مفاهيم عصرية: ديمو.. قراطية..

مفاهيم عصرية: ديمو.. قراطية..
        

دعونى أقدم لكم نفسي..

          أنا واحد من المفاهيم العصرية، لكنني قديم جداً، أو كما يجب أن يقال «أنا العجوز التي أجدد نفسي دوماً في كل زمان.. خاصة في أيامنا هذه»..

          الصغار صاروا يمارسونني ويتعاملون معي.. ربما من دون أن يفهموا الأمر بشكله الصحيح. لكن دعونا نتباسط.. ونتكلم بلغة مفهومة..

          يمكن أن تطلقوا علي اسم «اختيار»، وهذا الأمر واضح جداً في داخل الفصول، والمدارس، عرفه تلاميذ مدرسة «الارتقاء» حين تم الإعلان عن تشكيل اتحاد الطلبة..

          «اتحاد الطلبة».. يتكون من مجموعة تلاميذ، أو طلاب، في أي مدرسة، يتم اختيارهم من التلاميذ أنفسهم، كي يتولوا شئون المدرسة، من ناحية الأنشطة المختلفة.

          مثل الرحلات، والحفلات الفنية، والاهتمام بشئون التلاميذ، ورعايتهم، وقد بدأت الأمور مطلع العام الدراسي.. حين أعلنت المدرسة عن فتح باب الترشيح لاتحاد الطلاب. وتقدم زملاء كثيرون يرون في أنفسهم القدرة على القيام بهذه المسئولية، وهي عمل أنشطة طلابية طوال العام.

          بدأت الحملة الانتخابية، ومر المرشحون على الفصول، وتحدث كل منهم عن ما سوف يقدمه، وقال أحدهم: هذه هي رؤيتي، أو برنامجي الانتخابي.

          وفى يوم الاقتراع، تجمع التلاميذ في صفوف أمام لجان الانتخابات، داخل المدرسة، واختاروا من يرونهم الأنسب.. وفي آخر النهار، عرف الجميع أسماء الناجحين، وساد الشعور بالارتياح، الذين نجحوا مقبولون من الغالبية.

          وهكذا عرف تلاميذ المدرسة ماذا تعني «الديمقراطية»، من دون أن يقرأوا عنها، لقد مارسوها بأنفسهم، لقد «اختاروا» من يمثلونهم..

          وكم أنا سعيدة أن الصغار مارسوني، وعرفوا من أنا.

          أنا قديمة، ولدت لدى شعوب اليونان القديمة، منذ آلاف السنين، لقد اعتاد هؤلاء الناس أن يختاروا من يحكمهم، وكانوا أول من أنشأ «برلمانا»، أو المجلس الذي يلتقي فيه الأشخاص الذين اختارهم الشعب ليحكموا.

          وهكذا، صار من يحكم، هو الذي يختاره الناس، يرون أنه الأنسب، وقد عادت الديمقراطية، أي أنا التي عدت، إلى العالم بشكل واضح، فى القرن العشرين، رغم أن بريطانيا عرفتني دوماً من خلال برلمانها الذي كان يتم انتخاب أعضائه دوماً..

          وفي العصر الحديث، تساءل الناس عني: ترى من أنا.

          وانتشر اسمي في كل مكان، في البلاد المتقدمة، وأيضاً في البلاد الفقيرة، وقد اختلفت المعاني، والتطبيقات.. من بلد إلى بلد.

          لكن أشهر ديمقراطية في العصر الحديث موجودة في الدول الغربية، في الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا.. وإسبانيا، وكندا، وأستراليا.

          وفي كل أنحاء العالم، هناك أنواع محدودة من سبل إدارة البلاد.. هناك بلاد برلمانية مثل بريطانيا، حيث يتم اختيار رئيس الوزراء، بعد الانتخابات البرلمانية، والحزب الذي يفوز بالأغلبية يصير قائده رئيس الوزراء..

          في هذه البلاد، تكمن السلطة السياسية فى يد رئيس الوزراء، حتى إن كان حاكماً على قمة الدولة، سواء ملكاً، رئيساً، أو أميراً، أو سلطاناً.

          وهناك نوع آخر من الحكم، باسمي أنا، الديمقراطية هو أن يكون للدولة رئيس يتم انتخابه وله مدة محددة في مقعد الحكم..

          ربما أربع سنوات مثلما في الولايات المتحدة، أو سبع سنوات مثل فرنسا، أو سنوات أقل، يتم تحديدها في بنود الدستور..

          طبعاً، أنا مصطلح عصري قديم، ترتبط بي مصطلحات سياسية، أو اجتماعية، يجب أن نعرفها، كأن نقول «حزب»، أو «دستور».

          مادمنا سنلتقي دوماً، فسوف يأتي إلى هذه الصفحات مفاهيم عصرية أخرى للحديث مثلما تحدثت.

          لكن المفاهيم العصرية ليست أبداً سياسية، هناك مفاهيم علمية، ومفاهيم اجتماعية، ومفاهيم مرتبطة بالتكنولوجيا..

          ودعونا نلتقي، ونتعارف.

 



إعداد: محمود قاسم