صغيرة عليّ وبالتالي فأخي لم يأخذ ملابسي، كما أن أبي دائمًا ما يشتري له الملابس الجديدة، أما لعبي فصدِّقني يا يونس، فأنا أشعر بسعادة عندما أجلس مع أخي نتشارك اللعب، فهل يمكن أن تتخيل يا صديقي أن تلعب مباراة كرة قدم دون أن تجد من يشاركك اللعب، أو من يمد لك يده عندما تسقط على الأرض، أو من يصفق لك عندما تحرز هدفًا؟ أو من يطيب خاطرك عندما يدخل فيك هدف، إننا جميعًا نحتاج إلى من يشاركنا هذه الحياة لكي تزداد سعادتنا، أنا الآن أحب أخي ولا أستطيع أن أعيش من دونه، فادعُ له بالشفاء يا يونس كي تعود إليّ سعادتي.

          يومها عدتُ إلى البيت مسرعًا وألقيتُ بنفسي في حضن أمي وأنا أقول لها: «ما رأيك يا أمي أن نسمِّي أخي القادم «قاسم» لأنني أريده أن يقاسمني في حجرتي وملابسي ولِعَبي لكي تزداد سعادتي».

 



علاء عبدالمنعم