الذكاء الاصطناعي وتنبؤات المستقبل

في عالم التحولات المهنية وتغيّر الأولويات، يؤدي التوجيه المهني دورًا رئيسًا في التعريف بالتخصصات الدراسية المستقبلية، وبالرغم من شحّ المعلومات في المصادر العربية، فإن من التخصصات الحديثة المطروحة التي سيكون لها شأن عظيم، تخصص الذكاء الاصطناعي - تصنيع الروبوتات، وبالرغم من أنه غير متوافر الآن كتخصص مستقل، فهو يعتبر من فروع علم الحاسوب.

يمكن دراسة التخصصات التي لها علاقة مباشرة بهذا التخصص، مثل علوم الحاسوب ولغات البرمجة، والرياضيات والإحصاء، والعلوم كالفيزياء، والهندسة بفروعها، وأيضًا العلوم المعرفية كالفلسفة وعلم النفس، فوفق معلومات متضمنة في مقال نشر على موقع «فرصة» بعنوان: «ما هي تخصصات المستقبل، وكيف أختار تخصصي؟» فإن بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى دراسة متعمقة لعقل الإنسان ومهارات التواصل والإدراك والمشاعر. وبالإمكان التعمق في التخصص من خلال الالتحاق بالدورات التدريبية.
ووفق «ويكيبيديا»، يعرّف الروبوت أو الروبوط، أو الإنسان الآلي بأنه آلة ميكانيكية قادرة على القيام بأعمال مبرمجة سلفًا، إما بإيعاز وسيطرة مباشرة من الإنسان، أو بإيعاز من برامج حاسوبية، غالبًا ما تكون الأعمال التي تبرمج على أدائها أعمالاً شاقة أو خطيرة أو دقيقة.
وما بين مصدّق لهذه التطورات التكنولوجية وقدرة هذه الآلات، وبين متشكك في مدى تأثيرها، لابد من توضيح بعض المهام التي يستطيع الروبوت القيام بها، وفق ما نشر في جريدة صدى الوطن العربية الأمريكية، ومجلة الإعمار والاقتصاد اللبنانية في أعداد عدة منهما، أورد بعضًا من المعلومات المتضمنة فيها في هذا المجال:
- تحت عنوان «بطة روبوتية... أمل الأطفال المصابين بالسرطان»، يشير المقال إلى أن الباحثين طوّروا بطة روبوتية اجتماعية قد تصبح قريبًا لاعبة أساسية في عالم الأطفال الذين يعانون السرطان، حيث تساعدهم على التعامل بشكل خلّاق مع مرضهم من خلال قوة اللعب، فيمكن للبطة الروبوت إطلاق أصوات الغابات المطيرة، والإيقاعات المساعدة على تهدئة الحالة، كما يحاكي عمليات الاسترخاء، ويحتوي على أنبوب قابل للحقن والعلاج الكيماوي.

مهام معقّدة
- تحت عنوان «روبوتات يمكنها التنبؤ بالمستقبل»، ثبت أن الروبوتات قادرة على أداء المهام المعقدة، مثلًا تخطي العقبات، ودفع الأشياء الموضوعة على الطاولة، ثم اختبار الاقتراحات التي من شأنها نقل كائن محدد إلى الموقع المطلوب.
- وتحت عنوان «روبوت صالح للأكل»، فإن روبوتات صالحة للأكل مصممة من المطاط القابل للهضم قادرة على الزحف إلى الأمعاء ونقل الدواء إلى داخل جسد الإنسان، ونقل الأغذية باعتبارها الغذاء في حد ذاته، وتستخدم هذه الروبوتات التفاعلات الكيميائية كوقود للعمل داخل الجسم.
- وتحت عنوان «روبوت ثعبان، ينزلق عبر الفم لإجراء عمليات جراحية»، طور باحثون روبوتًا مرنًا «Flex» على شكل ثعبان ينزلق عبر الفم لإجراء عمليات جراحية من خلال الفم إلى أسفل الحلق وإلى مناطق مختلفة في الجسم، مما يجنب الأطباء عناء العمليات الجراحية، بواسطة قدرة الروبوت على الانزلاق إلى الأماكن التي يصعب الوصول إليها، وتحديد مناطق العمليات الجراحية والعقبات، ويأتي مزودًا بكاميرا عالية الدقة ووحدة تحكّم على شكل عصا.
- أما تحت عنوان «صديق المسنين... روبوت!»، في طوكيو، فيعول صانعو روبوت على روبوت صغير لا يتعدى طوله 20 سنتيمترًا، ويستطيع التعرف على ملامح الوجوه البشرية، كما يزود بكاميرات في واجهته، تساعده في قراءة عواطف الإنسان، ويحاول جاهدًا أن يجعل الإنسان سعيدًا، وقد بُرمج ليتحدث 17 لغة مختلفة، ويستطيع هذا الروبوت أن يكون صديقًا للمسنّين ويرعاهم، كما يستطيع طلب المساعدة في حال الطوارئ.

روبوت على الطائرة
- تحت عنوان «روبوت يحجز تذكرة ويسافر على متن طائرة» في لوس أنجلس، سافر روبوت مرتديًا حذاء رياضيًا أطلق عليه «أثينا»، على متن رحلة جوية متجهًا إلى ألمانيا، ليصبح أول إنسان آلي يسافر بتذكرة مدفوعة على طائرة، مما يمكّن الروبوت مستقبلاً من القيام بمهمات خطيرة جدًا على الإنسان، مثل أعمال تطهير عقب كارثة، وفتح الأبواب.
- وتحت عنوان: «الروبوتات المقاتلة - كيف سيغيّر الذكاء الاصطناعي طبيعة الحروب القادمة؟» كتب د. تسي إكس، المشارك في جامعة الدفاع الوطني الأمريكي، كيف أن الروبوتات ستغيّر ملامح المعارك الحديثة، ومنها «الدرونز»، وهي عبارة عن طائرات من دون طيار، حيث ستؤدي هذه الروبوتات، التي ساعدت الطابعة الثلاثية الأبعاد على إنتاجها بأعداد هائلة، إلى تغيّر الطريقة التي ستحارب بها الدول برًّا وبحرًا وجوًّا، وتغيّر الاستراتيجيات العسكرية لحماية المجتمعات، وبإمكان مصنع صغير يضم ما لا يزيد على مئة طابعة ثلاثية الأبعاد أن يطبع وينتج 10 آلاف «درونز» يوميًا، مما يثير التساؤل حول كيفية حماية الدول لمجتمعاتها من مخاطر «الدرونز»، وكيفية التغلب عليها، وعلى الجيوش إجراء التجارب والمحاكاة لفهم تأثيرها على الحروب الحديثة. 
في هذه اللحظة هناك عمال في ميشيغن الأمريكية، يقومون بطلاء المركبات وتجميعها، وتعبئة المنتجات وتغليفها، ومهمات عدة أخرى، هم لا يحتاجون إلى أخذ فترات للراحة أو لتناول الطعام، ولا يحتاجون إلى إجازات مرضية، إنها الروبوتات، ووفق دراسة معنونة بـ «منطقة ديترويت في طليعة استخدام الروبوتات الصناعية»، أظهرت النتائج أن ميشيغن فيها 128 ألف روبوت صناعي، أي ما يوازي 12 في المئة من الروبوتات في عموم الولايات المتحدة.

جهد غير كافٍ
مع كل هذا التقدم العلمي النظري والتطبيقي في مجال تصنيع الروبوتات والآليات الذكية في الدول المتقدمة، ما زالت منطقتنا تسير ببطء شديد واستعداد ضعيف؛ فهناك قلّة في الدراسات العلمية والتطبيقات العملية في هذا المجال، باستثناء جهود فردية لأفراد ومؤسسات ومدارس أخذت على عاتقها مواكبة التطور التقني، لكنها جهود غير كافية لمواكبة هذا التطور الهائل والسريع والشامل، الذي لن ينتظرنا لنواكبه، بل سيغزو عالمنا شئنا أم أبينا. 
ومن المتوقع أنه بحلول عام 2030 أن تلغي الروبوتات 800 مليون وظيفة في العالم، مما قد يساهم، وفق دراسات، في زيادة نسب البطالة، وهو ما يستدعي التوجيه المستمر.
ويقدم لنا رجل الأعمال الصيني جاك ما نصائح بالتركيز على نوعية التعليم، حيث نستطيع التنافس مع الآلة التي ستتفوق علينا بالذكاء، وأهم ما يميّز الروبوت المتطور هو القدرة على التعلّم الذاتي والاستنتاج وردّ الفعل على أوضاع لم يُبرمج عليها.
ويتم التنافس من خلال تعزيز المهارات الشخصية والإيمان بالنفس والقيم، والقدرة على التفكير المستقل، وروح الفريق، والاهتمام بالآخر، وممارسة الرسم والرياضة والفن بعمومه. 
وفي ظل انتشار ثقافة النجاحات السريعة، واستعجال النجاح من غير بذل الجهد اللازم، على الشباب إعادة تشكيل القناعات، والبدء بمواجهة مخاوفه الكامنة، والتغلب على الجهل المعرفي التخصصي، والتسلح بالمهارات اللازمة، والبحث والتطوير، والتركيز على الجانب التطبيقي من خلال الدورات التدريبية، وكذلك التقليل من الشكوى والتذمر، ومحاربة التسويف والتشاؤم، فهذا العصر هو عصر المهارات والمبادرة والابتكار، ولا مكان فيه بالقمة للمتكاسلين أو النمطيين.

روبوت صوفيا... الذي يعمل بالذكاء الإصطناعي