حكايات عربية

الطريقُ إلى الجنةِ

يُحْكَى أنَّ سيدةً غنيةً حلمتْ ذات ليلةٍ بأنها ذهبتْ إلى الجنّة.

ووقفتْ أمام قصرٍ جميلٍ، وسألتْ: بيتُ مَنْ هَذَا؟!

فأجابَ أحدُ الملائكةِ: إنّه بيتُ البستانيِّ الذي كان يعملُ عندك.

صاحت السيِّدةُ: كيفَ ذلك؟! لقد كانَ رجلًا فقيرًا!!

وسَار الملاكُ مع السيدةِ إلى أنْ وصلا إلى بيتٍ صغيرٍ بسيطٍ، فسألت الملاك: ومَن الذي يمكنُ أَن يسكنَ في هذه العُشَّة الصغيرةِ؟

أجابَ الملاك: هذا بيتُك، إنّ المنازلَ هنا لا تُقام طبقًا للثروةِ أو الجاهِ، إنّما طبقًا لعملٍ فيه حبٌّ وخيرٌ وحقٌّ.

 

الخطر أسرع مما تتوقع

خَرَج أميرُ ومعه رَجُلٌ مشهورٌ بالذَّكَاء.

وبينما هما على الغداءِ، توقَّف الرجلُ فجأةً عن تناولِ الطعامِ وقالَ للأميرِ: «اركبْ فَرَسك وخُذْ سلاحَكَ فقد لَحِقَ بنا العدو».

قالَ الأميرُ: «كيف تقولُ هذا ونحن لا نرى أحدًا؟».

قال الرجلُ: «اركبْ بسرعة فإنَّ الأمرَ لا يَحتمل انتظارًا».

فما إن ركبَ الأميرُ وابتعدَ حتى ظهرَ غبارٌ يقتربُ وظَهر فرسانُ العدوّ فوق خيولِهم.

قالَ الرجلُ: «اعتادت الحيوانَاتُ البريةُ التي تعيشُ هنا أن تهربَ من الإنسانِ، ولما رأيتُها مقبلةً حولَنا، علمتُ أنّها لم تتركْ أرضَها إلا لأمرٍ قد دهَمَها وفوجئتُ بِهِ، فعرفتُ أنهُ جيشٌ أقبل يُغير علينا».

 

مَنْ حفرَ البئر؟

حفرَ أحدُهم بئرًا بجوار طريقٍ في منطقةٍ صحراويةٍ، وعندما صارَ المسافرونَ يَمرونَ بِهَا، وَقَدْ اشتدَّ بهم العطشُ أصبَحوا يشربونَ ويرتوونَ بَعد أنْ كانوا لا يَجِدونَ في ذلك المكانِ قطرةَ ماءٍ ترطِّبُ شفَاهَهمْ.

وأصبح الناسُ يمتدحونَ الرجلَ وبئرَهُ، ويقولون: هذه البئرُ نافعةٌ جدًا، وقد حَفَرها صاحبُها في مكانٍ مناسبٍ تمامًا. يَاله من رجلٍ يستحقُّ كلَّ تقديرٍ.

وذاتَ ليلةٍ مرَّ بها رجلٌ لم ينتبه إلى وجودِهَا فوقَعَ فيها وماتَ، فقالَ الناسُ إن الذي حفرَ البئرَ هنا رجلٌ قليلُ العقلِ، وكان يجبُ عليهِ أنْ يختارَ مكانًا آخر لحفرِها!

 

يعضُّ أُذن نفسه!

ذَهَبَ متخاصمان إلى «جحا» في بيتِهِ، فقالَ أحدُهما يشكو الآخر: لقد عضَّ هذا الرجل أذُنُي!

وصاحَ الآخرُ مدافعًا عن نَفْسِهِ: بَل عضَّ هو أُذْنَ نفسِهِ!

فَقال جحا: انتظرا حتَّى أعودَ إليكما.

ودخل غرفةً أخرى من البيتِ، وأرَاد أن يجرِّبَ هل يستطيعُ الإنْسانُ أن يعضَّ أذنَ نَفْسِه أم لا، فبدأ يشدُّ أذنه ناحيةَ فمِهِ، ويعوجَ فمَه إلى ناحيةِ أذنه.

وبينما هو في تجاربِهِ الغريبةِ هذه، عثرتْ قدمُه بأحدِ مقاعدِ الغرفةِ فوقعَ على الأرضِ بشدّة، وأصابَه جُرحٌ في رأسِه.

عندئذٍ عاد إلى المُتخَاصِمينْ، وهو يمنعُ بيدِه اندفاعَ الدماءِ من جُرْح رأسِهِ وقَالَ لهُما: لا يَستطيع أَحد أن يعضَّ أذنَ نَفسِه، لكنَّ من السهلِ جدًا أن يكسرَ رأسَ نفسِه، بل وظهرَ نفسه!

 

الصديقُ المزيفُ

يُروىَ أن صديقين سَافرَا معًا لأوَّل مرةٍ، فقال أحدُهما للآخر: أرى كائنًا غريبًا قادمًا نحونا.

فقالَ الآخرُ: إنَّّه دُبٌّ! وبمجرد أن عَرف الأوَّلُ أن القادمَ نحوهما دُبٌّ، جرى نحو شجرةٍ قريبةٍ ليتسلّقَها.

أما صديقُه فقد قَرّرَ أن يتصرفَ حَسبِ خبرتِهِ بالدبِّ، فتمددَ على الأرضِ وحبسَ أنفاسَه. اقترَبَ الدبُّ من الرجلِ، وأخَذَ يشمّه، ثم قالَ في نفسِهِ: يبدو أنَّه ميتٌ!

ولما ابتعدَ الدبُّ، فتح الرجل عينه، وقال: كنتُ أعرفُ أن الدبَّ لا يمسُّ الميتَ.

ولما اختفى الدبُّ عن الأنظارِ نزل الأوَّل من فوق الشجرةِ، وقال لصديقِهِ: لقد رأيتُ الدبَّ يهمسُ في أذنِكَ، فماذَا قال لك؟!

أجابَه الصديقُ: قال لي الدبُّ إياكَ أن تُسافرَ مع صديقٍ يتركُك عند ظهورِ بوادرِ خطرٍ!

 

القرنُ يَتكلَّمُ

خَرَجَ الرَّاعي الصغيرُ مع قطيعِ الماعزِ ليَرعاه، فَشَرَدتْ ماعزةٌ عن القطيعِ، فأخذَ الراعي ينادي ويصفِّر لها، لكنَّ الماعزةَ الشاردةَ لم ترجعْ.

اغتاظَ الرَّاعي وَرَماها بحجْرٍ، فكَسَر قَرْنهَا.

عندئذٍ خافَ مِن عقابِ صاحب القطيعِ، فأخذَ يرجو الماعزةَ ألا تُخبرَ سيِّدهُ بذلك.

فأجابته الماعزةُ: أيُّها الأحمق، إن سكتُّ أنا تكلَّم القرنُ!

فلا تُحَاولْ أَنْ تَخْفي ما لا يُمْكنُ إخفاؤه!

 

السؤالُ المحيِّر

ذاتَ يومٍ سمع رَجلٌ أنّ جُحا يُشْتَهرَ بالكَرمِ والحِكمةِ، فتركَ بلدته، وبدأَ في سفرٍ طويلٍ ليقابِلَه.

وعندما وَصَل إلى جُحا قالَ له: أرجو أن تُجِيبَني عن سؤالٍ احترتُ طويلًا في الإجابة عنهُ!

قال جُحَا: ما الَّذي تَسْألُ عنه؟

قالَ الرجلُ: مَا هِي الأشياء التي يَجبُ أن يتذكرَّها الإنسانُ؟ ومَا هِي الأشياءُ التي يَجبُ أن يَنساهَا؟

اسْتغرقَ جُحا لحظةً في التفكيرِ، ثم أجابَ: إذا قدَّم أحدهُم خِدمَةً لكَ، فيجب أن تَتذكّرَها دائمًا، أما إذا قدَّمتَ أنتَ خِدمَةً لأحدٍ فيجبُ أن تَنسى هذَا في الحالِ!

 

الطَّابِقُ العِلْويّ

اجْتمعَ جمهورٌ كبيرٌ ليُشَاهِدوا لاعبًا مَشْهورًا من لاعبي السِيركِ، الذي أعلَنَ أنّه سيتسلَّقُ الجدارَ الخارجي لأحدِ المباني العاليةِ.

وبَدَأ الرَّجلُ يتسلَّقُ الجدارَ بسرعةٍ، وكان يَتَشبَّثُ في كلِّ مرة ٍبنافذةٍ أو زخرفةٍ بارزةٍ، واستمرَّ يصعدُ وهو يتغلبُ على كلِّ الصعوباتِ.

واقتربَ أخيرًا من الطابقِ العلوي، وأخذَ يتحسَّسُ بيدِه شيئًا يُمكن أنْ يمسِكَ بِهِ أو يتحملَ ِثقَل جسمِهِ.

وأخيرًا رأى أمَامه شيئًا داكنَ اللونِ، لكنَّ يدَهُ لم تستطع ْالوصولَ إليهِ، فقفزَ واحدةً من قفزاتِهِ الرائعةِ ليمسك بالشيء الذي ظنَّهُ حجرًا.

وفجأةً أصابَ الجمهورَ الفزعُ، فقد سقطَ اللاعبُ على الأرضِ وقد أمسكَ في يده خيوطَ عَنْكبوت!

 

انْفَجار البالون

حَصًل تلميذُ على أَعْلَى الدرجاتِ في صفِّه ففرحَ كثيرًا، ولكنَّ الغرورَ ملأ قلبَه، مما جَعلَ زملاءَه يَبْتعدونَ عنه.

وعندما عَلِمَ أبوه بالقصّةِ دَعاه إليهِ، وأحضر بالونًا، وأخذ ينفخُ فيه حتَّى صارَ كبيرًا.

وخافَ الابنُ عندما رأى البالونَ يزدادُ حجمًا، فأبعدَ رأسهُ خوفًا من انفجارِه.

فسأله أبوه: لماذا تَبْتَعدُ عن البالون؟

فأجابَ الصبيُّ: حتى لا ينفجرَ في وجهي.

فقالَ الأبُ: لهذا السبَبِ ابتعدَ عنكَ أصدقاؤُك وزملاؤك.

وعرف الصبيُّ السببَ في ابتعادِ أصدقائِهِ عنه، وتعلَّم ألا يَتَعالى أو يَتكبَّر على أحدٍ.

 

النَّمْلَةُ الْحَكِيمَة

سَألَ أحدُ الحكماءِ نَمْلةً: كَمْ تأكُلِين في السنة؟

قالت النملةُ: ثلاثَ حبَّات.

وأخذَ الحكيمُ النملةَ، ووضعها في عُلْبةٍ ووضعَ لها ثلاث حَبَّاتٍ، ثم بعد سنة نظر إليها فوجدها قد أكلتْ حبَّةً ونصفَ الحبَّة!

فقالَ لها: لقد مرَّت سنةٌ ولم تأكلي سوى حَبَّةٍ ونصف الحبَّة فقط!

قالتِ النملَةُ: عندما سجنتني (وأنت ابن آدم) خَشيتُ أن تنساني فأموتُ جُوْعًا. لذلكَ وفَّرتُ قوتَ العامِ الماضي للعامِ الحالي.

 

بطولةُ الغلام الصَّغِير

على سَطحِ إحدى الـمَعدِّيَّات (المراكب) التي تعبرُ نهرًا في إحدى الدول، ورغمَ ازدحام المركبِ بالركابِ، فقد كانَ هُناك غلامٌ صغيرٌ يجلسُ مربعًا في قاع المرْكبِ، والنَّاسُ يتعثرونَ فوقَه، ثُمَّ يعتذَرونَ في كلِّ مرة. وطلب أحد الركاب من الربَّانِ أن يُبعدَ الغلام إلى مكانٍ آخر حتى لا يُؤذيه الرُّكابُ بأقدامِهم.

فقالَ الربَّان في أدبٍ: حَسنًا يا سيدي، ولكنْ يجبُ أن أحذِّركَ من أنَّ الغلامَ إذا نهضَ من مكانِهِ فسوفَ يَغْرِق المركبُ، لأنَّه يجلسُ فوق ثقبٍ في القاعِ، ويسده بجسمِه.

 

الغرابُ يهزمُ الثعبانَ

هَجَم ثعبانٌ كبيرٌ على عُشٌّ فوقَ شجرةٍ واْلتهَمَ بعضًا من صغار الغُراب. احتار الغرابُ، ولم يستطع الوصولَ إلى حيلةٍ للقضاءِ على هذا الثُّعبان الشرِّير، حتى لا يكررَ فعلتَه الشنعاءَ وَيَقْضي عَلى بقيَّةِ الصغارِ. قالَ الغرابُ للثعلبِ: دَبَّرني أيَّها الماكرُ ماذا أفعل؟

قالَ الثعلبُ: انظرْ إلى هذه المرأةِ التي تحملُ مصاغَها في سلّة على رَأسِها. انقَض الآن يا عَزيزي على هذه السلةِ واخطُفْ بعضًا منها وضعها أمام جُحر الثعبان.

وبَعدَ قليلٍ مرَّ أحدُ الرِّجَال وبهرته المصوغاتُ الملقاة بجوار جُحر الثعبان فقال: لكي أحصل عليها يَجبُ أولًا أن أحطِّمَ رأسَ هذا الثعبان، وبَعْدَ أَنْ مات الثعبانُ، ضحكَ الغرابُ، وقال: لقد نجحت الحيلةُ وأسرع بخطفِ المصوغاتِ مرةً أخرى ليعيدها إلى سلة المرأة.

 

أَنْقِذني أَوَّلًا

يُحكى أَنَّ صبيًا كانَ يَستحمُّ في نهرٍ، فجرفَه التيارُ إلى مكانٍ عميقٍ ولم يستطع الصبيَّ أَنْ يُغالبَ الماءَ، فبدأَ يصيحُ طالبًا النجدةَ وشاهدَهُ رجلٌ كان يسيرُ على شاطئِ النَّهْرِ، فصاحَ الرجلُ: أيها الصبي الأحمقُ، ما كانَ يجبُ أن تنزلَ إلى النَّهْرِ في هذا المكانِ، لقد حَذَّرْنَاكَ مراتٍ كثيرةً من خطورةِ ما تفعل، لابدَّ أن تُعاقبكَ أمُّكَ عِقَابًا شديدًا.

صاحَ الصبيُّ، وهو يُحاولُ أن يحتفظَ برأسه فوقَ الماء: أرجوك، أنقذني أولًا قبل أن أَغرقَ، حتى أستطيعَ أن أستمعَ في ما بعد إلى كلِّ نصائحك!

 

إن شاء الله

خرجَ جُحَا إلى السوقِ ليشتريَ حِمَارًا، فقابلهُ صديقٌ له فسأله: إلى أين أنتَ ذاهبٌ يا جُحا؟

أجابَ جُحَا: إلى السوق لأشتريَ حمارًا.

فقال الصديقِ: قِل إن شَاءَ الله.

قال جحا: ولماذا؟ النقود في جيبي والحمار في السوق.

وبينما جُحا يبحثُ عن حِمارٍ يَشتريه، سرق منه اللُصوصُ ما معه من نقودٍ، فرجعَ مهمومًا، فقابله صديقُه وقال له: ماذا صنعت؟

قالَ جحا: سرقوا النقودَ إنْ شاءَ اللهْ!