حيوانات دخلت التاريخ عنزة غاندي
بعد دراسته للقانون فى بريطانيا, عاد غاندي ليبحث عن فرصة عمل مناسبة في الهند, ولِيُمارس عن طريقها تخصّصه, لكنه لم يوفّق, فقرّر قبول عرض للعمل جاءه من مكتب للمحاماة في «ناتال» بجنوب أفريقيا, وسافر بالفعل إلى هناك عام 1893, وكان في نيّته البقاء مدّة عام واحد فقط, لكن أوضاع الجالية الهندية هناك جعلته يعدل عن ذلك, فقضى وقتًا طويلاً يساعد العمال ويدافع عن حقوقهم, واستمرّت مدّة بقائه في تلك الدولة الأفريقية 22 عامًا.
عاد غاندي من جنوب أفريقيا إلى الهند عام 1915, وفي غضون سنوات قليلة من العمل الوطني أصبح الزعيمَ الأكثر شعبية, وركّز عمله العام على النضال ضدّ الظلم الاجتماعي من جهة, وضدّ الاستعمار من جهة أخرى, واهتمّ بشكل خاص بمشاكل العمال.
وهب الزعيم الهندي غاندي حياته لنشر سياسة المقاومة السلمية أو اللاعنف, واستمر على مدى أكثر من خمسين عامًا يُبشّر بها, وظل يقاوم الاحتلال الإنجليزي لبلاده. وفي سنوات حياته الأخيرة زاد اهتمامه بالدفاع عن حقوق الأقلّية المسلمة, وتألّم لِانفصال باكستان عن الهند, وحزن لِأعمال العنف التي شهدتها كشمير, ودعا الهندوس إلى احترام حقوق المسلمين, ممّا أثار حفيظة بعض متعصّبيهم, فأطلق أحدهم رصاصات قاتلة عليه أودت بحياته.
فما حكاية العنزة?
بريطانيا التي كانت تستعمر الهند عملت على استغلال ثرواتها لصالحها دون مراعاة لمصالح الشعب الهندي, فكانت تشتري من الهنود منتجات بلادهم بثمن بخس, وفي نفس الوقت تجلب مصنوعاتها وتبيعها للهنود بأثمان باهظة جدًا, فقرّر غاندي أن ينتهج أسلوبًا جديدًا في محاربة الاستعمار البريطاني حيث قرّر شراء عنزة وربطها في وسط ميدان نيو دلهي, وصار لا يتغذى إلا من حليبها, وقرّر أن يلبس من نسيج شعرها, ليضرب لشعبه مثالًا على التقشّف والزهد وللاستغناء عن البضائع البريطانية, فتأثّرت به شرائح كبيرة من الأمّة الهندية, وقلّدته فيما صنع, و توافد الهنود تباعًا بمقتنياتهم المصنوعة في بريطانيا إلى ميدان نيودلهي ليحرقوها بالنار تضامنًا مع غاندي وعنزته, كما قاطعت كافّة شرائح الأمة صناعات بريطانيا عمومًا, فأصابها الكساد, ومن ثم تسبّبت في خسائر فادحة للبضائع الإنجليزية. لقد شجّع غاندي الهنود على الإنتاج والاعتماد على النفس, وعاش متواضعًا يشجّع مجتمعه على الاكتفاء الذاتي. كما نسج ملابسه يدويًا بالغزل, و كان نباتيًا يكتفي بالقليل من الطعام. ويذكر التاريخ أن عنزة غاندي هي الحيوان الوحيد الذي استطاع أن يدخل البرلمان البريطاني, لأنها كانت دومًا في صحبة الزعيم غاندي!.
٭ وُلد غاندي في 2 أكتوبر 1869, وتوفّي في 30 يناير ١٩٤٨, ويُعدّ سياسيًا ومفكّرًا وزعيمًا روحيًّا هنديًّا أثّرت أفكاره بالعالَم أجمع, ومنها فلسفة اللّاعنف القائمة على رفض إيذاء النفس والآخرين تحت أي ظرف كان. ولِسلمية اللاعنف كوسيلة تعبير عند عن عدم التعاون, ولذلك فقد اعتبرت الأمم المتحدة يوم ميلاد غاندي 2 أكتوبر يومًا عالميًا لِلّاعنف.