مفاهيم عصرية.. الفيمتو ثانية

مفاهيم عصرية.. الفيمتو ثانية
        

رسم: أحمد عبدالنعيم

لو فتحت أي جريدة..
لو استمعت إلى نشرة أخبار.. في الراديو، أو التلفاز.
لو شاهدت برنامجًا جذابًا، ومفيدًا.
لو فتحت مواقع المعرفة..
لو تحاورت في الفيس بوك.. مع أي صديق، أو صديقة.
حتمًا.. سوف تجدني..
أنا واحد من مفاهيم العصر..
فتعال نتبادل المعرفة..

          أشياء كثيرة تتحرك من حولك، بسرعة فائقة، دون أن تراها..

          أو أن تسمع لها صوتًا..

          وهاأنذا.. واحدة من هذه الأشياء.. بالرغم من أن الناس صارت تعرفني، وتردد اسمي، والغريب أن الكثيرين لا يعرفون من أنا حقًا..

          قد نرى الضوء ينطلق بسرعته، وقد نسمع الصوت يندفع، لكن عيون البشر لا تستطيع أن تتابع حركة الضوء لسرعته الهائلة..

          سوف أقذف إليك برقم، كي تعرف إلى أي حد من الصعب أن تراني، فالضوء ينطلق من منبعه إلى أي مكان تراه، بسرعة 186.000 ميل في كل ثانية (أو 300 ألف كيلومتر في الثانية).

          يا إلهي.. يا له من رقم باهر..

          هذا الأمر لفت أنظار علماء الطبيعة، وأيضًا علماء الكيمياء.. خاصة العالم العربي المعاصر الدكتور أحمد زويل..

          لا يمكن لك أن تتعرف علي بشكل جيد، إلا إذا فهمت ماذا يكون الضوء..

          الزمن هو رحلة طويلة متواصلة، وقد وقف أمامها العلماء دومًا بالمرصاد، يحاولون حل ألغازها..

          الضوء عندما ينطلق من كوكب الشمس إلى أي مكان في الكون، يولد طاقة تندفع بسرعة تعادل عشرات أضعاف سرعة الضوء..

          ومن هنا تتولد الحرارة، والانفجارات الكبرى..

          وارتبطت دراسة الضوء وسرعته، أيضًا بحركة الذرة، الموجودة في كل الأجسام الحية، وغير الحية من حولنا..

          يعني، منذ الآن، وصاعدًا، إذا رأيت الضوء، فلا تتهاون في حقه، واعرف أنه مصدر كل خير في هذا العالم.

          لذا، فإن العلماء يقومون بتقسيم الأشياء إلى نوعين، إلى أشياء مرئية وأخرى غير مرئية.

          الأشياء المرئية، يمكن إدراكها بالعين.. وذلك من خلال الشعور بالزمن.

          اما غير المرئية فإن لها زمنًا لا نشعر به.

          وقد يكون الإنسان هو سيد الأرض التي نعيش فوقها، لكن قدراته في الإدراك محدودة، فالثانية الواحدة، هي أصغر وحدة زمنية بالنسبة له.. لكن لا شك أن هناك قدرات خارقة لا يمكن لحواس الإنسان إدراكها خاصة بالبصر، أو العين المجردة.

          توصل العلماء، وعلى رأسهم الدكتور «زويل» إلى أن بعض التفاعلات الكيميائية شديدة السرعة، وتستغرق في التفاعل زمنًا يبلغ واحدًا على مليون من البليون من الثانية، أي 1/000/000/000/000/1000 ثانية.

          يا إلهي.. أي زمن صغير جدًا جدًا هذا.. إنه رقم خيالي.. لا يمكن تصوره في عقل الإنسان، لكنه موجود من حولنا.

          فالعين مثلًا تستطيع رؤية شيء يتحرك بسرعة 1/100 من الثانية.

          أما مسألة الفيمتو ثانية فهي تدخل في إدراك الخوارق..

          وجاءت العبقرية في محاولة تصويري، أنا الفيمتو ثانية، أي مشاهدة الجزء وهو يتحرك بسرعة واحد إلى مليون من البليون من الثانية.

          وكانت دراسة التفاعلات الكيميائية بمنزلة فتح بشري على العلم، لذا، فإن من عملوا في هذا الفرع من العلم، نالوا دومًا جائزة «نوبل»، مثل العالم «أرهينس»، الذي حصل على جائزة نوبل عام 1903.

          أما الدكتور «زويل» فقد اتبع أسلوبًا عرف باسم الرصد الإشعاعي.. بدا فيه أشبه بقناص ماهر.. فاستخدم شعاعين من الليزر لكل شعاع منهما لون مختلف. تنطلق من كل منهما طاقة هائلة.

          وتم رصد التفاعلات، ولحظة تكوين المركبات الكيميائية، وبالتالي يمكن تكسيرها وتحويلها إلى مركبات أخرى.

          وصار في إمكان الأجهزة، أن تتحكم في الإشعاعات، وأمكن دراسة الأجزاء الصغيرة، ومعرفة سلوكها..

          ومن خلالي أنا، الفيمتو ثانية، صار في الإمكان التحكم في سرعة الأشعة، وأيضًا التمكن في رصد الأمراض المستعصية وعلاجها..

          وعن طريق الاكتشاف المبكر للأمراض، استطاع العلم حماية البشر من الأخطار التي ظلت تهدده ملايين السنين.

          وصارت لي أهمية، ولم يقف استخدامي أنا وأشعة الليزر فقط على مجال الطب، بل امتد الأمر إلى مجال أبحاث الفضاء للتعرف على العالم من حولنا.

          وعن طريقي أنا، تمكن العلماء من معرفة المسافات البعيدة بين الكواكب، والنجوم، وكذلك بدأ العلماء من خلالي تحديد الإجابة عن سؤال صعب من طراز:

          - تُرى هل هناك حياة على سطح الكواكب الأخرى.. أم لا..؟

 



إعداد: محمود قاسم