موسوعة الخط العربي

تطوَّّرتْ أشكالُ الحروفِ العربيةِ على مدى سنواتٍ طويلة. البدايةُ كانت مع الحروف الآرامية، ثم النبطية، وبعدها جاءتْ الحروف العربية المبكرة، والتي كُتبت بها قصائد الشاعر امرؤ القيس سنة 328 ميلادية.

وصلَ الخطُّ العربيُّ إلى قبيلةِ قريش قبل مائةِ عام من ظهور الإسلام، وحافظ الإسلام على الحروف العربية لأنها أصبحت حروف لغة القرآن الكريم.

للحروف العربية التي نعرفها اليوم أشكالٌ وأسماء، وطبقا للأرقام نجد: (1) رسمٌ يبين مقاييس حرف الباء في خط الثلث (2) باء مزخرفة (3) باء الخط الكوفي (4) الكوفي القديم (5) الكوفي الزخرفي المستخدم بكتابة القرآن الكريم بالمصحف (6) خط ثلث (7) ريحاني (8) محقق (9) نستعليق أو فارسي (10) ديواني (11) رقعة (12) نسخ (13) مغربي أو أندلسي (14) خط التاج (15) تصميم طباعي جديد.

 

قلم الإجازة

يستخدم الخطاطون أدواتٍ في التعلم، أهمُّها أقلامُ خشب البوص، والحبر، والأوراق. وحين يتعلمون فنون الخط يأخذون شهادة تُسمَّى (إجازة) أي شهادة خطاط.

حروفُ خط الإجازة قديمة مُشتقة من الخط الثلثي والنسخي. يقوم الأستاذ بكتابة الإجازة تحت ما كتبه الطالبُ ذاكرًا اسمه. يمكن الحصول على شهادة مماثلة للمتدربين في مدارس تحسين الخطوط.

 

خط النسخ

سُمِّي بهذا الاسم لأنَّ الخطاطين ينسخون به القرآن الكريم بالمصحف الشريف.

يُستخدم هذا الخط الآن في طباعة الكتب والمجلات وتعليم القراءة والكتابة، وهو أساسٌ لعدة خطوط نشأت منه بعد تحويرها قليلا، مثل الخط الفارسي الذي اخترعه الفُرس خلال العصر العباسي.

إن الحروف العربية لخط النسخ جميلة لا يوجد بينها شيء غير واضح، ولأن الخط الحَسَنَ يزيدُ الحق وضوحًا، استخدم خط النسخ في كتابة الرسائل قديمًا.

 

خط الثلث

لا يُعتبر الخطاط متمكنا إلا إذا أجاد خط الثلث، لأنه أهم خطوط الحرف العربي، وهو يحتاج مهارة كبيرة، وتدريباً طويلاً.

يستخدم الخط الثلث في كتابة العناوين والأسماء، وهو الأكثر استخدامًا في كتابة القرآن الكريم بالمصاحف المعاصرة.

تُستخدم النقطة، (مربع يضعه الخطاط من الحبر بسن قلم البوص)، في قياس مسافات الحروف وارتفاعاتها وما بينها. إن حرف الألف طوله 7 نقاط، واتساع الباء 6 نقاط.

هناك الخط الثلث العادي، والثلث الجَليِّ (الكبير) الذي يكون سُمكُ القلم فيه 1 سنتيمتر أو أكبر.

 

خط الرقعة

من الخطوط التي ابتكرها الأتراك العثمانيون، بعد أن كونوا إمبراطوريتهم الإسلامية.

وضع قواعد خط الرقعة ممتاز بك مستشار السلطان عبد المجيد خان سنة 1280 هجرية، وسُميَ بالرقعة لأنه كان يُكتب به على رقاع (قطع) الجلد وغيره.

حروف خط الرقعة سهلة التعلم، وهي حروف قصيرة، لذلك تُكتبُ بسرعة، ولا تتم إضافة علامات التشكيل إليها، وكذلك ليس هناك مدُّ أفقي بحروفها، وتُكتب الحروف على السطر ما عدا : ج ح خ ع غ م ن، في حالات معينة.

 

الخط الكوفي

كُتِب القرآن الكريم قديمًا بالخط الكوفي، كما استخدم الخطاطون هذه الحروف العربية الكوفية على جدران المساجد. واسمه منسوب لمدينة بناها أمير المؤمنين

عمر بن الخطاب هي مدينة الكوفة، الموجودة بالعراق الآن.

تعددت أنواع الخط الكوفي حتى زادت عن خمسين نوعًا، ومنها المحرر والمشجَّر والمربَّع والمدور والمتداخل.

يستخدمه الفنانون المعاصرون بأشكال هندسية جميلة، لأنه خط سهل في التشكيل والزخرفة.

 

الخط الفارسي

كان الحرف العربي يتشكل حسب الفنانين الذين يكتبونه، وحينما استخدم الفرس الحروف العربية في كتابتهم، اخترعوا لها خطاً يسمى النستعليق، وقد عُرف هذا الخط باسم الخط الفارسي.

أصبح الخط الفارسي مستخدما في كافة المطبوعات والمخطوطات، يستخدمه الملوك وعامة الشعب، ومن أفضل الخطاطين المشهورين بكتابته مير علي التبريزي، وعماد الحسني.

والحروف العربية المستخدمة في اللغات الأخرى، كاللغة الفارسية في إيران، ولغة الأردو في باكستان، تستخدم الخط الفارسي، نظرا لوضوحها، وهي حروف بها مد كبير.

 

قلم المحقق والريحان

معنى "الخط المحقق" أي الذي تحقق قراءته، فلا يوجد به لبسٌ ولا اشتباه. وقد كتبت المصاحف في العصر المملوكي بهذا الخط. وهو خط مهجور ترك مكانه بعد شيوع الخط الثلثي.

تميل حروف الخط المحقق إلى التمديد، بينما تميل حروف خط الثلث إلى التقوير والانثناء.

ويُنسب الخط الريحاني إلى خط المحقق، وهو نوعُ منه أبسط وأكثر وضوحًا.

 

الطغراء

نشأ خط الطغراء من تواقيع السلاطين العثمانيين، فقد كان هذا الخط شعارًا للفرمانات (القرارات) التي يصدرونها. ويقولون إن شكل الطغراء يشبه طائر السعد الأسطوري. وقد تشبه لوحات خط الطغراء عمامة السلاطين.

في العملات المعدنية التي صكت (ضُربت، صنعت) في أيام العثمانيين، سواء في القسطنطينية أو في مصر، كان اسم السلاطين يطبع بخط الطغراء على وجه العُملات.

الخط كثيرُ الزخارف، ويفسر بعض المؤرخين شكل البيضتين في أسفل تصميمه بأنهما البحرين اللذين حكمهما العثمانين؛ أي البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأسود. يندر اليوم استخدام خط الطغراء في الكتابة، لكنه يستخدم في التصميمات لشكله الجمالي.

 

الخط المغربي

من الخط الكوفي القديم، الذي انتشر في الأندلس، اشتق الخطاطون المغاربة خطا مختلفا وجميلا، بعد أن أصبحت زواياه أكثر نعومة، وسلاسة، وحرية.

ومن الخطاطين الجدد الفنان القندوسي الذي عاش في القرن التاسع عشر، ورسم الحروف العربية بالخط المغربي الذي يتنوع بين النحافة والسُّمْك، كما في لفظ الجلالة (الله) واسم رسوله صلى الله عليه وسلم (محمد) في هذه الصفحة.

كما يُكتب القرآن الكريم الذي يوزَّع على تلاميذ المدارس الحكومية بالخط المغربي، وفي الصفحة المقابلة صفحة من القرآن الكريم بهذا الخط.

 

الخط الديواني وجلي الديواني

حين انتقلت الخلافة الإسلامية من العرب إلى السلاطين العثمانيين الأتراك، تم نقل العديد من الفنانين العرب، وخصوصا الخطاطين المصريين، إلى عاصمة الخلافة الإسلامية الجديدة، التي اهتم سلاطينها بالخط، ومنحوا الجوائز الكبيرة للخطاطين.

ازدهر الخط العربي، بعد أن أضاف إليه الفنانون أنواعًا جديدة مثل الديواني (العادي) وجلي الديواني (المزخرف)، نسبة إلى ديوان السلطان، وكانت لهما حروف خاصة واستخدما في كتابة قرارات منح التكريمات والنياشين للفرسان والمكرمين.

حروف الخط الديواني المستديرة والمتداخلة تؤثر على سهولة القراءة، فيصعب أحيانا التمييز بين الألف واللام في بداية الكلمة، وأحيانا تربط الحروف المنفصلة مثل الراء والواو والألف والدال بالحروف التي تأتي بعدها.

 

الزرافة والفيل للفنان حسن موسى

اليوم يستطيع الفنانون إضافة خطوط خاصة بهم، يرسمون بها الحيوانات والطيور والأشجار والزهور، وكذلك يحركونها حتى تتحدث وتعبر عن معاني القصائد.

 

خاتمة

هناك خطوط أكثر مما ذكرنا، مثل خط التعليق والتستعليق، اللذين يستخدمان في كتابة خطوط اللغة الفارسية. وفي الفارسية خطوط كثيرة مثل الشكستة، وسياه مشق. ومن بين الخطوط الخاصة خط التاج الذي اخترع قبل 75 عامًا في مصر لرسم بطاقات الدعوات الملكية.

 يجب أن أشير إلى أسماء الفنانين المعاصرين المنشورة لوحاتهم في هذه الموسوعة، وهم أنور الحلواني، وسيد إبراهيم، وحسن موسى، والقندوسي، ومحيي الدين اللباد، ومنير الشعراني، ونهادوف، وهاني. أما الفنانون القدامى فيستحقون موسوعة خاصة، ومنهم ياقوت المستعصمي الذي يوجد على غلاف هذه الموسوعة، وكان له فضل كبير في تحويل الخط إلى فن من فنون الإسلام الأصيلة، منذ نشأته في قصر الخليفة العباسي المستعصم بالله، حتى عمله خازنا بدار الكتب في المدرسة المستنصرية ببغداد.

ظهرت قبل ياقوت المستعصمي 6 أنواع من الأقلام (الخطوط)، هي: الثُّلث، والنَّسْخ، والمحقق، والرِّيحاني، والتواقيع (الإمضاءات)، والرِّقاع. وقد طوَّر ياقوت هذه الخطوط، واستخدم لكتابتها الطريقة المائلة للقلم، فأضفى على الخطوط جمالا، وظل يكتب حتى وفاته في بغداد سنة 698 هجرية (1298 ميلادية).