بائع الأحلام

بائع الأحلام
        

رسم: منال راشد

          ذات صباح استيقظ وسام على صوت أمه تدعوه كي يذهب معها إلى محل الخضراوات، والفاكهة القريب ليحمل معها بعض الخضراوات، وكعادته دوما، تعلل لها بأنه متعب ولا يستطيع مغادرة الفراش.

          مضت الأم إلى السوق وحيدة بينما ظل وسام مستيقظا يلعب هنا وهناك محاولا قضاء الوقت حتى تعود أمه، فجأة لمح شيخا يبيع أنواعا جميلة من الحلوى ويحمل حقيبة كبيرة على كتفه، أسرع وسام بأخذ مصروفه الذي تركته له أمه على المنضدة وذهب إلى بائع الحلوى.

          في هذه اللحظة وقف بائع الحلوى أمام منزل وسام، اقترب منه وسام وأشار إلى قطعة جميلة من الحلوى قائلا: بكم هذه يا عم؟

          أجابه الشيخ: وهل معك ثمنها؟

          أخرج وسام من جيبه ما معه من مال وناوله للشيخ قائلا: بالطبع.. معي مصروفي.

          ضحك الشيخ كثيرا وأشار إلى الحلوى بكفه قائلا: أنا لا أبيع بالنقود يا ولدي.. فثمن الحلوى التي أبيعها لا يملكه الكثيرون.

          عقد وسام حاجبيه مندهشا، فقد كان حديث الشيخ غريبا عليه، هل هناك أحد لا يبيع بضاعته بالمال، إذن بماذا يبيعها؟

          شعر الشيخ بما يدور في عقل وسام فأشار إلى الحلوى قائلا: لا تندهش.. فأنا معي كل ما تحلم به.. حلوى.. ألعاب.. حتى الأحلام معي في حقيبتي هذه.

          ظهرت علامات الدهشة على وجه وسام وازدادت دهشته حينما وقف أحد الأطفال أمام البائع قائلا له: عماه.. أريد هذه اللعبة الجميلة.

          نظر له الشيخ بعينين حانيتين وسأله: هل معك ثمن اللعبة؟

          أجابه الطفل بصدق: طبعا يا عماه.. لقد أطعت أبي حين طلب مني شراء بعض الفاكهة من السوق.

          ارتسمت ابتسامة حانية على وجه الشيخ وناول اللعبة للطفل، ثم عاد ينظر إلى وسام سائلاً إياه: هل معك ثمن الحلوى يا وسام؟

          وقبل أن يجيب وسام ظهر طفل آخر وأشار إلى علبة حلوى جميلة قائلا للشيخ: عماه.. أريد هذه العلبة لي وأريد لعبة العروسة لأختي نوال.

          التفت الشيخ إلى الطفل سائلاً إياه: وهل معك الثمن يا صغيري؟

          أجابه الطفل بحماس: نعم.. فقد طلبت مني معلمتي كتابة الواجب وكتبته دون تأخير.. وأختي نوال تستيقظ كل صباح وتذهب مع أمي للسوق.. لا تعصيها أبداً.

          تناول الشيخ علبة الحلوى ولعبة العروسة وناولهما للطفل قائلاً: بلِّغ تحياتي لنوال تلك الطفلة المهذبة.

          ارتسمت علامات الذهول على وجه وسام وسأل الشيخ في دهشة: أخبرني يا عم.. هل تبيع بضاعتك بالمجان؟

          أطلق الشيخ ضحكة عالية وهو يجيبه: كلا يا ولدي.. أبيعها بالأعمال الصالحة.. كل من يفعل عملاً صالحاً يستحق أن يأخذ ما يشاء.. إذا كنت تطيع أمك فخذ ما تشاء من بضاعتي.

          فكِّر وسام قليلاً ثم تذكر ما يفعله مع أمه، لذا سار إلى منزله حزيناً، شعر بأن النقود التي معه لا تساوي شيئاً، لذا جلس حزيناً في داره.

          عادت الأم من السوق لتجد مفاجأة في انتظارها، لقد وجدت فراش وسام مرتباً وغرفته منظمة والمنزل نظيفاً للغاية.

          ظلت تبحث عن وسام وفي النهاية وجدته ينظر من النافذة، سألته في دهشة: وسام.. من الذي نظف المنزل؟

          أجابها بابتسامة كبيرة: إنه بائع الأحلام.

 



قصة: عابدين الجبالي