شخصيتان مختلفتان، الأول منطلق يتمتع بحيوية ويرغب في أن يكون دائماً في دائرة الضوء، أما الثانى فهادئ ومتأمل لا يحب الأضواء.

          و بالرغم من اختلافهما، كان لهما حلم مشترك وَحَّد بينهما وجعلهما كيانًا واحدًا استطاع بالصبر والإصرار أن يحقق المستحيل.

          انهما «لارى بيج» (larry page) و«سيرجى برين» (sergy brin) طالبا الدكتوراة في علوم الكمبيوتر بجامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الأمريكية واللذان حلما بثورة في طريقة تخزين المعلومات على الكمبيوتر وترتيبها بشكل يجعل الوصول إليها في أقل وقت ممكن من أي مكان في العالم، وكان هذا الحلم هو «جوجل».

          نشأ كل من لاري وسيرجي في بيئة وعائلة تعتبر الكمبيوتر أحد أفرادها الأساسية، فلاري الذي ولد عام 1973 حصل على أول جهاز كمبيوتر عام 1978 وعمره 5 سنوات وكان يستخدمه في واجباته المدرسية، أما سيرجي فكان والداه متخصصين في علوم وتكنولوجيا الكمبيوتر.

روح الفريق والحلم المشترك

          فى عام 1995 التقى لاري وسيرجي وشكل الاثنان فريقًا للعمل على تحليل وإنزال الوصلات من شبكة الويب التي تحتوي على كمية ضخمة من المعلومات. وفكر لاري في إنزال صفحات الويب كاملة على جهاز الكمبيوتر لتحليلها وترتيبها، وكما اخترع تيم برينز لي الويب عام 1989 توصل لاري وسيرجي لطريقة وأسلوب يمكن به ترتيب تلك الصفحات على أساس أهميتها وأطلقا عليه اسم نظام ترتيب الصفحات على الويب، وأطلقا على النموذج الجديد اسم «جوجل» وهو مصطلح رياضي واحد يليه مائة صفر واختيار اسم «جوجل» يعكس الهدف وهو تنظيم كم هائل من المعلومات المتاحة على الويب.

          وبسبب عدم توافر التمويل اللازم استخدم لاري وسيرجي شبكة من الكمبيوترات القديمة وضعت في حجرة لاري في مساكن الطلبة بالجامعة، وحاولا بيع مشروعهما لشركة «ياهو» (yahoo).

          ولكن الشركة رفضت المشروع لأنه كان يتيح نتيجة البحث بسرعة، مما يجعل المستخدم لايبقى مدة طويلة على الموقع في حين أن شركة «ياهو» تريد بقاء متصفحي الشبكة أطول وقت ممكن لتجني مزيداً من الأرباح، بالرغم من ذلك لم يشعرا بالإحباط أو اليأس بل كان حماسهما أقوى من كل العقبات، وبعد عدة أشهر وفي أغسطس 1998 تقابل لاري وسيرجي مع أحد عباقرة الكمبيوتر الذي منحهما شيكا بمائة ألف دولار باسم مؤسسة جوجل.

          وأصبحت «جوجل» العلامة التجارية رقم 7 في العالم ولاري وسيرجي يحتلان الموقعين رقمي 25و26 في قائمة أغنياء العالم،

          «كيف تصبح «جوجل» بيتك؟ كان هو الشعار الذي رفعه لاري وسيرجي وكلمة السر التي فتحت لهما أبواب النجاح وأصبح لفظ جوجل يعني البحث على الإنترنت وكان هذا أكبر دليل على نجاح مؤسسة «جوجل» في تغيير الطريقة التي يفكر بها العالم.

          ولدت فكرة «جوجل» ولم يتجاوز عمر كل من لاري وسيرجي ربع القرن، ولكن ما فعلاه وحلما به وتحقق بإصرارهما لا يفعله من عاش قرنًا كاملاً.