أبنائى الأعزاء
سأحكي لكم حكاية فتاة قويّة, وُلدت في 5 فبراير 1931 في دولة الكويت, في أسرة بسيطة, وعاشت سنواتها الأولى حياة هادئة, ولكن عندما بلغت السادسة من عمرها فقدت أباها, فانتقلت مع والدتها للعيش في كنف خالها. وما كادت تعتاد على الحياة الجديدة, حتى أُصيبت بمرض الجدري الذي تسبّب بفقدانها لِحاسّة البصر, وبعد ثلاث سنوات من تعايشها مع هذه التغيّرات الطارئة فقدت أمّها.
ولِأنها قويّة ومحبّة للحياة والعلم فقد أصرّت على الالتحاق بمعهد النور التابع للمعاهد الخاصّة, والتي تُعنى بتعليم ذوي الإعاقة السمعية والبصرية, وهناك حفظت القرآن الكريم, بل وتميّزت بتلاوته الجميلة, حيث كان لديها صوت شجيّ جذب إليها كل من حولها, فلم تكن تشعر بأنها وحيدة, حتى صديقاتها كنّ يستمتعن بغنائها لهن أثناء اللعب والتمرجح, وكان صوتها أيضًا هو صوت الفرح في الأعياد, ولا عجب أن هذا الصوت قادها لِاكتشاف هوايتها المفضّلة, وهي الغناء!.
أبنائي الأعزّاء, الفتاة القويّة هي عائشة المرطة, وهي من رائدات الفنّ الشعبي في دولة الكويت, وقد واجهت عراقيل كثيرة في حياتها, ضمن أسرتها ومجتمعها, والأهم من ذلك, أنها واجهت تحدّي الإعاقة وفقدان البصر, فواصلت عطاءها في الغناء, وكانت أوّل صوت نسائي في الكويت يغنّي برفقة فرقة موسيقية, وبلغت أغانيها كل الدول العربية, وكانت خير من يمثّل الفنّ الشعبي الكويتي.
تغنّت عائشة بِوطنها قائلة: (يا أعلامَ العزّ فوق بلادنا رفرفي خفّاقة بأعيادنا), وتغنّى أهل الكويت بعطائها على مدى عقود. ولِلفنّانة عائشة المرطة سيرة ذاتية غنيّة, تعلّمنا أن نعمل ما نحبّ, ونعطي بِحبّ, لأن الوطن يستحقّ. في 16 يوليو 1978 رحلت عائشة, فأعلنت الكويت الحداد الوطني لثلاثة أيام, تكريمًا لما قدّمته للكويت.
٭ غلاف عدد شهر فبراير يحتفي بعطاء الفنّانة الكويتية عائشة المرطة.