ماذا تعرف عن.. مدينة ليغو لاند؟

ماذا تعرف عن.. مدينة ليغو لاند؟
        

          تعالوا لأحكي لكم حكاية قديمة جديدة.. ولم لا.. فقصص النجاح مرتبطة دوما بالعزيمة والتطور.

          حكايتنا هذه تبدأ عندما قرر نجار يدعى «أولي كيرك كريستيانسن» ترك عمله في مصنع النجارة بالدنمارك، بعدما اكتسب خبرة واسعة في هذه المهنة. ولشدة ولعه بالنجارة أحب أن يخترع شيئا مغايرا ومتميزا. فأنشأ منجرته الخاصة به وكان ذلك في العام 1932، واستطاع أن يصمم ألعابا مصنوعة من الخشب كفكرة جديدة ومبتكرة آنذاك. وأحب مشاركة العاملين معه بنجاحه هذا، فقام بطرح مسابقة لموظفيه بقصد تسمية الشركة.. ومن خلال أحدهم تمت تسميتها ليغو (LEGO) وهي تجمع بين كلمتين دنماركيتين وتعنيان «العب جيدا» (Leg Godt (Play Well. كما أنه وبالصدفة تعني كلمة ليغو باللاتينية (أنا أتعلم).

          قدَّم هذا النجار ولسنوات عدة 49 تصميما خشبيا لألعاب مختلفة، ولكن هذا النجاح لم يدم طويلا.  فبعد عشر سنوات شب حريق هائل في مصنعه، وتضررت غالبية القطع الخشبية بسبب النيران المشتعلة. لكن أولي كيرك كريستيانسن لم ييأس، و«رب ضرة نافعة».. فانتهز الفرصة لتطوير عمله للأفضل والأجود بإدخال البلاستيك الجيد إلى قطع الليغو.

          عمل ابنه البالغ من العمر آنذاك 12 سنة على تلقي شكاوى الزبائن من عدم وجود لعبة شاملة يمكن الاستفادة منها ذهنيا.. واستمع إلى مشورة وآراء الموظفين الذين تعود كابيه إشراكهم في صنع القرارات، وتمخض عن ذلك طرح أول لعبة محترفة لليغو في العام 1955 تضمنت 28 قطعة تركيب. تشبه اللبنات على شكل مستطيلات صغيرة يتم تركيبها ببعضها البعض كي تستثير مخيلة الأطفال.

          وبعد وفاة أولي كيرك أصبح ابنه يدير الشركة.. وحدث حريق للمرة الثانية في المصنع، بسبب وجود بعض القطع الخشبية الأخرى. فكان دافعا لكريستيانسن الابن للتوقف نهائيا عن إنتاج لعب خشبية مجددا. واتجه لتصنيع البلاستيك فقط.

          وشيئا فشيئًا استمرت الابتكارات في التقدم لدفع الأطفال لمزيد من العمل والتركيز عن طريق ترابط القطع الصغيرة مشكلة مجسمات لأشكال مختلفة. وبمرور الوقت تمت إضافة المزيد من القطع الحديدية والبراغي (المسامير) والعجلات التي تجعل الأبناء في حالة ذهنية نشطة. وبمهارات عالية وبقدرات على الفك والتركيب والتصميم والبناء بشكل فعال وممتع للغاية، ظل التطوير ملازما لشركة «ليغو غروب الدنماركية» فقامت بتشييد أول مدينة ألعاب في بيلوند بالدنمارك في العام 1968 كاملة من قطع الليغو التي وصل عددها إلى 42 مليون قطعة.. وانتشرت سمعتهم خارج أوربا، وحملت شعارا بمعنى «ألعابنا تجعل الأطفال أذكى» وتعددت مدن الألعاب في عدة دول منها ألمانيا وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، وقريبا في دولة الإمارات العربية المتحدة، جسدت جميع أوجه الحياة.

          فهذه مدن العالم منمنمة مثل باريس عاصمة فرنسا وروما ونيويورك وهونج كونج وغيرها، وكذلك المدن الساحلية والملاعب والحدائق العامة والمطارات والموانئ، تتخللها مجسمات متناهية الصغر لأناس وأطفال يسيرون في الطرقات ويجلسون على الشرفات ويحتسون المشروبات في المقاهي والمطاعم.

          فقد تماشت مع تطورات العصر وأصبحت مجهزة بألعاب الكمبيوتر والتكنولوجيا الرقمية، ما يجعلها أكثر واقعية وحقيقية. فهي تتفاعل بالصوت والصورة وبحركات مدهشة. فأصبح  بإمكانك تحريك السفن وإصدار الأصوات ورش المياه بأدوات التحكم الموجودة حولها. ولك أن تختار من العوالم المختلفة التي فيها. فمنها الثلجية بما فيها من معارف بالحياة القطبية وعالم القراصنة يدفعك بمغامرة لتحمي فيها قاربك منهم وتقضي على الشر. وهناك تقف قلعة ضخمة تنتظرك لتكتشف أسرار الفراعنة العجيبة. وإلى عالم «الأكواريوم» المائي وما تحته من حياة تعيش فيها معهم برحلة لا تنسى. فلك أن تصعد برج المشاهدة الذي يأخذك للسحاب لتشاهد المدينة كلها من أعلى، مما يشعرك بالحماس لاستئناف المزيد من مغامرات، سواء متعة قيادة السيارات أو ركوب القطارات وتركيبها وألعاب الفيديو.

          ولاتزال أساليب التطور في نمو يتناسب مع شغف الأبناء في الوقت الراهن والمستقبل بتعدد طرق المعرفة المسلية وإطلاق العنان لخيالهم.

 

أول لعبة «ليغو» طرحت عام 1955
عام 1968 بنيت أول مدينة ألعاب «ليغو» في مدينة بيلوند في الدنمارك

 

          أنت عزيزي القارئ الصغير، عندما تقف وسطها تشاهد حياة من الليغو تتحرك حولك. تشكلت بأياد سحرية لتصنع مدنا قزمية شملت تصاميم عظيمة في منتهى الدقة والصغر.

          فسواء كانت حدائق أو دور عرض (سينما) أو فنادق، فكلها بدأت من منجرة صغيرة. وحلم صغير.. وبالعزيمة والإرادة والعمل الجماعي. تمددت أسطورة الليغو عبر بقاع الأرض. فلم تعد تلك الألعاب مقتصرة على الأطفال فقط. بل امتدت لإمتاع جميع أفراد الأسرة فشملت الترفيه والتعليم والاستكشاف في آن واحد.

 



إعداد: وفاء شهاب