العالم من حولِنا.. المفترس العملاق

العالم من حولِنا.. المفترس العملاق
        

رسم: أحمد البهلولي

          استطاع التمساح أن يحافظ على وجوده، منذ أكثر من 100 مليون سنة مضت، من دون أن يتعرض «للانقراض»، على  عكس الكثير من الحيوانات التي عاشت في حقبته وانقرضت، وكان من أشهرها الديناصورات.. فبقي التمساح محافظًا على شكله وعاداته منذ تلك العصور وإلى يومنا هذا.. فما سرّ هذا الحيوان الزاحف؟ وما حكاية إصراره على مقاومة كل التحديات من أجل البقاء والاستمرار؟

          ينتمي هذا الحيوان البرمائي الزاحف البيوض إلى فصيلة التمساحيات، حيث يعيش في مناطق مختلفة من العالم، كالمناطق الاستوائية والمساحات الشاسعة من المياه الضحلة والأنهار الراكدة والمستنقعات. كما تختلف طبيعة هذا المخلوق حسب نوعه، فنجد التمساح والغريال والكيمن والقاطور وكلها أنواع تنتمي لفصيلته.

          كان يصل طول التمساح الواحد في العصور القديمة إلى حوالي 16 مترًا، ويمكننا هنا أن نتصور حجمه، وفي عصرنا الراهن وبالضبط في جنوب شرق آسيا، يمكننا أن نعثر على تماسيح يصل طولها إلى ثمانية أمتار ونصف المتر، ووزنها حوالي 2 طن.

          من أبرز الخصائص التي تميز هذا المفترس العملاق عن غيره، أنه انتهازي يمكن أن يأكل أي شيء، فهو من أكثر الحيوانات انتهازية، يحطم كل شيء ويباغت الفريسة في أية لحظة.

          يعتبر الإطباق على الفريسة بفكي التمساح من أقوى الأسلحة التي يمتلكها ويهاجم بها، فإذا ما أمسك هذا الفريسة بأسنانه البالغة حوالي 60 سنًا فإنه حتمًا سيلحق أذى كبيرًا بها، حيث يضربها بقوة دفع عظيمة، ويعضها بأقصى قوة، وحينما يطبق عليها، فإنه يسيطر عليها بقوة عضته، بضغط يصل إلى 280 كيلوغرامًا لكل سنتيمتر مربع.

          أسنان التمساح ليست كأسنان الإنسان مثلاً، فإذا ما سقطت بعض أسنان الإنسان في مراحلها الأولى من النمو، فإنها تستبدل بأخرى مرة واحدة، بينما الأمر يختلف كثيرًا عند التمساح، فكلما سقطت واحدة تستبدل بثانية وثالثة، وهذه العملية قد تصل إلى 40 مرة.

          يبلغ مجموع عدد أسنان التمساح بين 60 و70 سنًا ضخمة تتغير باستمرار، وهذه الأسنان وراءها لوح غريب من العضلات يسمى الصمام الحلقي، وظيفته الرئيسية أنه يحمي التمساح من الغرق، فإذا ما فتح فكيه في الماء، فإن هذا الصمام يغلق قصبة التمساح الهوائية، فيمنع الماء من المرور.

          ويعتقد العلماء أن السبب الرئيسي ربما لبقاء هذه الحيوانات الزاحفة على قيد الحياة، وعدم انقراضها، هو صبرها على الجوع، فقد يطول بها الوقت من دون أن تأكل شيئًا ففي نظامها الغذائي تحتاج إلى الأكل مرة واحدة فقط في كل بضعة أسابيع، وحينما يكون الطعام نادرًا يمكن للتماسيح أن تدخل في حالة فقدان للوعي، وتصنّف التماسيح من ذواتي الدم البارد وهو ما يعني أنها لا تهدر طاقتها بل تحافظ عليها.

          كما أنها تكيّف حرارة جسمها حسب الأجواء المحيطة بها، سواء في البرد أو الحر. وعملية التثاؤب - وهي الوضعية التي يجعل فيها التمساح فمه مفتوحًا - تمكنها من المحافظة على برودة الجسم حيث يؤدي مرور الهواء البارد على الجلد  الرقيق داخل الفم إلى عدم الشعور بالحرارة المرتفعة.

  • هل تعلم؟

          يعتبر الورل وهو من الزواحف البرية، والذي يشبه إلى حد كبير التمساح، الخطر الكبير الذي يهدد سلامة بيوض التماسيح، فعندما تغيب أنثى التمساح عن الحفر التي تحوي البيوض. فإن الورل يهاجمها ويأكلها.

          الصيد الجائر الذي يطال التماسيح من طرف الإنسان، الذي يستغل جلدها ليصنع منه الحقائب والأحذية وغيرها من الصناعات الجلدية، هو ما أصبح يهددها بالانقراض، لذا فقد دعت العديد من المنظمات والجمعيات للمحافظة على التمساح ومنع صيده.

 



إعداد: أحمد البهلولي