عَيُّوشَة

رسم: فاروق الجندي

 

وَقَفَتْ عَيُّوشَةُ بِقَامَتِهَا الْمَدِيدَةِ عِنْدَ بَابِ الْبَيْت.

كَانَ بَيْتًا مًبْنِيًّا مِنَ الطُّوبِ الْأَصْفَر، يَتَكَوَّنُ مِنْ غُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَحَظِيرَةٍ لِلْمَاعِزِ وَخُمٍّ لِلدَّجَاج.

خِلاَلَ وُقُوفِهَا رَأَتْ زَوْجَهَا حَمُّودَةَ يَقُومُ فِي الْحَقْلِ بِجَنْيِ بَعْضِ الْخَضْرَاوَاتِ لِيَبِيعَهَا فِي الْغَدِ فِي سُوقِ الْقَرْيَة.

وكَانَ الْمَسَاءُ قَدْ خَيَّم، فَأَخَذَتْ تَعْجِنُ الْخُبْزَ وتَرَكَتْهُ يَتَخَمَّر، ثًمَّ أَشْعَلَتِ النَّارَ فِي الْفُرْنِ، وفي انْتِظَارِ أَنْ يَتَخَمَّرَ الْخُبْزُ ويَتَّقِدَ الْجَمْرُ فِي الْفُرْنِ أَطْعَمَتِ الْمَعْزَاتِ مِنْ فُولٍ مَجْرُوشٍ والدَّجَاجَاتِ مِنْ حُبُوبِ الْقَمْح، ومَا بِقِيَ عَلَيْهَا سِوى أَنْ تُنْضِجَ الْخُبْزَ وأَنْ تُعِدَّ الشَّاي، فَلاَ شَكَّ في أَنَّ حَمُّودَةَ جَائِعٌ وَمَوْعِدُ تَنَاوُلِ طَعَامِ الْعَشَاءِ قَرِيب.

وَبَيْنَمَا هِيَ تُنْضِجُ الْخُبْزَ فِي الْفُرْن، لاَحَظَتْ تَغَيُّرًا فِي السَّمَاء، فَقَدْ تَحَوَّلَ صَفْوُهَا إلى دَمْدَمَةٍ تُنْذِرُ بِالْمَطَر، وَهُوَ مَطَرُ الصَّيْف، لاَ يَسْتَبْشِرُ بِهِ أَحَد، فَاغْتَمَّ خَاطِرُهَا.

 

عَادَ حَمُّودَةُ مِنَ الْحَقْلِ جَائِعًا ومُنْهَكًا، فَوَجَدَ عَيُّوشَةَ قَدْ وَضَعَتْ عَلَى الْمَائِدَةِ خُبْزًا سَاخِنًا وزَيْتُونًا أسْوَدَ وَصَحْنًا صَبَّتْ فيه مِنْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ، فَأَقْبَلَ على الطَّعَامِ بِشَهِيَّة، لَكِنَّهُ رَأَى عَلَى وَجْهِ عَيُّوشَةَ عَلاَمَاتِ حُزْنٍ غَامِضٍ لَمْ يُدْرِكْ سَبِبَه، فَأَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ مَا بِهَا، إِلاَّ أَنَّهَا لَمْ تُفْصِحْ لَهُ عَنْ شَيْء.

تَنَاوَلَ حَمُّودَةُ عَشَاءَهُ بِنَهَم، بَيْنَمَا لَمْ تُقْبِلْ عَيُّوشَةُ على تَنَاوُلِ الطَّعَام. خِلاَلَ ذَلِكَ سَمِعَا رَعْدًا شَدِيدًا ورَأَيَا لَمَعَانَ الْبَرْقِ، فَوَضَعَتْ عَيُّوشَةُ يَدَهَا عَلَى قَلْبِهَا وهَتَفَتْ:

- اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ خَيْرا.

قَالَ حَمُّودَة:

- آمِينْ.

وحَاوَلَ طَمْأَنَتَهَا، فَلَمْ تَطْمَئِن. تَهَاطَل المْطَرُ من السَّمَاءِ مِدْرَارا، وأَخَذَ الْكَلْبُ يَنْبَحُ نُبَاحًا شديدا، كَمَا سَمِعَتْ عَيُوشَةُ ثُغَاءَ الْمَاعِزِ ونَقِيقَ الدَّجَاجِ وصِيَاحَ الدِّيَكَة، فَتَوَتَّرَتْ أَعْصَابُهَا، ولَمَّا طَلَبَ مِنْهَا حَمُّودَةُ أَلاَّ تَعْبَاَ بالأَمْرِ ودَخَلَ فِرَاشَ النَّوْمِ فَقَدْ جَعَلَتْ ضَوْءَ الْقِنْدِيلِ يَخْفُت، وبَقِيَتْ سَهْرَانَةً تُصْغِي إلى زَخَّاتِ الْمَطَرِ.

 

عَرَفَتْ عَيُّوشَةُ أَنَّ حَيَوَانَاتِهَا مِفْزُوعَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَطَرِ وَهِيَ لَمْ تَنَم. خَرَجَتْ إِلَى الْحَظِيرَةْ فَابْتَلَّتْ ثِيَابُهَا بِمَاءِ الْمَطَرِ الْغَزِيرِ الَّذِي كَانَ يَتَسَاقَطُ كَأَنْهَارٍ مِنَ السَّمَاء، وَحَاوَلَتْ أَنْ تُهَدِّئَ مِنْ رَوْعِ حَيَوَانَاتِهَا، فَلَمْ تَهْدَأ. وَبَيْنَمَا هِيَ فِي الْحَظِيرَةِ أَدْرَكَتْ أَنَّ سُيُولاً جَارِفَةُ قَدْ جَرَفَتِ الْبَيْتَ فَتَهَدَّمَ طُوبُهُ كَمَا أَخَذَتِ السُّيُولُ تَجْرِفُ الْحَيَوَانَاتِ وتَجْرِفُهَا هِيَ نَفْسُهَا فَتَشَبَّثَتْ بِجِذْعِ شَجَرَة.

أَصَابَهَا الْهَوْلُ وَالْفَزَعُ فَأَخَذَتْ تَسْتَغِيثُ بِزَوْجِهَا حَمُّوَدَةَ وَهِيَ تُنَادِيه:

- حَمُّودَة! آ حَمُّوَدة!

فَلَمْ تَسْمَعْ مِنْهُ جَوَابا.

بَقِيَتْ عَيُّوشَةُ مُتَشَبِّثَةً بِجِذْعِ الشَّجَرَة، وَالْجِذْعُ نَفْسُهُ يَدْفَعُهُ مَاءُ السَّيْل، حَتَّى وَجَدَتْ نَفْسَهَا فِي لَيْلٍ بَهِيمٍ وَالْأَرْضُ كُلُّهَا مَغْمُورَةٌ بِمَاءِ السَّيْل، فَتَسَلَّقَتْ شَجَرَةً وَبَاتَتْ لَيْلَتَهَا فِي أَعْلَاهَا وَهِيَ تُفَكِّرُ فِي حَمُّوَدَة، وَفِي بَيْتِهَا وَحَقْلِهَا، وَفِي حَيَوَاناَتِ الْحَظِيرَة.

خَافَتْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهٌ قَدْ أَصَابَ حَمُّودَة، زَوْجَهَا وَحَبِيبَهَا وَمَنْ تُشَارِكُهُ حُلْوَ هَذِهِ الْحَيَاة وَمُرَّها.

 

قَضَتْ عَيُّوشَةُ لَيْلَتَهَا فِي أَعْلَى الشَّجَرَة. وَلَمَّا أَشْرَقَ نُورُ الصَّبَاحِ نَزَلَتْ عَنْهَا وَسَارَتْ تَبْحَثُ عَنْ مَكَانِ بَيْتِهَا، فَوَجَدَتْ فِي الطَّرِيقِ مَعْزَاتِهَا وَقَدْ نَفَقَت، ودَجَاجَاتِهَا وَقَدِ اخْتَنَقَت، وَكَلْبَهَا وَقَدْ مَاتَ وَهُوَ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ جَاحِظَ الْعَيْنَيْن، وَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَى مَكَانِ بَيْتِهَا وَجَدَتْهُ حُطَامًا، وَقَدْ هَدَّهُ السَّيْل.

أَخَذَتْ تُنَادِي حَمُّودَةَ بِكُلِّ جَوَارِحِهَا، لَكِنَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا، ثُمَّ وَجَدَتْهُ مَيِّتًا، فَأَخَذَتْ تَبْكِي وَتَنُوح.

مَشَتْ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى أَحَدِ الشَّوارِع فَاسْتَنْجَدَتْ بِسُكَّانِهِ الَّذِينَ قَامُوا بِجَنَازَةِ حَمُّودَة، كَمَا قَدَّمُوا لَهَا الْعَزَاءَ وَطَلَبُوا مِنْهَا أَنْ تَبْقَى فِي ضِيَافَتِهِم.

ظَلَّتْ عَلَى حُزْنِهَا تَزُورُ قَبْرَ حَمُّودَةَ وَتَتَرَحَّمُ عَلَيْه، ثُمَّ تَعُودُ إِلَى ضِيَافَةِ أُولئكَ الْكِرَام.

لَكِنَّهَا فَكَّرَتْ وَقَالَت: «رَغْمَ الْفَجِيعَةِ فَالْحَيَاةُ تَسْتَمِر. وَعَلَيَّ أَنْ أَبْدَأَ حَيَاتِي مِنْ جَدِيد».

 

جَاءَتْ إِلَى الْحَقْلِ فَأَخَذَتْ تَجْمَعُ مِنْهُ الأَحْجَارَ الَّتِي أَتَى بِهَا السَّيْل، وَتَبْنِي بِهَا سُورًا بَعْدَ آخَر.

وَبْيَنَمَا هِيَ تَعْمَلُ عَلَى إِعَادَةِ بِنَاءِ الْبَيْتِ جَاءَ رَاعٍ هُوَ الْفَتَى حَسَن، فَنَظَرَ إِلَى مَا تَفْعَل، ثُمَّ تَرَكَ أَغْنَامَهُ تَرْعَى وَهَبَّ لِمُسَاعَدَتِها.

أَخَذَ الرَّاعِي الْفَتَى حَسَنٌ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ إِلَى المكانِ نفسه فَيَتْرُكُ الْغَنَمَ تَرْعَى ويُسَاعِدُ عَيُّوشَةَ عَلَى أَشْغَالِ الْبِنَاء.

تَوَطَّدَتِ الصَّدَاقَةُ بَيْنَهُمَا. حَكَتْ لَهُ مَا جَرَى لَهَا، وَشَكَاهَا مِنْ أَنَّهُ قَدْ تَخَلَّى عَنِ الدِّرَاسَةِ بِسَبَبِ بُعْدِ الْمَدْرَسَةِ عَنْ سُكْنَاه.

وَلَمَّا احْتَاجَا إِلَى سُلَّمٍ يَصْعَدَانِ عَلَيْهِ لإعْلاَءِ الْحِيطانِ وبِنَاءِ السَّقْفِ، وَلْما يَكُنْ مَعَهَا مَال، فَقَدْ أَرْشَدَهَا الْفَتَى حَسَنٌ إِلَى مَكَانٍ يُوجَدُ بِهِ شَهْدُ النَّحْل، فَأَشْعَلاَ النَّارَ وَحَصَلاَ عَلَى الشَّهْدِ فَبَاعَتْهُ فِي سُوقِ الْقَرْيَة.

 

اشْتَرَتْ عَيُّوشَةُ السُّلَّمَ وَفِرَاشًا لِتَنَامَ عَلَيْهِ وَخُبْزًا وَزَيْتُونًا ومِصْبَاحًا مَلَأَتْهُ بِالغَاز لِتَسْتَضِيءَ بِه فِي وَحْدَتِهَا فِي اللَّيْل، وَإِبْرِيقًا لِإِعْدَادِ الشَّاي.

واسْتَمَرَّتْ أَشْغَالُ الْبِنَاء، وتَمَّ وَضْعُ سَقْفٍ لِلْبَيْت، كَمَا تَمَّ تَبْلِيطُهُ بِالطِّينِ مِنَ الدَّاخِلِ والْخَارج.

ومَعَ جَنْيِ الشَّهْدِ وبَيْعِهِ فِي سُوقِ الْقَرْيَة، أَقَامَتْ عَيُّوشَةُ بِمُسَاعَدَةِ الْفَتَى حَسَن حَظِيرَةً أَطْلَقَتْ فِيهَا دِيكًا وأرْبَعَ دَجَاجَاتٍ ثُمَّ اشْتَرَتْ مَعْزَةً، وكَانَ كُلُّ ذَلِكَ بِفَضْلِ الْفَتَى حَسَن، الَّذِي أَرْشَدَهَا إِلَى مَكَانِ شَهْدِ الْعَسَل، وَقَدَّمَ لَهَا مُسَاعَدَتَه، فَوَجَدَتْ فِيهِ خَيْرَ مُعِين، وَأَحَسَّتْ نَحْوَهُ بِعَاطِفَةِ الْأُمُومة، هِيَ الَّتِي كَانَتْ عَاقِرًا، فَلَم تُنْجِبْ مَعَ حَمُّودَةَ وَلَدًا أَوْ بِنْتًا.

بَنَتْ عَيُّوشَةُ بِجِوَارِ الْبَيْتِ فُرْنَا أَخَذَتْ تُنْضِجُ فِيهِ الْخُبْز، واِسْتَصْلَحَتِ الْحَقْلَ وَزَرَعَتْهُ بِالْمَزْرُوعَات. وأَخَذَتْ لاَ تتَنَاوَلُ طَعَامًا أَوْ تَشْرِبُ شَايًا إِلاَّ وَمَعَهَا الْفَتَى حَسَن، وَهُمَا يَتَحَدَّثَان، والْوَاحِدُ مِنْهُمَا يُؤْنِسُ الآخَر.

 

صَارَحَتْ عَيُّوشَةُ الْفَتَى حَسَنًا بِأَنَّهَا تَرْغَبُ فِي أَنْ يَعُودَ إِلَى دِرَاسَتِه، فَوَجَدَ أنَّ الْمَانِعَ مِن ذَلِكَ هُوَ بُعْدُ الْمَدْرَسَةِ عَنِ الْبَيْت، فَاتَّصَلَتْ بِوَالِدَيْهِ مِنْ أَجْلِ إقْنَاعِهِمَا، وَاشْتَرَتْ لَهُ دَرَّاجَةً هَوَائِيَّةً، فَتَرَكَ رَعْيَ غَنَمِ الْمَعْطَاوِي رَئِيسِ الْجَمَاعَة الْحَضَرِيَّةِ وَعَادَ إِلَى دِرَاسَتِه.

أَصْبَحَ الْفَتَى حَسَنٌ بِمُوَافَقَةِ وَالِدَيْهِ كُلَّمَا عَادَ مِنَ الْمَدْرَسَةِ يَأْوِي إِلَى بَيْتِ خَالَتِهِ عَيُّوشَة، فَيَجِدُهَا قَدْ أَعَدَّتِ الطَّعَامَ، وبَعْدَ أَنْ يَتَنَاوَلاَنِهِ يَبْدَأُ حَسَنٌ فِي مُرَاجَعَةِ دُرُوسِه، فَأَثَارَ ذَلِكَ فُضُولَ عَيُّوشَة، وَبَدَأَتْ تَتَعَلَّمُ مَعَهُ الْقِرَاءَةَ والْكِتَابَة، وأَبْدَتْ لِذَلِكَ اسْتِعْدَادًا حَسَنا.

 

أَخَذَ الْفَتَى حَسَنٌ يَذْهَبُ بِدَرَّاجَتِهِ إِلَى الْمَدْرَسَة، وَأَخَذَتْ عَيُّوشَةُ تَذْهَبُ إِلَى سُوقِ الْقَرْيَةِ لِتَبِيعَ مَحْصُولَ حَقْلِهَا مِنَ الْخُضَرِ وَالْبُقُول.

فِي السُّوقِ تَعَرَّفَتْ عَلَى أُنَاسٍ كَثِيرِين، وَسَمِعتْهُمْ يَشْتَكُونَ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ طُرُقٍ مُعَبَّدَةٍ تَرْبِطُ الْقَرْيِةَ بِالْمَدِينَة، وَمِنْ بُعْدِ الْمَدْرَسَةِ عَنْ مَسَاكِنِهِم، وَمِنْ عَدَمِ تَوَفُّرِ الْقَرْيَةِ عَلَى مُسْتَشْفًى لِلتَّمْرِيضِ وَالْوِلاَدَة، وَمِنْ عَدَمِ وُجُودِ شَبَكَةٍ لِلْكَهْرَبَاءِ تَمُدُّ الْبُيُوتَ بِالإِنَاَرة.

وَسَمِعَتْهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ بِالْقَرْيَةِ مَجْلِسًا قَرَوِيًا يَتَرَأّسُهُ الْمَعْطَاوِي، لَكِنَّهُ مَجْلِسٌ خَامِلٌ لاَ يَعْمَلُ شَيْئًا مِنْ أَجْلِ خِدْمَةِ مَصَالِحِ السُّكَّان.

تَدَاوَلَتْ عَيُّوشَةُ الْأَمْرَ مَعَ الْفَتَى حَسَن.

 

كَمَا أَخْلَصَتْ عَيُّوشَةُ لِبَيْتِهَا وَحَظِيرَتِهَا وَحَقْلِهَا ولِرِعَايَة الْفَتَى حَسَن، فَقَدْ ثَابَرَتْ فِي تَعَلُّمِ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَة.

أَحَسَّتْ أَنَّهَا تَبْنِي حَيَاتَهَا مِنْ جَدِيد، وَأَنَّهَا تَبْعَثُ الْقُوَّةَ مِنَ الضَّعْف، بِإِرَادَةٍ لِحُبِّ الْحَيَاة، وَطُمُوحٍ كَبِيرٍ وَعَزِيمَةٍ وَإِرَادَة.

وَكَانَتْ كُلَّمَا تَذَكَّرَتِ السَّيْلَ الَّذِي جَرَفَ بَيْتَهَا وَأَضَاعَ مِنْهَا زَوْجَهَا الْمَرْحُومَ حَمُّودة، تذْهَبُ إِلَى قَبْرِهِ فَتَتَرَحَّمُ عَلَى رُوحِهِ وتُخْبِرُهُ بِكُلِّ مَا تَفْعَل، وَهِيَ تَعْتَقِدُ أَنَّهُ يُصْغِي إِلَى حَدِيثِهَا.

 

أَقَامَتْ عَيُّوشَةُ حَفْلاً فِي بَيْتِهَا بِمُنَاسَبَةِ نَجَاحِ الْفَتَى حَسَنٍ فِي الشَّهَادَةِ الاِبْتِدَائِيَّة، حَضَرَهُ أَبَوَاه.

وَكَانَتْ فَرْحَتُهَا أَكْبَرُ مِنْ فَرْحَةِ وَالِدِه، ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَرْغَبُ فِي أَنْ يُعِيدَهُ إِلَى رَعْيِ غَنَمِ الْمَعْطَاوِي، نَظَرًا لِبُعْدِ الْمَدْرَسَةِ الْإِعْدَادِيَّةِ عَنْ سُكْنَاهُم.

تَرَكَتْ عَيُّوشَةُ الْعُطْلَةَ الصَّيْفِيَّةَ تَمُرّ، وَكَانَتْ قَدْ أَعَدَّتْ خُطَّةً لِكَيْ يُكْمِلَ الْفَتَى حَسَنٌ دِرِاسَتَهُ فِي الْمَدْرَسَةِ الْإِعْدَادِيَّة، أَخْبَرَتْهُ بِهَا فَفَرِحَ وَأَبْدَى عَزْمَهُ عَلِى مُتَابَعَةِ الدِّرَاسَة.

كَمَا أَخَذَ خِلاَلَ ذَلِكَ الصَّيْفِ يُسَاعِدُهَا عَلَى التَّمَكُنِ مِن الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَة.

اِشْتَرَتْ عَيُّوشَةُ مِنْ سُوقِ الْقَرْيَةِ جِهَازَ رَادْيُو يَعْمَلُ بِبَطَّارِيَّة، وَأَخَذَا هِيَ والْفَتَى حَسَنٍ يَسْتَمِعَانِ إِلَى الْأَخْبَار، فَاتَّسَعَتْ مَعْرِفَتُهُمَا بِمَا حَوْلَهُمَا وَبَمَا يَحْدُثُ فِي الْعَالم.

 

مَعَ بِدَايَةِ السَّنَةِ الدِّرَاسِيَّةِ سَافَرَتْ عَيُّوشَةُ وَمَعَهَا الْفَتَى حَسَنٌ إِلَى مَدِينَةٍ تَقْرُبُ مِنْ قَرْيَتِهِم، وَهُنَاكَ تَمَّ تَسْجِيلُهُ كَتِلْمِيذٍ فِي الْإِعْدَادِيّ، فَاسْتَأْجَرَتْ لَهُ مَسْكَنًا يَسْتَقِرُّ فِيه، وَوَفَّرَتْ لَهُ كُلَّ الْحَاجِيَّات. كَمَا زَوَّدَتْهُ بِمَالٍ يَكْفِي لِكَيْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِه، ثُمَّ أَوْصَتْهُ بِالْكَدِّ والاِجْتِهَاد.

مَرَّتِ السِّنُونُ سَرِيعًا، فَانْتَقَلَ الْفَتَى حَسَنٌ لِلدِّرَاسَةِ فِي الثَّانَوِي، وَحَصَلَ عَلَى الشَّهَادَةِ الثَّانَوِيَّةِ بِامْتِيَاز، فَالْتَحَقَ بِكُلِّيَّةِ الطِّبّ.

أَمَّا عَيُّوشَةُ فَقَدْ تَطَوَّرَتْ مَدَارِكُهَا مَعَ مَرِّ السِّنِين، بِفَضْلِ مُثَابَرَتِهَا فِي قِرَاءَةِ الْكُتُبِ واسْتِمَاعِهَا إِلَى الْإِذَاعَة.

وَكَانَتْ كُلَّمَا زَارَتِ الْفَتَى حَسَنًا فِي الْمَدِينَةِ تَرَى أَشْيَاءَ لَمْ تَعْهَدْهَا فِي الْقَرْيَة، مِنْ عِمَارَاتٍ شَاهِقَةٍ وبُنُوكٍ وإِدَارَاتٍ عُمُومِيَّة، فَزَادَ ذَلِكَ مِنِ اتِّسَاعِ مَدَارِكِهَا.

 

كَمَا لَمْ تَكَلَّ مِنَ الْعَمَلِ فِي الْحَقْلِ وتَرْبِيَّةِ الْحَيَوَانَات، لَكِنَّهَا ظَلَّتْ كُلَّمَا ذَهَبَتْ إِلَى سُوقِ الْقَرْيَةِ تَسْمَعُ السُّكَّانَ يَشْتَكُونَ مِنْ نَقْصِ مُسْتَلْزَماتِ الْعَيْشِ الْكَرِيم، وَفَشَلِ كُلِّ الْحِوَاراتِ مَعَ الْمَعْطَاوِي رَئِيسِ الْجَمَاعَةِ الْقَرَوِيَّة، الَّذِي كَانَ يَتَذَرَّعُ دَائِمًا بِضَعْفِ الْمِيزَانية.

عِنْدَمَا عَادَ الشَّابُّ حَسَنٌ مِنْ عُطْلَتِهِ الدِّراسِيَّةِ فِي كُلِّيَّةِ الطِّبّ، وَجَدَ خَالَتَهُ عَيُّوشَةَ مَشْغُولَةَ الْفِكْرِ بِأَحْوَالِ السُّكَانِ وَحَاجَتِهِمْ إِلَى الْمَدَارِسِ وَالطُّرُقِ الْمُعَبَّدَةِ وَالْمُسْتَشْفَى والْكَهْرَبَاء.

 

قَالَ لَهَا:

«يَا خَالَتِي عَيُّوشَة، لَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ حَلٍّ سِوَى أَنْ نَنْتَظِرَ مَوْعِدَ الاِنْتِخَابَات، لِكَيْ يُزِيحَ السُّكَّانُ الْمَعْطَاوِي ويَمْنَحُوا أَصْوَاتَهُمْ لِرَئِيسٍ جَدِيدٍ لِلْجَمَاعَةِ الْقَرَوِيَّة، تَكُونُ لَهُ مَشَارِيعُ لِخِدْمَةِ الصَّالِحِ الْعَام، ودِرَايَةٌ بِتَسْيِيرِ الشُّـئونِ، وَحِرْصٌ عَلَى مَصَالِحِ الآخَرِينَ».

أُعْجِبَتْ عَيُّوشَةُ بِمَا قَالَهُ الشَّابُّ حَسَن، وَشَرَحَ لَهَا مَا تَعْنِيهِ الاِنْتِخَابَاتُ مِنْ تَمْثيلٍ لِلسُّكَانِ لَدَى السُلُطَات، بِهَدَفِ رَفْعِ حَاجِيَّاتِ الْمُوَاطِنِينَ إِلَى الدَّوَائِرِ الْعُلْيا.

 

تَرَشَّحَتْ عَيُّوشَةُ لِلانْتِخَابَاتِ، وَكَانَ مُدِيرُ حَمْلَتِهَا الاِنْتِخَابِيَّةِ هُو الشَّابُّ حَسَن، وَلَمَّا فَازَتْ وَحَصَلَتْ عَلَى أَعْلَى الْأَصْوَاتِ، فَقَدْ أَصْبَحَتْ رَئِيسًا لِلْمَجْلِسِ الْقَرَوِي، وَبَدَأَتْ فِي تَنْفِيذِ وُعُودِهَا للسُّكَان، فَاتَّصَلَتْ بِالدَّوَائِرِ الرَّسْمِيَّة، وَتَلَقَّتْ أَجْوِبَةً تُبَشِّرُ بِالْخَيْر.

ثُمَّ شُرِعَ فِي بِنَاءِ الْمَدَارِسِ وَمُسْتَشْفًى يَضُمُّ قِسْمًا لِلْوِلاَدَة، وَمَدِّ الطُّرُقِ وَشَبَكَةِ الْكَهْرَبَاء، فَانْتَشَرَتْ هَوَائِيَّاتُ التِّلِفِزْيُونِ عَلَى سُطُوحِ الْمَنَازِل، وَكُلُّ ذّلِكَ جَعَلَ السُّكَّانَ يَخْرُجُونَ مِنْ عُزْلَتِهِمْ وَيَتَفَاعَلُونَ مَعَ الْعَالَمِ الْخَارِجِي.

فَرِحَتْ عَيُّوشَةُ بِالْمُنْجَزَاتِ الَّتِي تَحَقَّقَتْ لِلسُّكَان، كَمَا فَرِحَتْ بِكَوْنِ الشَّابِّ حَسَنٍ عَلَى وَشْكِ أَنْ يَتَخَرَّجَ طَبِيبًا.

مَعَ ذّلِكَ الْفَرَحِ فَقَدْ كَانَ يَنْتَابُهَا حُزْنٌ دَفِينٌ عِنْدَمَا تَتَذَكَّرُ زَوْجَهَا حَمُّودَة، فَكَانَتْ تَنْتَظِرُ صَبَاحَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِتَزُورَ قَبْرَهُ فَتَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَبْكِي لِفُقْدَانِه.

وَكَانَتْ عَيُّوشَةُ تَشْرُدُ لِبَعْضِ الْوَقْت، فَتَتَذَكَّرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ فَتَاةً فِي عَامِهَا السَّادِسِ عَشَرَ، فَجَاءَ حَمُّودَةُ لِيَخْطُبَهَا مِنْ وَالِدِهَا، وَحَفْلَ الْعُرْسِ وَزِفَافَهَا إِلَى بَيْتِ حَمُّودَةَ الَّذِي كَانَ قَدْ بَنَاهُ عِنْدَ سَفْحِ الْجَبَلِ مِنَ الطُّوبِ الْأَصْفَر.

 

كَثُرَتْ أَعْبَاءُ عَيُّوشَة، فَكَلَّفَتْ مَنْ يَعْتَنِي بِحَقْلِهَا وَحَظِيرَةِ حَيَوَانَاتِهَا، فَتَفَرَّغَتْ لاِجْتِمَاعَاتِ الْمَجْلِسِ الْقَرَوِي، وإِرْسَالِ الْمُرَاسَلاَتِ إِلَى الْجِهَاتِ الْمُخْتَصَّة، وتَصْمِيمِ الْمَشَارِيعِ وَإِنْجَازِهَا.

نَجَحَ الشَّابُّ حَسَنٌ فِي مُنَاقَشَةِ رِسَالَتِهِ الَّتِي نَاقَشَتْهَا هَيْئَةٌ مِنْ أَسَاتِذَةِ كُلِّيَّةِ الطِّبِّ وَنَوَّهُوا بِهَا. وَلَمَّا اتَّصَلَ بِخَالَتِهِ عَيُّوشَةَ وَأَخْبَرَهَا بِنَجَاحِهِ فَرِحَتْ فَرَحًا شَدِيدًا، وَزَادَ فَرَحُهَا عِنْدَمَا أَخْبَرَهَا بِأَنَّهُ عُيِّنَ طَبِيبًا فِي مُسْتَشْفَى الْقَرْيَة.

وخِلَالَ زِيَارَتِهِ جَاءَ بِرُفْقَةِ شَابَّةٍ اِسْمُهَا مَرْيَم، فَقَدَّمَهَا لِخَالَتِهِ عَيُّوشَة، وأخْبَرَهَا بِأَنَّ رَفِيقَتَهُ مَرْيَمَ قَدْ تَخَرَّجَتْ صَيْدَلاَنِيَّةً وَتُرِيدُ أَنْ تَفْتَحَ صَيْدَلِيَّتَهَا فِالْقَرْيَة، فَبَارَكَتْ لَهَا ذَلِك.

 

سَرْعَانَ مَا ذَهَبَتْ عَيُّوشَةُ مَعَ الدًّكْتُورِ حَسَنٍ ورُفْقَةِ وَالِدَيْهِ إِلَى بَيْتِ الْآنِسَةِ مَرْيَمَ فِي الْمَدِينَة فَقَامُوا بِوَاجِبَاتِ الْخِطْبَة.

وَمَا هِيَ إِلاَّ فَتْرَةٌ وَجِيزَةٌ حَتَّى أُقِيمَ لَهُمَا عُرْسٌ فِي الْمَدِينَةِ وَعُرْسٌ آخَرُ فِي الْقَرْيَة تَكَفَّلَتْ بِهِ عَيُّوشَةُ وَدَعَتْ إِلَيْهِ أُسْرَةَ الْعَرُوسِ وَأَعْضَاءَ الْمَجْلِسِ الْقَرَوِيِّ وَكُلَّ الْأُطُرِ الْعَامِلَةِ فِي الْمَصَالِح وبَعْضَ السُّكَّان، كَمَا وَزَّعَتِ الطَّعَامَ عَلَى بُيُوتِ الْفُقَرَاء. وَلَمَّا كَانَ بَيْتُهَا لاَ يَتَّسِعُ لِلْحَفْلِ فَقَدْ نَصَبَتْ بِجِوَارِهِ خَيْمَةً كَبِيرَةً لِكَيْ تَسْتَقْبِلَ فِيهَا الْمَدْعُوِّين.

فِي خِتَامِ ذَلِكَ الاِحْتِفَالِ بِالْعُرْسِ تَمَنَّتْ عَيُّوشَةُ لِلْعَرُوسَيْنِ السَّعَادَة، وَأَنْ يَرْزُقَهُمَا اللهُ مِنَ الْبَنَاتِ والْبَنِينَ مَا تَقِرُّ بِهِ أَعْيُنُهُمَا. فَقَبَّلَا جَبِينَهَا وَدَعَوَا لَهَا بِالصِّحَّةِ وَطُولِ الْعُمْر، وأَنْ تُتَوِّجَ عُمْرَهَا بِالْحَجِّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَام.

 

وَجَدَتْ عَيُّوشَةُ فِي دَعْوَى الْعَرُوسَيْنِ مَا جَعَلَهَا تُفَكِّرُ فِي الْحَجِّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَام، وَشَغَلَهَا الْأَمْر، فَأَخَذَتْ تَحْلُمُ بِنَفْسِهَا وَقَدْ أَتَاهَا طَائِرٌ أَخْضَر، ضَخْمُ الْجُثَّة، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ تَرْكَبَ ظَهْرَهُ، لِيَطِيرَ بِهَا وَهُوَ يُحَلِّقُ فَوْقَ الْجِبَالِ والْبِحَارِ وَالصَّحَارَى، إِلَى أَنْ يَضَعَهَا فِي بَيْتِ اللهِ الْحَرَام.

قَصَّتْ عَيُّوشَةُ رُؤْيَاهَا عَلَى الدُّكْتُورِ حَسَنٍ وَزَوْجَتِهِ مَرْيَمَ، فَفَهِمَا شَوْقَهَا إِلَى أَدَاءِ مَنَاسِكِ الْحَج، وَطَلَبَا مِنْهَا أَنْ تَصْبِرَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى حِينِ أَنْ يأْتِيَ مَوْسِمُ الْحَجّ.

 

خِلَالَ ذلِكَ ظَهَرَتْ عَلاَمَاتُ الْحَمْلِ عَلَى مَرْيَم، فَاسْتَبْشَرَتْ عَيُّوشَةُ خَيْرًا، وتَمَنَّتْ أَنْ يَطُولَ بِهَا الْعُمْرُ حَتَّى تَرَى الْوَلِيدَ فَتَفْرَحُ بِه.

وَجَاءَ مَوْسِمُ الْحَجِّ فَقَامَ الدُّكْتُورُ حَسَنٌ بِكُلِّ الْوَاجِبَاتِ وَأَرْسَلَ خَالَتَهُ عَيُّوشَةَ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَام، فَسَجَدَتْ لِلهِ وَشَكَرَتْهُ عَلَى نِعَمِهِ وعَلَى مَا يَبْتَلِي بِهِ النَّاسَ لِيَمْتَحِنَ صَبْرَهُم. وَدَعَتْ لِحَمُّودَةَ بِالرَّحْمَةِ والْمَغْفِرَة، وَلِحَسَنٍ وَمَرْيَمَ بِدَوَامِ السَّعَادَة، وَدَعَتْ لِنَفْسِهَا بِأَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهَا مِنْ ذَنْبِهَا مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّر.

 

عِنْدَمَا عَادَتْ عَيُّوشَةُ مِنَ الْحَجِّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَام، أَقَامَ لَهَا الدُّكْتُورُ حَسَنٌ وَزَوْجَتُهُ مَرْيَمُ اسْتِقْبَالاً رَائِعًا، وَحَفْلَةً دِينِيَّةً تِلِيَتْ فِيهَا آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مِنَ الذِّكْرِ الْحَكِيمِ وَأَمْدَاحٌ نَبَوِيَّة، لَكِنَّ عَيُّوشَةَ كَانَتْ شَدِيدَةَ التَّعَب، تُتَابِعُ الْحَفْلَ مِن غُرْفَتِهَا.

تَدَهْوَرَتْ صِحَّتُهَا، وَلَمْ تَنْفَعْ مَعَهَا الْعِلاَجَاتُ الَّتِي قَدَّمَهَا لَهَا الدُّكْتُورُ حَسَن.

وَمَا هِيَ إِلاَّ أَيَّامٌ حَتَّى أَحَسَّتْ بِدُنُوٍّ أَجَلِهَا فَأّخَذَتْ تَنْطِقُ بالشَّهَادَتَيْن، ثُمَّ أَسْلَمَتِ الرُّوحَ لِبَارِيهَا، فَعَمِلَ الدُّكْتُورُ حَسَنٌ بِوَصِيَّتِهَا وَدَفَنَهَا فِي قَبْرٍ بِجَوَارِ قَبْرِ زَوْجِهَا حَمُّودَة، وَأَخَذَ كُلَّ صَبَاحِ يَوْمِ جُمُعَةٍ يَتَرَحَّمُ عَلَى قَبْرَيْهِمَا وَيَدْعُو لَهُمَا بِالثَّوَابِ وَالْمَغْفِرَة.